عبده الحامولي.. سيد المطربين الذي أهدر دمه الخديو إسماعيل بسبب ألمظ
سيد المطربين ومجدد الموسيقى العربية فى القرن التاسع عشر، غنى مزيجًا من الغناء المصرى، والغناء التركى الذي كان سائدًا في تلك الفترة الزمنية، جمع بين الشعر والموسيقى فاستطاع ان يضع اللبنة الأولى للموسيقى المسرحية في مصر المطرب الفنان عبده الحامولى الذى رحل في مثل هذا اليوم 12 مايوعام 1901.
وُلد عبده الحامولى عام 1836 واتجه إلى الغناء، وبدأ يحيى الموالد والأسواق وهو فى الخامسة عشرة بعدما طرده أبوه من بيته بسبب غنائه وفى قهوة عثمان آغا كانت البداية حيث تعرف على يوسف المنيلاوى الذى اصطحبه إلى الأفراح والليالى الملاح وكان من أشهر مواويله (دنا لو شكيت ربع ما بى للحديد ليدوب).
مطرب الموالد والافراح
وفي مدينة طنطا نشأ عبده الحامولى محبًا للغناء وكان يسمع كبار المقرئين في مسجد السيد البدوي، وشهد ليالي المولد التى تقام شهرًا كل عام حول مسجده، ويؤمها أعظم المنشدين والمطربين العازفين، ومنهم الشيخان محمد شعبان ومحمد المقدم اللذان كانا أول من التفت، من كبار المطربين إلى صوت عبده الحامولى في حلقات الإنشاد، فعرفا قدره وتوقعا له نجاحًا عظيمًا.
فى مقهى شعبان
وفي قهوة المعلم شعبان في حي الأزبكية الشهير سمع القاهريون صوت عبده الحامولى وفضلوه على جميع المطربين، والتفوا حوله، وأعلنوا عنه في كل مكان حتى وصلت شهرته إلى قصر عابدين، مقر الخديوي إسماعيل باشا، فطلبه الخديوي وصار مطربه وغمره بعطاياه، حتى صارت لعبده الحامولى مكانة خاصة في المجتمع المصري فى تلك الأيام
تغنى عبده الحامولى كثيرا بمصر كثيرا فقال (والله إن سعدني زماني ما أسكن إلا في مصر... وابني جنينة ومن فوق الجنينة قصر).
قال أحمد شوقى
ولأن عبده الحامولى كان لا يبدأ الغناء إلا بعد منتصف الليل فقال عنه أمير الشعراء أحمد شوقى: عبده.. بيد أن كل مغن.. عبده فى افتتانه وابتكاره / يسمع الليل منه الفجر يا ليل.. فيصغى مستمهلا فى قراره.
اعتاد عبده الحامولى فى زمانه أن يصعد مئذنة مسجد الحسين فى شهر رمضان، ويقدم الأذان وينشد الابتهالات والتواشيح الدينية، وأصبح سكان المنطقة ينتظرون اليوم الذي سيؤذن فيه عبده الحامولى تحت مئذنة المسجد الحسيني قبيل صلاة الفجر.
وذات ليلة وأثناء إحيائه فرحًا فى حى الجمالية فسمع صوت جميل يقول (روحى وروحك حبايب) فشعرأنها تغنى له وحده فوقع فى هواها وتزوج منها وهى سكينة الشهيرة بألمظ التى كانت صاحبة الصيت، ودفعها إلى اعتزال الغناء لتصبح له زوجة وحبيبة فقط.
الخديو يهدر دم الحامولى
ولأن سى عبده كان دمه حامى وشديد الغيرة على ألمظ إلا أن الخديو إسماعيل كان قد اعتاد سماعها قبل زواجها وهى تغنى له (والنبى لهشه ده العصفور، وانكش له عشه ده العصفور) وكانت أوامر الخديو كالسيف ومن يرفضها يهدر دمه وطلب يوما أن تغنى له ألمظ ولما رفض الحامولى أهدر الخديو دمه، ووقع سى عبده فى مأزق وذهب إلى الشيخ علي الليثى شاعر الخديو يوسطه فى إعفاء ألمظ من الغناء الذى وسط شقيق الخديو فى الرضاعة إسماعيل المفتش، فى اللحظة التى أرسل فيها الخديو ضباطه وجنوده لإحضار ألمظ إلى قصره، ولولا تدخل إسماعيل المفتش لشنق سى عبده الحامولى.
موقف حزين
مرضت ألمظ وبعد سنوات رحلت واستسلم هو للقضاء والقدر، وبعد سنوات وأثناء غنائه على مسرح الأزبكية وصله خبر وفاة ابنه الوحيد مختنقا فاستمر فى الغناء ثم قال لجمهور المسرح (لقد شاركتمونى أفراحى، فهل تشاركونى الآن أحزانى، وأمسك العود وغنى لابنه فقال:
الصبر محمود على اللى مثلى.. على بعده وحنيني / والحزن فى القلب يسلى.. والرب يلطف بعبده يا كبدى يا ولدى.
أصابه المرض ورحل عبده الحامولى وهو في التاسعة والخمسين من عمره، وخرجت ألحانه وأغانيه إلى النور بعد وفاته من خلال فرقة الموسيقى العربية منذ إنشائها عام 1967.