رحل وهو يقرأ القرآن.. ذكرى رحيل القارئ محمد سلامة | فيديو
تحل اليوم ذكرى رحيل علم من أعلام دولة التلاوة المصرية الشيخ محمد عبد الحليم سلامة، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 1986.
كان الشيخ سلامة يقرأ ويُعلّمُ القرآن ومِمَّن تَتَلمذَ على يديه وتأثَّر به من القراء كامل يوسف البهتيمي ومحمد صديق المنشاوي، وكلاهما عاش ودرس في منزل الشيخ سلامة فترة من الوقت، وعاصر القارئ محمد سلامة الفترة الذهبية لعصر التلاوة، ونال شهرة واسعة رغم أنه لم يقرأ في الإذاعة أول الأمر، قال عنه الكاتب محمود السعدني في كتابه «ألحان السماء»: «عاصر الفترة الذهبية لعصر التلاوة أيام الشيخ علي محمود وغيره، ونال من الشهرة ومن المجد مالم ينله مقرئ من قبل حتى ولا الشيخ أحمد ندا،».
وبرع الشيخ سلامة، فى اداء التلاوة القرآنية، حيث كان ثانى قارئ بعد الشيخ محمد رفعت يربط النغمة مع المعنى وكان صاحب مدرسة الخط المباشر فى التلاوة من طريقة الشيخ على محمود.
وتمتع الشيخ سلامة بحب كل من عرفه أو سمعه وهو يتلو كتاب الله تعالي، مما كانت له سمات طيبة فى أخلاقه تميز عن غيره من المقرئين خاصة انه عاصر رموز التلاوة فى مصر امثال مصطفى اسماعيل وعلى محمود وغيرهما من مشاهير القراء فى مصر.
وكان الشيخ سلامة طالبا فى الأزهر الشريف، وفى سن التاسعة عشرة شجع على ان يصبح قارئا وكان يقرأ بالفعل وهو فى سن العاشرة. وشارك الشيخ سلامة فى ثورة 1919 ضد البريطانيين، واعترف بدوره فيها بفخر واعتزاز. وهو القارئ المبرز الوحيد الذى رفض ان يسجل للاذاعة، واحد اسباب ذلك انها لم تستطع ان تستجيب لبعض شروطه، مثل ألا يذاع ما يسجله فى الشوارع والحانات، والا يسمح للمذيعات الاناث بالتواجد فى الحجرة التى يسجل فيها القرآن.
واشترك الشيخ سلامة فى مؤتمر القراء فى سنة 1937، والذى نتج عنه تأسيس رابطة القراء ولكن المسألة الخطيرة، هى ان بعض القراء كانوا خائفين من ان اذاعة القراءة ربما تضر القراء الاقل شهرة، وان يقل الطلب لخدماتهم وكان الشيخ سلامة واضحا وصادقا فى عقيدته الى ابعد حد.
وكان فى ادائه متحفظا فى لفتاته وايماءاته، ويجلس جلسة التشهد اى لايربع رجليه ويتجاهل تعليقات الاعجاب، حتى ينصرف عن اولئك الذين يأتون اليه ليقبلوا يده، أو ليمدحوه.
وعندما يقرأ قارئ آخر كان الشيخ سلامة يستمع اليه مغمضا عينيه وخافضا رأسه وكان هو المرشد المعترف به للشيخ كامل يوسف البهتيمي، والشيخ محمد صديق المنشاوي، وعاش كلاهما فى بيته فترة من الوقت.
وفى سنة 1947، كان هو والشيخ مصطفى اسماعيل يحييان «ليلة اربعين» فى حى عابدين، وبعد ان قرأ الشيخ محمد سلامة ما تيسر من سورة الحج، جاء الشيخ مصطفى وقرأ ما تيسر من سورة هود، ثم اراد ان «يختم الليلة» بقراءة قصار السور، وتدخل بعض ذوى الشأن، وصعد الشيخ سلامة الاريكة وظل يقرأ ويبدع دون توقف اكثر من سبع ساعات، حتى سمع اذان الفجر من مسجد مجاور، فقال صدق الله العظيم.
سافر عام 1986 الى المملكة الاردنية موفدا من وزارة الأوقاف، لإحياء ليالي شهر رمضان وتوفي وهو يقرأ القرآن الكريم يوم الأحد 11 مايو 1986 إذ اصيب بأزمة قلبية وصعدت روحه إلى بارئها وهو يقرأ القرآن في شهر القرآن.