عاطف فاروق يكتب: الاختلاس كشف الفوضى بـ البحوث الجنائية والقومي للإدمان
شدد حكم قضائي مهم صادر عن مجلس الدولة على أن الاضطراب وعدم الاستقرار والفوضى والارتباك كشف عن أول قضية فساد مالي وإداري من العيار الثقيل داخل المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والمجلس القومي لمكافحة الإدمان عوقب على إثرها 5 مسؤولين بعد ثبوت ارتكابهم جرائم التزوير واختلاس المال العام والتلاعب في صرف المكافآت لغير المستحقين.
أكدت المحكمة عبر أسباب حكمها أن المتهم الأول عبد المحسن إمام محمد، مندوب الصرف بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والمجلس القومي لمكافحة الإدمان قام بتزوير توقيعات كل من (شريف عبدالجواد وأميمة سليمان وفاطمة أحمد رجب ورحاب محمد عبدالمنعم ونيفين حسن ودينا فتحي وراندا محمد أبو راشد وعزيزة عبد العظيم صالح) على الاستمارات وكشوف الصرف للمكافآت التي صرفت لهم، وثبتت هذه المخالفة في حق المُحال الذي أقر بها، مضيفًا أن ذلك أمر معتاد وعُرف مستقرّ في ظل أنه يعمل وحده بالخزينة ولكثرة عدد العاملين بالمركز.
كما قام المتهم باختلاس مبلغ ١١٠٥٩،85 جنيها المقررة نظير مكافآت عن أعمال بحثية وفقا للقرارات المشار إليها آنفًا، وثبتت هذه المخالفة بدورها في حقه، بموجب إقراره بها مبرّرًا امتناعه عن تسليم تلك المبالغ لأصحابها بأنه كان التزامًا منه بتوجيهات المحالة الثانية الشفهيّة، وهو ما تنتهي معه المحكمة لثبوت هذه المخالفة في حقّ المحال.
أعمال بحثية
وأدخلت المحالة الثانية إيمان صادق رضوان، الأمين العام للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية التدليس في العرض على مديرة المركز القومي للبحوث الاجتماعية ومقررة المجلس القومي لمكافحة الإدمان بعرضها مذكرات تفيد اشتراك بعض العاملين في أعمال بحثية ومن ثم استحقاقهم مكافآت عن ذلك على خلاف الحقيقة.
وأقرّت المحالة بالتحقيقات قيامها بإعداد مذكرات العرض على لجنة المكافآت تمهيدًا للعرض والاعتماد من مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أو مقرّرة المجلس القومي لمكافحة وعلاج الإدمان، مدّعيةً أن تلك المكافآت صُرفت للموظّفين المعنيّين نظير أعمال بذلوها ذات صلة بدعم الأعمال البحثيّة، وهو ما نفاه واقع الأمر من إنكار هؤلاء الموظّفين لأداء تلك الأعمال أو صرف المكافآت المقررة عنها وآزره ما نُحيل إليه من أدلّة ثبوت تم سردها في إطار ما نُسب للمحال الأول من مخالفات، الأمر الذي تنتهي معه المحكمة إلى ثبوت المخالفة في حقها.
والمحال الثالث وائل محمد علي، مدير إدارة الإستحقاقات بالمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية أنشأ وأعد استمارات صرف لمكافآت عدد ستة عشر من المنتدبين للوحدة الحسابية بالمجلس القومي لمكافحة وعلاج الإدمان بنسب تزيد عن النسب المقررة قانونا بدون مسوّغ قانوني، مخالفًا بذلك الكتاب الدوري رقم 89 لسنة 2012 وغيره من الكتب الدورية المعمول بها، وكذا بالمخالفة لصريح أحكام القرارات الصادرة بندب المذكورين، والتي تضمّنت صراحةً سريان أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1445 لسنة 2007 عليهم، وبالمخالفة لحدود التفويض رقم 3 لسنة 2013/2014 الصادر من وزيرة التضامن الاجتماعي "بصفتها رئيسة المجلس القومي لمكافحة وعلاج الإدمان" لمُفوّضة المجلس في اختصاصاتها باعتماد الصرف.
السلطة المختصة
وكان يتعين على المحال إعادة العرض على السلطة المختصة وتنبيهها للمخالفة المالية مستمسكًا بخلو النص أو بخصوصيّة النصوص المالية أو بمخالفة الكتب الدوريّة، لا سيّما وأنه لم يتم التطبيق إلا في غضون عام 2015 - بما وفّر له سعة الوقت لطلب الرأي من الإدارة القانونيّة أو جهات الرقابة الماليّة عليه، الأمر الذي تطمئنّ معه المحكمة إلى ثبوت مسئوليّة المحال عمّا نُسب إليه من مخالفات.
ونُسب للمحال الرابع على أن أحمد محمد علي، مراجع الحسابات بالمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية قيامه بمراجعة الاستمارات رغم مخالفتها لقرار الحظر والقرارات الوزارية، ورغم وجود زيادة في نسب المكافآت للمنتدبين المذكورين بدون مسوغ قانوني، وإذ كان المحال والحالة هذه قد خالف أحكام المادة 14 من قانون المحاسبة الحكوميّة والمادة 8 من اللائحة الماليّة للموازنة والحسابات التي أوجبت عليه الاطّلاع على ترخيص الصرف، والمادة 20 من ذات اللائحة والتي ألزمته بمراجعة كشوف الأجور مراجعةً دقيقةً ومطابقتها للقوانين واللوائح المعمول بها.
والمحالة الخامسة ميرفت غريب عبد الكريم، مندوب الصرف بالمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية والمجلس القومي لمكافحة الإدمان اعتمدت الاستمارات الإشارة بالمخالفة للقانون وللقرارات الوزارية الصادرة في هذا الشأن، وأغفلت تطبيق نص المادة 14 من اللائحة المالية، مما ترتب عليه صرف مبالغ مالية خلال الفترة من سبتمبر ٢٠١٥ حتى سبتمبر ٢٠١٦ بلغت ٥٠٤٩٧٢،٩۱ جنيها، وثبتت هذه المخالفة من واقع تقارير المفتشين بوزارة المالية، وإقرار المحالة بسلوكها المخالف.
منطوق الحكم
وأحاطت المحكمة بسائر أوراق الدعوى ومرفقاتها وانتهت لثبوت مسئوليتهم عمّا نُسب إليهم من مخالفاتٍ قام ثبوتها على وجه القطع واليقين، دون أن يغيب عن نظرها ما شاب العمل بالمرفق الذي ينتمون إليه من اضطراب وعدم استقرار، وما شاب تنظيمه القانونيّ من قصور، وما سيطر على العاملين به من فوضى وارتباك.
ولهذه الأسباب قضت المحكمة بمجازاة عبدالمحسن إمام محمد بغرامة تعادل خمسة أضعاف الأجر الوظيفي الذي كان يتقاضاه فى الشهر عند انتهاء خدمته، ومجازاة إيمان صادق رضوان بغرامة تعادل ضعفي الأجر الوظيفي الذي كانت تتقاضاه فى الشهر عند انتهاء خدمتها، وخصم أجر 10 أيام من راتب وائل محمد علي وأحمد محمد علي، وخصم أجر 20 يومًا من راتب ميرفت غریب عبدالكريم.