ولد ورحل في مثل هذا اليوم.. 72 عاما على رحيل قيثارة السماء.. وبهذا وصفه عبد الوهاب والشعراوي
صوت ملائكي لقب بقيثارة السماء ومقرئ الشعب، تعد تلاوته أصدق وأعذب ما تكون التلاوة لما فيها من حلاوة وعذوبة.
هو صاحب مقولة "قارئ القرآن لا يهان".. هو الشيخ محمد رفعت رائد مدرسة التلاوة في مصر والعالم العربي الذي ولد ورحل في مثل هذا اليوم بفارق 68 عاما (1882 ـ 1950).
عن بداياته مع التلاوة قال الشيخ محمد رفعت: بدأت حفظ القرآن وأنا في الخامسة من عمرى، وكانت النية تتجه الى إلحاقي بعد ذلك بالأزهر، لكن شاء الله بعد ست سنوات، أتممت فيها حفظ القرآن ومجموعة من الأحاديث النبوية، وبعدها عامين في علم التجويد، أن أحيى بعض الليالي في القاهرة بترتيل القرآن الكريم، ولم أكمل الرابعة عشرة، وبعدها أدعى للترتيل في الأقاليم.
فتوى الأزهر
عندما افتتحت الإذاعة المصرية عام 1934 استعانت به لقراءة القرآن الكريم، إلا أنه رفض لاعتقاده أن القراءة في الراديو حرام، ولم يوافق إلا بعد أن أخذ رأى الأزهر، حيث استفتى الشيخ مصطفى المراغي في ذلك، وبعد إصدار الفتوى بحل القراءة في الإذاعة، فانطلق بصوته الذهبي في الإذاعة بأول آية من سورة الفتح {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}.
واستمر من يومها إلى يومنا هذا علامة من علامات شهر رمضان يرتقبه المسلمون مع حلول المغرب لتناول الإفطار.
عندما سئل الشيخ محمد رفعت عن سبب رفض قراءته بالاذاعة حتى يستصدر فتوى بذلك قال: أخشى إن يكون وجود الراديو في الأماكن العامة كالحانات والبارات يجعل القرآن الكريم يُقرأ على السكارى فارتكب إثمًا.
فقد اختير الشيخ محمد رفعت لترتيل القرآن في الليالي الرمضانية، وهو في سن الخامسة عشرة ليعول أسرته بعد وفاة والده، فنال محبة الناس وحصل على شهرة واسعة، وأصبح القارئ لمسجد فاضل بحي السيدة زينب، وأحب الاستماع إليه الملك فاروق الذي أمر بأن يقرأ في الإذاعة ثلاث مرات في اليوم.
أحب أوقات الشيخ
ويحكي القارئ الشيخ محمد رفعت طريقة حياته بعد الشهرة التي حصل عليها فيقول: قضاء الوقت بين الأسرة والأولاد، ولا أغادر بيتي إلا إلى محطة الإذاعة لتلاوة القرآن أو فى مسجد الأمير فاضل بدرب الجماميز يوم الجمعة أو سهرة أدعى لإحيائها.. أصحو مبكرا وأصلي الفجر ثم أشرب القهوة ثم استقبال الاصدقاء والزوار، ولا آكل في اليوم إلا مرة واحدة ومن أحب الأكلات "سد الحنك"، وبالنسبة إلى أحب الأوقات هي التي اقضيها بجوار الفونوغراف الأثري في بيتي، الذي صنع عام 1903، مستمعا إلى الشيخ سيد درويش وعبده الحامولي وصالح عبد الحي.
في فجر أحد أيام رمضان وأثناء تلاوته القرآن بمسجد فاضل باشا بدرب الجماميز عام١٩٥٠، أصيب الشيخ الجليل محمد رفعت بالزغطة نتيجة لمرض لعين في حنجرته أدى إلى احتباس صوته.
وظل على هذا المرض حتى أنه باع أثاث بيته في العلاج، ورفض كل التبرعات التي قدمت له وكان يقول: “الشافي هو الله”، حتى فاضت روحه الطاهرة وعلى لسانه عبارة "الحمد لله".
اكتتاب شعبي
كان الكاتب الصحفي أحمد الصاوي محمد قد دعا إلى اكتتاب شعبي لعلاج الشيخ محمد رفعت، وانهالت التبرعات من مختلف أنحاء العالم مسلمين ومسيحيين، حتى وصلت ٥٠ ألف جنيه رفضها الشيخ رفعت، قائلًا: "أراد الله أن يمنعنى التلاوة، ولا راد لقضائه"، وتوفي بعدها بشهور قليلة.
صوت من السماء
وصفه الموسيقار محمد عبد الوهاب بأن: صوته ملائكي يأتي من السماء لأول مرة.
وقال عنه الشيخ الشعراوي: إن أردنا أحكام التلاوة فالشيخ الحصري، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد، وإن أردنا النفس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا كل هؤلاء جميعا فهو الشيخ محمد رفعت.