رئيس التحرير
عصام كامل

بعد انتهاء رمضان.. كيف يستكمل المسلم الرحلة النورانية؟

الدكتور عبدالله النجار
الدكتور عبدالله النجار استاذ الشريعة الإسلامية

بعد انتهاء شهر رمضان والعيد المبارك نسأل الله أن يتقبل صيامنا وقيامنا وزكاتنا ويجعله في ميزان حسناتنا بعد أن أدى كل منا واجبه لكن بقى من بعد الفطر من صيام ستة أيام من شهر شوال استكمالا للرحلة الروحية والنورانية لشهر رمضان الكريم.


ويقول الشيخ منصور الرفاعى عبيد وكيل أول وزارة الأوقاف السابق: إذا انتهى يوم الفطر بخير جاز للمسلم الصيام تطوعا، والتطوع هو التقرب إلى الله بما ليس بفرض من العبادات ، وهذا مأخوذ عن قوله تعالى (فمن تطوع خيرا فهو خير له) ومن الحديث القدسى (مازال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به ،وبصره الذى يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشى عليها، وكنت له نورا في الظلمات، إن سألنى أعطيته وإن استغفرنى غفرت له، وإن استعاذ بى أعذته ).

أفضل العبادات 

ومما لا شك فيه أن الصيام من أفضل العبادات لأنه يقوى الإرادة ويعلم الصبر ويساعد على صفاء الذهن فقد قال لقمان الحكيم لولده (يا بنى إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة).
فالصوم يعلم الانضباط والنظام ، لأن الصائم يتناول طعامه وشرابه في ميعاد محدد ووقت محدد، كما ينمى الصيام في الإنسان عاطفة الرحمة والإخوة بين المسلمين، ولذلك رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام ستة أيام من شهر شوال، ففي الحديث الذى رواه أحمد في نيل الأوطار إن من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال فذلك صيام الدهر، وروى كذلك أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين فذلك سنة.

الدكتور عبدالله النجار 

وعن حكمة صيام الستة أيام من شوال التي يطلق عليها أحيانا الستة البيض بعد العيد، يقول الدكتور عبدالله النجار أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر: عن أبى هريرة رضى الله عنه قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان واتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر) وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة).

وهذا الحديث الشريف برواياته المختلفة يرشد المسلمين إلى أن معنى الصيام يجب أن يكون مستمرا في سلوكهم على مدار العام كله، فلا يصح أن يكون شهر رمضان سببا لترك الخير الذى ارتبطوا به، والحكمة في ذلك أن الحسنة في شرع الله بعشرة أمثالها، وبناء على ذلك الكرم الإلهى يكون ثواب شهر رمضان مساويا لثواب عشرة أشهر، وثواب ستة أيام يعادل ثواب شهرين، ومن ثم يتم ثواب العام كله.
وفى ذلك يقول ابن ماجه (جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين)، ولا شك أن تدل الآثار وغيرها على أن السنة هي المراد بالدهر في الحديث بيد أنه لا مانع أن تكون مبنى عمر الإنسان إذا قدر على نفسه، واستطاع أن يصوم رمضان في سنين عمره، ثم يتبعه بست من شوال في كل تلك السنوات فيصدق عليه أنه صام الدهر كله، وتتحقق فضيلة المتابعة لصيام شهر رمضان لصوم تلك الأيام الستة).

الجريدة الرسمية