الحرب القادمة.. تصاعد أزمة الصين وتايوان والسيناريوهات القاتمة
تتصاعد حدة التوتر بين الولايات المتحدة والصين على خلفية الحرب الاقتصادية بين العملاقتين غير أن ملف جزيرة تايوان يعد هو الملف الأخطر في الصراع خاصة بعد تصريحات صينية أن تايبيه جزء لا يتجزأ من الدولة الصينية ما تعترض عليه واشنطن بشدة تصل في حدتها لتحريك القطع العسكرية.
غزو الصين لتايوان
وفي خضم هذا الصراع رسمت مجلة «ناشيونال إنترست»، الأمريكية سيناريوهات مخيفة لما ستكون عليه عواقب غزو الصين لتايوان محذرة من أنها ستؤدي إلى حرب مباشرة مع الولايات المتحدة.
ونبهت المجلة، في تقريرها، إلى أنه «مقارنة بالحرب في أوكرانيا، فإن الحرب بين الصين وتايوان سيكون لها عواقب أسوأ بكثير مما نتخيله حاليًّا».
واعتبرت المجلة أنه من المرجح أن تتضمن أي حرب بين الصين وتايوان تدخلًا من قبل الولايات المتحدة، على عكس الحرب الروسية الأوكرانية حيث زودت واشنطن ببساطة المعدات والموارد العسكرية والمالية.
وقالت المجلة إن «المواجهة المباشرة بين القوات الصينية والأمريكية، وهما قوتان نوويتان وأكبر اقتصادين في العالم، ستكون غير متوقعة ولها عواقب مخيفة».
وأضافت: «كما رأينا مع الحرب الروسية الأوكرانية، كان للحرب تأثير كبير على الاقتصاد العالمي وأسواقه، خاصة فيما يتعلق بالنفط والغذاء.. إلا أن الصراع بين الصين وتايوان والولايات المتحدة من شأنه أن يتسبب في اضطراب أكبر بكثير، إذ إن الاقتصاد الصيني هو تقريبا نفس حجم اقتصاد الاتحاد الأوروبي بأكمله، والصين هي أيضًا أكبر شريك تجاري مع أكثر من 120 دولة في العالم».
ولفتت المجلة في تقريرها إلى أن الصين أيضًا تعتبر «مصنعًا عالميًّا»، حيث إن إنتاجها التصنيعي أكبر من إنتاج الولايات المتحدة واليابان وألمانيا مجتمعة ما يعني أن أي صراع من شأنه أن يعطل تجارة السلع التي يعتمد عليها العديد من شركائها التجاريين لتحقيق الاستقرار في مجتمعهم وإطعام شعبهم.
اضطرابات عالمية مدمرة
وقالت: «ستكون الاضطرابات في سلسلة التوريد من بلد يعمل كمصنع للعديد من سلع العالم مدمرة.. وعلى سبيل المثال، تنتج الصين جزءًا كبيرًا من الوصفات الدوائية ومعدات الحماية الشخصية التي يعتمد عليها الشعب الأمريكي».
وتابعت: «من المؤكد أن أي نزاع مع الصين سيعطل هذا الإمداد بالأدوية والإمدادات الطبية اللازمة… وبالإضافة إلى ذلك، تعد تايوان منتجًا رائدًا للرقائق المتطورة على مستوى العالم إذ إن شركة تايوانية واحدة فقط وهي شركة «Taiwan Semiconductor Manufacturing Company TSMC» – تستحوذ على أكثر من 50 % من الحصة السوقية العالمية للرقائق… كل هذا يوضح للأشخاص العقلاء أنه يجب تجنب الحرب بين الصين وتايوان ومنعها بشكل فعال حيثما أمكن ذلك“.
مشكلة لوجستية
وذكرت المجلة أنه إذا كانت روسيا تواجه مشكلة لوجستية في دعم الجبهة الحربية في أوكرانيا، فلن تواجه الصين مشكلة في القيام بذلك في تايوان مشيرة إلى أنه سيكون من السهل جدًا عزل تايوان لأنها جزيرة.
وأضافت: «في مصلحة الشعب التايواني، لا توجد طرق متاحة بسهولة للهروب مثل أوكرانيا، حيث إن تايوان محاطة بالمياه.. كما أن تايوان قريبة جدًا من البر الرئيسي للصين في حين أن المضيق الضيق الذي يبلغ عرضه 100 ميل (165 كلم) يجعل الدفاع الصاروخي الفعال لتايوان صعبًا للغاية».
ولفتت المجلة إلى أنه بالمقارنة مع روسيا، تعد الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم مع الكثير من الموارد البشرية والمادية التي ستركز جميعها على رؤية قوية مقبولة بشكل جماعي لإعادة التوحيد مع تايوان.
ورأت أنها ستكون حربًا أعدت الصين لها منذ عام 1949، مضيفة أن الجيش الصيني بنى عدة نسخ محلية من أهدافه العسكرية الرئيسية في تايوان مثل مطار عسكري رئيسي وحتى مبنى المكتب الرئاسي في تايوان.
وقالت المجلة: «بالنسبة للصين، يجب أن يكون الدرس المهم من أوكرانيا هو أن شن غزو ضد دولة أخرى أمر غير مقبول للمجتمع الدولي بأكمله.. وسيكون لغزو تايوان عواقب سلبية طويلة وكبيرة بدلًا من أن يجلب للصين ما تريده حقًا.. ولذلك تحتاج الصين إلى التفكير بجدية في العواقب طويلة المدى لحكم تايوان حيث يجب توقع حركات تمرد ومقاومة لا مفر منها من الشعب التايواني».
حلم الصين
وتابعت: «علاوة على ذلك، فإن حلم بكين في أن تصبح قوة عالمية محترمة يتطلب علاقات وظيفية مع الغرب… ومن مصلحة الصين الرئيسية تجنب المواجهة الكاملة والعداء مع الغرب بأكمله حول تايوان.. كما أن الاكتفاء الذاتي وتعميق العلاقات مع العالم النامي أمران مهمان، لكنهما ليسا بديلين».
ورأت المجلة أنه بالنسبة للولايات المتحدة، يجب على صانعي السياسة ذوي الرؤية الإستراتيجية طويلة المدى أن يدركوا أن استخدام تايوان كأداة لاحتواء الصين أو هزيمتها أمر مرغوب فيه، ولكنه سيكون لعبة شديدة الخطورة للعبها لأن عواقب مثل هذا الإجراء ستكون غير متوقعة.
وختمت قائلة: «بدلًا من رؤية النتيجة المرجوة للولايات المتحدة، من المحتمل أن تواجه عواقب ستكون سلبية إلى حد كبير، ومحسوسة بعمق، ودائمة… وحتى لو وضعنا العواقب الاقتصادية جانبًا، فإن أحد أسوأ السيناريوهات بالنسبة للإستراتيجيين الأمريكيين هو أن تسيطر الصين على تايوان لأن هذا من شأنه أن يكسر سلسلة الجزر الأولى للسيطرة ويسمح لسيطرة الصين بشكل أكبر على منطقة آسيا والمحيط الهادئ… علاوة على ذلك فإن أي تسليح لتايوان يمكن أن يخلق معضلة أمنية سيئة، ويمكن أن يحرض ويسرع الصراع بين الصين وتايوان والولايات المتحدة».
شبح الحرب
ويظل شبح الحرب بين الصين وتيوان ومن ورائها الولايات المتحدة الامريكية يؤرق العالم خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية والتي تسبب في أزمة اقتصادية عالمية؛ ما تسبب في زيادة القلق خاصة أن الصين تتمتع بعلاقات إستراتيجية وتاريخية قوية مع روسيا والتي دخلت بالفعل وسط موجة الغضب والعقوبات الغربية بسبب الحرب ضد أوكرانيا.
ويكمن السيناريو الأسوأ في انفلات الأوضاع لتشكيل جبهات عالمية تتصارع فيما بينها خارج حدود الاقتصاد الدولي لتصل إلى الصدام العسكري.