إجلاء 20 مدنيا من مجمع آزوفستال بأوكرانيا
تمكن 20 مدنيًّا من الأوكرانيين هم نساء وأطفال من المتحصنين بـ مجمع آزوفستال من الخروج من المجمع في طريق اجلاؤهم إلى زابيوريجيا الواقعة تحت السيطرة الأوكرانية.
مجمع آزوفستال
وقال نائب قائد كتيبة آزوف سفياتوسلاف بالامار: "نُقل عشرون مدنيًّا هم نساء وأطفال، إلى مكان مناسب ونأمل أن يتم إجلاؤهم إلى زابوريجيا الواقعة في الأراضي الخاضعة لسيطرة أوكرانيا".
المجمع الصناعي
في وقت سابق السبت، أفاد مراسل وكالة أنباء تاس الروسية في المدينة أن 25 مدنيًّا بينهم ستة أطفال تقل أعمارهم عن 14 عامًا غادروا المجمع الصناعي.
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، بفرض حصار على مجمع مصانع الصلب حيث لا يزال مئات من المقاتلين والمدنيين الأوكرانيين يحتمون في شبكة الأنفاق التي تعود إلى الحقبة السوفياتية، ويتطلب وضع كثيرين منهم عناية طبية.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حذّر مرارًا من أن تصفية المقاتلين في آزوفستال ستؤدي إلى وقف محادثات السلام مع روسيا.
وبعد نحو شهرين من القتال في معارك مضنية مخضبة بدماء العشرات من القوات الروسية والأوكرانية سطرت موسكو انتصارها في مدينة ماريوبول الإستراتيجية الأوكرانية، بالتزامن مع إعلان الرئيس الروسي تغيير إستراتيجية روسيا داخل أرض المعركة.
إستراتيجية الجيش الروسي في ماريوبول
ومع إعلان انتصار الجيش الروسي على المنطقة المطلة على بحر آزوف والتي تعد أحد أهم الأهداف الإستراتيجية بقي مصنع للتعدين يقض مضجع القادرة الروسي وعلى رأسهم الرئيس الروسي ووزير الدفاع سيرجي شويجو والذي أعلن أن أكثر من ألفي مسلح محاصرون الآن في مصنع أزوفستال".
ليأتي القرار من الرئيس الروسي والذي هنأ وزير الدفاع على نجاح العملية في ماريوبول، بالتزامن مع أمر بإلغاء خطط اقتحام مصنع التعدين، مشيرا إلى أنه يريد استمرار حصاره بشكل آمن بدلا من ذلك في إستراتيجية جديدة تسمى «المحاصر في سراديب الموت».
وتشمل هذه الإستراتيجية عدم الدخول في مصيدة القوات الأوكرانية خاصة أن المنطقة تتألف من شبكة واسعة من الأنفاق تحت الأرض.
وأبلغ الرئيس الروسي وزير الدفاع أنه يريد محاصرة آخر المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين في موقع المعادن في آزوفستال لأن شن هجوم سيكلف الكثير من الأرواح.
وقال بوتين: «أعتبر الهجوم المقترح على المنطقة الصناعية غير مناسب. أطلب إلغاءه. يجب أن نفكر... في حياة وسلامة جنودنا وضباطنا ولا يجب أن ندخل سراديب الموت هذه ونزحف تحت الأرض. يجب إغلاق هذه المنطقة بأكملها؛ بحيث لا ندع ذبابة واحدة تمر».
حرمان روسيا من النصر الكامل
ومع أن استمرار سيطرة الأوكرانيين على المصنع تحرم روسيا من إعلان النصر الكامل في ماريوبول، فإن الاستيلاء على المدينة يمثل أهمية إستراتيجية ورمزية معًا، إذ أنها تعد مهد مجموعات أوكرانية مسلحة تطلق على نفسها اسم كتيبة آزوف نسبة إلى بحر آزوف الذي تقع عليه ماريوبول.
وأكدت الخبيرة الأميركية المتخصصة في الشؤون الإستراتيجية إيرينا تسوكرمان، إن الانتصار الكامل في ماريوبول "نقطة مهمة من الناحية الاستراتيجية لأنها اتصال للجسر البري الذي تخطط روسيا له إلى شبه جزيرة القرم، الذي سيسمح بنقل المقاتلين والإمدادات والأسلحة بسهولة بين الموقعين".
وأضافت تسوكرمان بحسب شبكة سكاي نيوز": "يسمح الاستيلاء على ماريوبول لروسيا بقطع جميع موانئ البحر الأسود التي تستخدمها أوكرانيا".
وأشارت إلى أن "روسيا تهدف أيضا إلى إمكانية الوصول للممرات المائية، وهذا عنصر أساسي في استراتيجيتها منذ الحرب العالمية الأولى، مع الأخذ في عين الاعتبار أن تركيا منعت السفن الحربية الروسية من دخول البوسفور، الأمر الذي يضغط على القوات الروسية في سوريا".
وتستمد ماريوبول، وهي ثاني أكبر مدن دونيتسك التي اعترفت روسيا باستقلالها هي ولوجانسك في فبراير الماضي، أهميتها الاستراتيجية من موقعها الجغرافي، فبها أكبر ميناء على بحر آزوف المتصل بالبحر الأسود عبر مضيق كيرتش.
ويقترب عدد سكان ماريوبول من نصف مليون نسمة، وبها نسبة كبيرة من الروس إلى جانب الأوكرانيين واليونانيين والبيلاروس والأرمن وغيرهم.
ماريوبل وسط النار من 2014
وبعد أحداث 2014 التي أطاحت نظام فيكتور يانوكوفيتش، تحولت ماريوبول إلى إحدى ساحات المواجهة بين السلطات الأوكرانية الجديدة ومعارضيها.
وفي أبريل 2014، أصبحت المدينة جزءًا من جمهورية دونيتسك الانفصالية (المعلنة من طرف واحد)، قبل أن تستعيدها السلطات الأوكرانية في يونيو من العام ذاته نتيجة عملية هجومية خاضتها قوات الجيش النظامي وأفراد كتيبة آزوف، المشكلة من القوميين الأوكرانيين.
ومنذ ذلك الوقت، باتت ماريوبول مركزًا عسكريًّا وسياسيًّا مهما للسلطات الأوكرانية على خط التماس بين طرفي النزاع المسلح في دونباس.
ومع كل تلك الأهداف الإستراتيجية في ماريوبول يتشكف أن الانتصار الروسي أتى بثمن باهظ تسبب في تغيير إستراتيجية موسكو من الهجوم للمحاصرة في معركة الرمق الأخير للقوات الأوكرانية والتي ستحسمها الأيام المقبلة.