كيف خرجت الهند من عنق الزجاجة اقتصاديًا؟
تكليفات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكومة على هامش إفطار الأسرة المصرية بشأن دعم القطاع الخاص، لتفعيل دوره في تنمية الإقتصاد ودعم وتوطين الصناعات الوطنية وتوسيع قاعدة الصناعات الكبرى والمتوسطة يجلعنا نفكر في إطروحات خارج الصندوق لدفع الإقتصاد الوطني، أو الإطلاع على تجارب الدول الآخرى للإستقاء من خبراتهم.
ولنا في التجربة الهندية أسوة حسنة ففي الوقت الذى كان فيه الدكتور عاطف صدقى رئيس وزراء مصر الأسبق يطلق إشارة الخصخصة في مصر تحت شعار الاصلاح الاقتصادى كان عراب الاصلاح الاقتصادى الهندى مانوهان سينغ وزير المالية الهندى الأسبق يرسم خارطة طريق حقيقية لعمليات الاصلاح الاقتصادى الهندى بما دعم نمو الاقتصاد الهندى وجعل الهند أحد كبريات الدول نموا في الاقتصاد.
الانتعاش الذى يشهده الاقتصاد الهندى بدأ فى عام 1993 من خلال حزمة إصلاحات حقيقية بينما كانت محاولات الاصلاح الاقتصادى فى عهد حكومات عاطف صدقى وعاطف عبيد وأحمد نظيف مرتعا خصبا للفساد مازلنا نعانى ويلاته حتى الان.
الاقتصاد الهندى
حتى بداية التسعينات كان الاقتصاد الهندى يقوم على مركزية الدولة والتوسع في دور القطاع العام وتعزيز الإدارة من خلال البيروقراطية وسياسة الانعزال الاقتصادى بل أن الهند فى عام 1991 كانت مهددة بشبح الافلاس بل وانهارت موارد الدولة بشكل كبير.
لم تخرج الهند من كبوتها الاقتصادية من خلال النوايا الطيبة بل من خلال العمل الجاد ومحاولة إجتثاث جذور الفساد فكانت خطط سينغ فى ضرورة تحرير الاقتصاد والاتصال على العالم وفتح الباب الامام الاستثمارات الاجنبية ودعم الاقتصاد الحر بشكل متدرج وفتح مجالات الاستثمارات في المجالات التى كان يحتكرها القطاع العام وفتح التراخيص وتبسيط إجرائتها أمام الاجانب وخلال سنوات معدودة جنت الهند ثمار ذلك حيث إنخفض معدل التضخم وبدأت الشركات في تشغيل الشباب وإنخفض الدين العام.
بل أن التشريعات الهندية أعطت الحق للأجانب التملك الكامل فى العديد من المشروعات مثل الصناعات البترولية والطرق والسياحة. وقد لا تصدق أن الولايات المتحدة الامريكية تستورد من الهند ما تربو قيمته عن 42 مليار سنويا.
في الهند هناك إعلاء لسلطة المحكمة الدستورية العليا خاصة فيما يتعلق بأي صورة من صور إنتهاك الدستور حتى ولو من قبل السلطات التنفيذية وهو ضمانة قوية لتصحيح مسارات أى أنحراف.
لقد توجه الاقتصاد الهندى بقوة لدعم المشروعات الصغيرة التى تمثل حوالى 50% من حجم الانتاج الصناعى، كما مثلت تكنولوجيا المعلومات ثلث إنتاج القطاع الخدمى وتدشين المدن الذكية ومبادرات التصنيع في الهند.
نعم نجحت الهند في إحداث حراك اقتصادى من خلال إدراك قيمة العمل وإدارة جيدة لمواردها بل تفوقت على الصين في معدلات النمو الاقتصادى ومع ذلك فان هناك قرابة 30% من سكان الهند تحت خط الفقر ومازالت الكثير من المدن والقرى النائية بلا خدمات.
التجربة الهندية في التحول الاقتصادى رائدة يجب على مراكز صنع القرار في مصر دراستها ومحاولة الاستفادة منها وللحديث بقية إن كان فى العمر بقية.