رئيس التحرير
عصام كامل

حكم نهائى لدور العبادة: تطوير المساجد من النسق الحضارى يوجب معه غلق المحال

المستشار محمد خفاجي
المستشار محمد خفاجي

فى حكم جديد من أحكامها الوطنية الراسية للمبادئ والقيم المجتمعية والدينية للحفاظ على قدسية رسالة دور العبادة، وبشهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا فى أبريل 2022 بعدم الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة برئاسة القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى  نائب رئيس مجلس الدولة بتأييد قرار الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور  فيما تضمنه من غلق المحل الذى يستأجره المواطن (م.ع.م) بعقد سابق مع الأوقاف الكائن بسور مسجد عمر بن الخطاب بمنشية الحرية مركز دمنهور ومحلات أخرى مؤجرة، لتعارضه مع قدسية رسالة المسجد، وقيام الإدارة من تلقاء نفسها بتأجير محل بديل له بمناسبة أعمال التطوير والتهذيب الحضاري التي تجريها الدولة بمنطقة مسجد عمر بن الخطاب بدمنهور وألزمته المصروفات، وأصبح حكمها نهائيًا وباتًا. 
 

أسوار المساجد

وقالت المحكمة برئاسة القاضى المصرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى  نائب رئيس مجلس الدولة أنه يحظر إقامة المحلات التجارية التى تتصف بضجيج البيع والشراء بأسوار المساجد أو فوقها أو تحتها لأن السماح بها يتنافى مع مكانة وقدسية رسالة المسجد والهدوء والسكينة اللازمة لأجوائه فى التعبد لله تعالى، فالمسجد قائم، ولا يجوز تغيير وضعه ببناء مرافق تجارية أو نحوها فوقه أو تحته أو على أسواره عند جمهور أهل العلم، لأن المسجد أرض وهواء، من تخوم الأرض إلى عنان السماء، خاصة وأن التغيير المراد سيكون متجرًا يدخله الطاهر والجنب، وحكم المسجدية باق على أرضه كما كان قبل تغييره، حتى لو انهدم المسجد فإن أرضه تبقى مسجدًا إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وبهذه المثابة فإن الأحوط لبيوت الله تعالى ألا نسمح بوجود محلات تجارية أسفلها أو على أسوارها، فهى البيوت التي أذن الله تعالى أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه وتُعظم.

 

الصحة العامة 

وأشارت المحكمة أنه يجوز للحكومة تصحيح أخطاء الماضى حفاظًا على الصحة العامة والأمن العام وحركة المرور بالشوارع وجمال تنسيق المدينة أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك ومنها جواز نقل المحلات أو الأسواق لتحقيق هذه الأهداف أو بعضها ولها أن توفر أماكن بديلة لهذه المحلات والأسواق وسلطتها في تقدير ذلك مطلقة ما لم يشبها إساءة استعمال السلطة. وتتحقق المسجدية فى بقعة الأرض التى خصصت لعبادة الله تعالى ولأن سفل المسجد وعلوه حكمه حكم المسجد، ولأن البناء للمحلات لغير الصلاة يُخرجه عن المسجدية، ويجعله ذريعةً لبناء أبنية فوق المساجد أو تحتها أو على أسوارها  تُبعدها عن مقاصدها الأصلية، وقد جاء في كتاب "در المحتار على الدر المختار" حاشية ابن عابدين (ج3/ ص371): "لو تمت المسجدية ثم أراد البناء أي بناء بيت للإمام فوق المسجد- مُنع".

 

واختتمت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة قامت بغلق المحل المشار إليه بالطريق الإداري، بسبب القيام بأعمال التطوير العمراني والتهذيب الحضاري لمنطقة مسجد عمر بن الخطاب بمدينة دمنهور حتى يظهر المسجد بالمظهر اللائق فضلا عن دور الأوقاف فى إعمار المساجد، وأن وجود المحل المذكور ومحلات أخرى أسفل المسجد يؤثر سلبًا على ما تم من تطوير وتهذيب للمنطقة ويتعارض مع قدسية رسالة المسجد وما يجب أن يتصف به من هدوء نفسى للمصلين دون ضجيج من حركة البيع والشراء على سور المسجد الذى يأخذ حكمه، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه مطابقًا لحكم القانون سيما وأن الحكومة صححت خطأ حكومة سابقة أبرمت عقدًا مع المدعى على تأجير المحل بسور المسجد وتمثل التصحيح بالغلق، وقامت بتوفير مكان بديل للمدعي شأن نظرائه من أصحاب المحلات الأخرى في ذات المنطقة المذكورة، وهو ما قبله المدعي ووافق عليه وحررت عقدًا جديدًا معه، لكنه كان مصرًا على الطمع البشرى لشغل المحل فى سور دور العبادة طمعًا زائلًا غير مشروع يتعارض مع قدسية دور العبادة التى يجب أن تتنزه عن أية أغراض دنيوية لا ترقى لرسالة المسجد النبيلة.

الجريدة الرسمية