رئيس التحرير
عصام كامل

شيخ الطريقة الشبراوية البرهامية: عدد أبناء الطرق الصوفية 15 مليونا ولدينا 76 طريقة مسجلة رسميًا ( حوار )

عبد الخالق الشبراوي
عبد الخالق الشبراوي

الصوم فى مفهوم الصوفية هو التحلى بالأخلاق الكريمة 
حلقات الذكر وموائد الرحمن وختام القرآن أبرز طقوس الصوفية فى رمضان
الإحسان إلى السائل ومساعدة الفقراء واجب وينبغى للمريد أن يقف على باب قلبه
خص الله الصائمين بالشرف الأسمى بأن جعل ثواب صيامهم مضافا لنفسه 
نبحث عن الكمال في الركن الرابع وهو الصيام

 

يقترب عدد مريدى ومحبى الطرق الصوفية من 15 مليون شخص، وتمثل الطرق الصوفية فى مصر أحد أهم التيارات الإسلامية المعتدلة، ويتجاوز عدد الطرق الصوفية 76 طريقة مسجلة رسميًا، وتمارس خلالها عديد من الطقوس والاحتفالات الدينية ذات الطابع الخاص.


وإذا كان أهل التصوف فى حالة عبادة دائمة، ما بين إقامة حلقات ذكر وابتهالات ومديح، وموائد لإطعام الفقراء والمحتاجين طوال العام، فمما لا شك فيه أن حالهم خلال شهر رمضان له مذاق خاص، حيث يكون ممزوجا بالروحانية والتجليات والنفحات الإلهية من خلال طقوس وعادات يومية خلال الشهر الكريم.
وقال الشيخ عبد الخالق الشبراوى، شيخ الطريقة الشبراوية البرهامية - عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية السابق، في حوار لـ"فيتو": إن مفهوم الصيام لدى الطرق الصوفية هو أن نتخلق بأخلاق المولى عز وجل فى صفاته، وأن نتجنب الخبائث وكل ما يكرهه الإسلام.


مضيفًا: هناك طقوس وعادات يحرص الصوفيون خلال أيام وليالى الشهر الفضيل عليها منها إقامة سهرات وأمسيات، تتضمن قراءة القرآن، والمحافظة على أداء الصلوات المفروضة والقيام والتهجد فى جماعة، وكذلك عروض لفرق الإنشاد وحلقات الذكر والابتهالات والتضرع إلى المولى الكريم، بالإضافة إلى موائد الإفطار والسحور وغيرها من الحقائق فى سطور الحوار التالى:

 

* فى البداية نريد أن نتعرف منك على مفهوم الصيام عند الطرق الصوفية؟
أولا فرض الصيام يعد من الأحكام العظيمة التى شرعها الله تعالى، بقصد تزكية الأنفس ورياضتها لما فيه صلاح الأفراد والجماعات، وذلك بقطع أسباب الشهوات التى هى محل تحريك الرغبة والدفع بها للانغماس فى الملذات، فكان تشريع الصيام مسلكا تربويا للانعتاق من جاذبية الحس.


وعمل الصوفية على الارتقاء بمفهوم الصيام فى أبعاده الكمالية، بقصد الاستشراف إلى معانيه السامية، وذلك بصوم الجوارح عن المعاصى والزلات، والجوانح عن الأغيار والغفلات، حتى يصفو المحل لأن تشرق فيه أنوار اليقين، وبوارق التوحيد، وبالتالى الطرق الصوفية تفهم الصوم على أنه التحلى بالأخلاق الكريمة والبعد عن الكراهية والبغضاء فنحن نرى أن ذكر الله واجب والتكاتف واجب والإحسان إلى السائل واجب ومساعدة الفقراء واجب فلهذا ينبغى للمريد أن يقف على باب قلبه.


لذلك خص الله تبارك وتعالى الصائمين بالشرف الأسمى والجزاء الأوفى، بأن جعل ثواب صيامهم مضافا لنفسه، إضافة كرم وتشريف لقربة الصيام عن غيرها من العبادات.

 

*وما المقصود بصوم العموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص؟
بالنسبة لصوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة. وأما صوم الخصوص: فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام. 


وأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية، وكفِّه عما سوى الله عز وجل بالكلية، وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين.


وأما صوم الصالحين فهو صوم الخصوص، ويكون بكفِّ جميع الجوارح عن الآثام، وذلك بغض البصر عن المحرمات وكل ما يشغل القلب ويلهيه عن ذكر الله تعالى، وبحفظ اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش، وشغله بذكر الله تعالى، وكف السمع عن الإصغاء إلى كل محرم ومكروه، مع مراعاة المطعم الحلال.


فالصيام عند الصوفية ليس مجرد الإمساك عن المفطرات، وإنما هو هجر جميع المعاصى والسيئات، والاهتمام أكثر بالطاعات، واستشعار القرب من رب العباد جل علاه، ليتم تحصيل الغاية التى من أجلها فرض الصيام وهى التقوى وتزكية النفس وتطهيرها من كل الرذائل والخطايا والذنوب.

*هناك طقوس ويوميات للطرق الصوفية خلال هذا الشهر فما هى؟
هذا الكلام صحيح، فشهر رمضان فى مصر ارتبط بطقوس خاصة لدى مريدى الطرق الصوفية الذين يتوافدون خلال الشهر إلى المساجد للعبادة وترديد الأناشيد الدينية وقراءة القرآن وإقامة الأمسيات الدينية الرمضانية عقب صلاة العشاء يوميا، ومنها الحضرة، وهى الوحيدة التى ناضلت من أجل البقاء، ويحافظ المتصوفة على لقاءات الحضرة بصفة يومية طوال هذا الشهر، بالإضافة إلى ذلك هناك طقوس أخرى منها مجالس العلم.


وفيها يتجمع أعضاء الطرق الصوفية عقب صلاة التراويح فى منازلهم حسب جدول أعدوه مسبقًا خلال شهر شعبان، لترديد الذكر فى حضور الرجال والأطفال، مع تخصيص مكان منعزل خاص للنساء، يستمعن إلى المدائح النبوية والابتهالات والذكر الجهرى فى أجواء رمضانية، تمتد لساعات تتضمن استراحات قصيرة، يتناولون فيها الحلوى والمشروبات.


أيضا من الطقوس الصوفية خلال الشهر الكريم هو تلاوة القرآن وختامه كل ثلاثة أيام إلى جانب الأدعية والأوراد والإنشاد الدينى والمديح النبوى.

 

*وهل تعد المائدة الصوفية من الطقوس الرمضانية لدى أبناء ومريدى الطرق الصوفية؟
*هذه حقيقة، فالمائدة الصوفية من خلال قيام الطرق الصوفية تبدأ من اليوم السادس فى رمضان بإقامة المائدة الصوفية أمام ضريح الإمام الحسين بمشاركة 18 شيخ طريقة، وتتولى كل طريقة تجهيز المائدة يوما على مدى 18 يوما على طريقة الإفطار الجماعى ويشارك فيها كافة أطياف المجتمع.


ومن بين الطقوس أيضًا الاحتفالات الصوفية بشهر رمضان الكريم، وهو تجمع جميع أبناء الطرق الصوفية بأعلامهم وراياتهم ويتم تحديد خط سير لهذا الموكب، ولكن لدواع أمنية وأزمة فيروس كورونا أصبح هذا الأمر صعبا وألغيت المواكب، وأصبح هناك صعوبة فى تنظيم الرواتب والخلوات الأسبوعية والحضرات التى تتضمن إنشادا وذكرا.


ويكتسب شهر رمضان طابعًا خاصًا لدى مريدى الطرق الصوفية فى مصر، حيث يرتبط هذا الشهر بالعديد من العادات والطقوس الخاصة بالطرق الصوفية فى هذا الشهر، حيث يتوافد آلاف على ساحات الذِكر الخاصة بهم لقضاء الشهر فى العبادة وترديد الأناشيد الدينية، والأمسيات الرمضانية الصوفية هى احتفالات دينية.

 

*وهل الملتقيات الفكرية التى كانت تقيمها الطرق الصوفية ما زالت مستمرة؟
*نعم فأبناء الطرق الصوفية يقترب عدد مريديها ومحبيها من 15 مليون، وتمثل الطرق الصوفية فى مصر أحد أهم التيارات الإسلامية المعتدلة، ويتجاوز عدد الطرق الصوفية 76 طريقة مسجلة رسميًا، وتمارس خلالها عديد من الطقوس والاحتفالات الدينية ذات الطابع الخاص.


وعن طرق الاحتفال برمضان، تقام "الملتقيات الفكرية داخل سرادق مسجد الحسين، ويتم دعوة شيوخ الطرق الصوفية، وممثلين من وزارة الأوقاف والأزهر ومسئول حكومى، للإجابة على أية تساؤلات من المريدين والمتابعين"، "وحلقات العلم، وإقامة حضرات وسط تلاوة الذكر، وإنشاد دينى، وأداء صلاة التراويح، وزيارات لأبناء الطريقة فى المحافظات المختلفة".

 

*وما هى خارطة الطرق الصوفية فى مصر الآن؟
*أولا للطرق الصوفية مدارس عديدة ولكلٍ منها طبيعة خاصة وسمات مميزة، ويوجد فى مصر أربع طرق صوفية رئيسية، وهم الطريقة الرفاعية والتى أسسها الشيخ أحمد الرفاعى، والطريقة الشاذلية، وفقا للإمام أبو الحسين الشاذلى وهى من أكبر المدارس الصوفية، والطريقة البدوية نسبة إلى الشيخ أحمد البدوى فى مدينة طنطا دلتا القاهرة، وأخيرا الطريقة القنائية، والتى أسسها الشيخ عبد الرحيم القنائى، وهذه الطرق تستمد أفكارها من الرسول وأهل البيت.


وتتجلى الاختلافات بين الطرق الصوفية فى أناشيد الذكر الصوفى، والتى تعرف بالحضرة الصوفية، وهى عبارة عن ترديد صلوات وأذكار على النبى محمد وآل بيته، لذا فالعلاقة بين الصوفية ومختلف فئات المجتمع المصرى تحكمها الروحانيات والعمل القلبى والوجدانى، أما عن أسباب الانضمام أو التقرب من الطرق الصوفية، فاعتمد على النشأة بالأساس، وكذلك ارتباطهم بشيوخ محددة تجعلهم أقرب لبعض الطرق".

 

*وهل هناك دور للمرأة فى الطرق الصوفية؟
الحقيقة هناك غياب لفكرة القائد النسائى من الصوفية، فزوجات الشيوخ يكون لهن تأثير على السيدات دون أن يتم اتباعهن مثل شيوخ الصوفية، وهناك ارتباط من جانب الشباب، خاصة الفتيات بالأناشيد الصوفية من خلال إقبالهم الشديد على حضور اللقاءات الصوفية ومجالس العلم.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو" 

الجريدة الرسمية