مائدة الرحمن "ديليفري".. عم جميل القبطي يشارك في إفطار مسلمي شبرا على مدار 40 عاما | فيديو
على مائدة إفطار واحدة يجلس جرجس إلى جوار خالد ومحمد، ويتوسطهم عم جميل بنايوتي السبعيني ابن شارع أبو رافع في حي شبرا مصر بمحافظة القاهرة، هذا الرجل الذي تحول إلى أشهر مسيحي في مصر يشارك في إفطار الصائمين في شهر رمضان بل ويصوم معهم أيضا، ففي مصر على هذه الأرض المباركة وقبل أربعين سنة من الآن دُشنت واحدة من أشهر موائد الرحمن في حي شبرا، ومع الوقت تحولت إلى مائدة رمضانية "ديليفري" لإيصال الطعام إلى المحتاجين ويتناولونه في منازلهم.
يشارك في إعدادها عم جميل بنايوتي إلى جانب عم ناصر وغيرهم من أبناء المنطقة الذين نسوا أنهم مختلفين في الديانة بعد أن احتضنتهم أرض واحدة.
عم جميل صام رمضان في حرب أكتوبر
في شبابه وإبان حرب أكتوبر المجيدة، كان عم جميل ضابط احتياط بالجيش يصوم أمامه العشرات من الجنود، الحرب على الأبواب والجميع على قلب رجل واحد، “كنا مسلمين ومسيحيين جنب بعض الطيران الإسرائيلي فوق رؤوسنا في سيناء والناس صايمة كنت بصوم مع الجنود واتعودت من وقتها في رمضان أصوم وأفطر على المغرب معاهم”، وبعد أن عاد إلى عمله كمدير للحسابات في جامعة عين شمس كان خلال نهار رمضان يصوم مع زملائه في العمل بل ويحضر لهم العزومات في منزله، وحينما أتم عامه السادس والثلاثين ومن خلال فكرة أطلقها صديق له وجار في المنطقة فالشارع به العديد من المحتاجين الذين يحتاجون إلى تقديم المساعدات وطعام الإفطار خلال شهر رمضان، ومن هنا انطلقت فكرة تلك المائدة التي تجمع نسيجي الأمة المصرية فحمادة يقف في المطبخ لإعداد الطعام ويعاونه أحد الجيران المسيحيين في ضبط مذاق الطعام ونسبة الملح به.
مائدة الإفطار من مطبخ عم جميل
في الوقت نفسه يمسك عم جميل بمكنسته الخشبية ينظف الشارع وحول المطبخ المخصص لإعداد الوجبات استعدادا لاستقبال الصائمين وتقديم وجبات الإفطار لهم، "المائدة دي زي الشجرة كبرت وفيه فروع منها كتير ماتت ووقعت لكن لسه بتتجدد وفيها ولاد اتربوا من صغرهم وكبروا بيخدموا فيها الصغير قبل الكبير هنا له دوره اللي عارفه من أول اللي بيعلق الفراشة ويظبط الكراسي لحد اللي بيقطع الخضار ويسلق اللحمة"، لم نكن المائدة التي يشارك عم جميل في إعدادها منذ أربعين عاما كالكثير من الموائد الأخرى فكما أطلق عليها عم جميل هذه المائدة التي كانت مساحتها بطول شارع أبي رافع كله، أصبحت أقل مساحة وعوضا عن ذلك تحولت إلى مائدة "ديليفري"، ومن خلال عمود الأكل الألومنيوم تأتي كل أسرة محتاجة إلى هناك لتأخذ طعامها "بنعمل لحمة أو دجاج وصنفين خضار ومشروبات تمر أو عرقسوس، واللي مش عايز يأكل في المائدة ويتجمع في بيته مع أهله بنوفر له ده" يتحدث عم جميل.
“إذا نظرت للوهلة الأولى إلى المشهد البانورامي لتلك المائدة، التي انقسمت المهام بها إلى جزأين؛ جزء مخصص لتقديم الوجبات للقادمين أو توصيلها إلى بيوتهم، وجزء آخر ينتظر الصائمين ليتناولون طعامهم بها، يستحيل عليك أن تميز بين المسلم والمسيحي، حتى وقت إطلاق المدفع ونداء أذان المغرب للصائمين ليفطروا”، فعم جميل يجلس إلى جانب أصدقائه يتناولون طعام الإفطار سويا على صوت المدفع وأذان الشيخ محمد رفعت، وربما كان هذا سبب بقاء تلك المائدة حتى هذا اليوم بالرغم من غلاء الأسعار وزيادة تكلفة إنتاج الطعام، "المائدة دي قايمة على الحب والمحبة ومكملة عشان كدة".