رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة: القرآن فوق الأكوان.. والأكل والمتعة والأمل من صفات الخاسرين

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إن القرآن فوق الأكوان، وآية " رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ" تعنى أن الكفار يوم القيامة يتمنون أن يكونوا مثل عصاة الموحدين فيخرجون من النار.

القرآن فوق الأكوان 

وأكد جمعة أن الخاسرين يوم القيامة لهم علامات ثلاث‏، أولاها "الأكل" حيث غلبت عليهم شهوة الطعام‏،‏ فشأنهم الأكل‏،‏ وسعيهم للأكل‏،‏ وكأنهم للأكل خلقوا‏، لا يبالون أحلالا كان أم حراما‏. 
 

والعلامة الثانية "المتعة"، حيث طمس الله على قلوبهم ببغيهم‏،‏ وأذهب نورهم‏، جعلوا أوقاتهم للمتعة، وأنفقوا أعمارهم فيها. والعلامة الثالية "وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ" فهم يؤملون في هذه الحياة الدنيا أملا كاذبا خادعا‏، ألهاهم عن حقيقتها‏، وما من أجله خلقوا فيها‏،، ولا ترى أحد منهم يذكر الموت.


وكتب الدكتور على جمعة تدوينة على الفيس بوك "الكلام واضح لا خفاء فيه‏،‏ والعلو مشاهد‏،‏ والفخامة ظاهرة‏،‏ والعظمة بادية على كتاب الله تعالى‏،‏ من أول حرف تقرؤه فيه‏: (الر) فإذ بك تفهم المعنى‏،‏ إلا أنك تقف خاشعا أمامه‏،‏ وكأنك قد هيئت لتلقي كلام عظيم من رب عظيم‏.‏"

الخاسرون يوم القيامة

وقال "ونقف عند قوله تعالى‏: (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) [الحجر:2] فـ‏(رُبَ) للتقليل كما أن ‏(كم‏)‏ للتكثير (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)‏ يعني كأن الكافرين ‏(قلة منهم‏)‏ يودون في قلوبهم أن لو كانوا مسلمين‏،‏ ومعني هذا أن حجابا كثيفا بين أولئك الكافرين وبين الإسلام يحول دون إسلامهم‏.‏"
وأضاف جمعة "بعض المفسرين حمل (رُبَمَا)‏ في الآية على التكثير‏،‏ ولكن يوم القيامة‏،‏ حين يرون عصاة الموحدين يخرجون من النار‏;‏ فيود الكافرون لو أنهم كانوا مسلمين في الدنيا‏،‏ فيخرجون كما خرجوا‏.‏"
وعن الخاسرين قال جمعة: "وعن صفات أولئك الخاسرين يقول تعالى‏: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [الحجر:3]،‏ إذن لهم في ظاهرهم أمارات ثلاث‏:‏ أولاها الأكل (يَأْكُلُوا‏)‏ غلبت عليهم شهوة الطعام‏،‏ فشأنهم الأكل‏،‏ وسعيهم للأكل‏،‏ وكأنهم للأكل خلقوا‏..‏ والأكل مطلق‏،‏ فماذا يأكلون‏!‏؟ لا يبالون أحلالا كان أم حراما‏;‏ وبإطلاق الأكل صح أن يدخل فيه أكل أموال الناس بالباطل‏،‏ وأكل مال اليتيم‏،‏ وأكل الربا‏،‏ وأكل الدنيا بالدين‏،‏ لا عبرة عندهم بكل ذلك‏!‏ المهم بل الأهم لديهم أن يأكلوا‏"

يأكلوا ويتمتعوا

وقال "(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا‏)‏ المتعة‏:‏ وهي ثانية الأمارات‏;‏ لما طمس الله على قلوبهم ببغيهم‏،‏ وأذهب نورهم‏،‏ جعلوا أوقاتهم لمتعة‏،‏ وأنفقوا أعمارهم فيها‏،‏ وهذه المتعة متعددة بحسب الحال‏،‏ فهي كلمة جامعة فذة‏،‏ تشمل متع الجنس‏،‏ ومتع الجاه‏،‏ ومتع المال‏،‏ لكنها كلها متعلقة بالدنيا فقط‏،‏ ولا يتعلق منها شيء بالآخرة‏،‏ ولا بوجه الله‏،‏ ولا بذكره‏،‏ ولا بالطيب من القول‏، وإنما لهو ولعب وغرور وخداع ومكره"

‏أما الثالثة فقال عنها: (وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ‏)‏ وهذه هي الأمارة الثالثة الظاهرة‏،‏ فهم يؤملون في هذه الحياة الدنيا أملا كاذبا خادعا‏،‏ ألهاهم عن حقيقتها‏،‏ وما من أجله خلقوا فيها‏،‏ ولا ترى واحدا فيهم يذكر الموت‏،‏ بل يأباه ويكرهه لأنه يكره لقاء الله‏،‏ كما قال تعالى‏: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الرُّوم:7].‏

اختتم حديثه قائلًا: "إن القرآن غاص داخل خبايا النفس الإنسانية وكشف عن حقيقتها وخصائصها ووظائفها (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ) [الملك:14]،‏ والإنسان مكرم على الكون كله‏،‏ فصارت النتيجة المنطقية عند أولي الألباب‏:‏ أن القرآن فوق الأكوان‏."‏

 

الجريدة الرسمية