رئيس التحرير
عصام كامل

الناتو والحجاب وروسيا وألمانيا.. ملفات شائكة تكشف الخلافات بين ماكرون ولوبان

ماكرون ولوبان
ماكرون ولوبان

على الرغم من ترجيح كافة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على منافسة اليمينية مارين لوبان بحسب استطلاع رأي «إيبسوس» كشفت المناظرة الاختلافات الجوهرية حول مجموعة من الملفات الإستراتيجية في السياسة الفرنسية والتي كان من أهمها دور فرنسا في الناتو والموقف من الحرب الروسية الأوكرانية والهيمنة الألمانية وحجاب المسلمات.

 

استطلاع إيبسوس

وبينما كشف استطلاع إيبسوس، فوز ماكرون بـ 57.5% من الأصوات، مقابل 42.5% لمرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان، بفارق 15 نقطة؛ على ضوء المناظرة ظهر صدام فكري بين المرشحين في تلك الملفات الهامة والجدلية.

 

فبينما أيد ماكرون أوروبا وعدت لوبان بتقليص سلطات الاتحاد الأوروبي على المصلحة الوطنية للدولة في تصادم واضح لرؤية المرشحين لتقلد منصب رئيس فرنسا في خضم الحرب الدائرة في أوروبا والتي تستدعى إحياء حلف الناتو من جديد لضمان أمن القارة العجوز.

 

فرنسا وحلف الناتو

واستشهدت لوبان خلال المناظرة بإرث الجنرال الفرنسي الشهير شارل ديجول، مشددة مرشحة اليمين أنها تريد أن تترك فرنسا القيادة الموحدة لحلف شمال الأطلسي «الناتو» باسم السيادة الوطنية، ولكن ليس الحلف نفسه.


فيما أثار إيمانويل ماكرون، من جانبه، مفاجأة عندما اعتبر أن حلف شمال الأطلسي بات في حالة موت دماغي، في ظل خلافات بين أعضائه.

 

بينما تبدد الشك منذ الحرب في أوكرانيا التي دفعت الحلف إلى إعادة التركيز على مهمته الأصلية؛ المتمثلة بالدفاع عن أوروبا ضد التهديد الروسي.

 

الموقف من الاتحاد الأوروبي

ومن جانبها تنفي مارين لوبان رغبتها في إخراج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، لكنها تستنكر بنية أوروبية من دون تربة وغير متماسكة داعية إلى إصلاح الاتحاد الأوروبي من الداخل، على أساس سيادة القانون الوطني، ما يعادل بالنسبة لمعارضيها «فركسيت»، أي خروج فرنسا من الاتحاد.

 

وتدعو خاصة إلى إنشاء تحالف أوروبي للأمم يهدف إلى استبدال الاتحاد الأوروبي تدريجيًا والخروج من المحرك الفرنسي الألماني وإفساح المجال لتحالف أوسع مع الدول الصديقة مثل المجر وبولندا.

 

وقالت لوبان: «نريد رد منح الدول ذات السيادة المزيد من الصلاحيات وللاتحاد الأوروبي القليل من الصلاحيات التي استحوذ عليها بنفسه» متعهدة بخفض مساهمة فرنسا في الاتحاد الأوروبي البالغة خمسة مليارات يورو.

 

إيمانويل ماكرون، من جانبه، يدافع عن تعزيز أوروبا، سواء في القضايا الاقتصادية أم الاجتماعية أم الدفاعية وعن الوجود الجيوسياسي للاتحاد الأوروبي أمام الولايات المتحدة والصين.

 

ويؤكد أن «فرنسا التي تتمتع بتكافؤ الفرص والسلطة والاستقلال الاقتصادي لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت فرنسا أقوى في أوروبا».

 

ملف روسيا

اما عن روسيا فالموضوع الذي يثير الخلاف هو تأييد مارين لوبان التوصل إلى تقارب استراتيجي بين حلف شمال الأطلسي وروسيا لدى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية «بمعاهدة سلام».

 

وهي بذلك تدعو للعودة إلى الوضع الجيوسياسي الذي كان سائدًا قبل توسع الحلف شرقًا في عام 1997 والذي شكل أحد مطالب فلاديمير بوتين قبل الحرب مع أوكرانيا.

 

بعد أن اعتبرت أن فلاديمير بوتين يمكنه أن يصبح من جديد حليفًا لفرنسا عند انتهاء الحرب، صححت لوبان موقفها موضحة أنها كانت تتحدث عن روسيا وليس عن رئيسها.

 

إذ استنكرت وقوع «جرائم حرب» في أوكرانيا، إلا أنها حرصت على عدم اتهام الجيش الروسي؛ وهي ترفض تسليم أسلحة هجومية إلى كييف كما تعارض فرض عقوبات على روسيا مشيرة إلى تأثيرها في القوة الشرائية للفرنسيين.

 

أما إيمانويل ماكرون الذي تواصل بالتأكيد كثيرًا مع فلاديمير بوتين، واجرى منذ 24 فبراير، حوارًا قال إنه ضروري لإنهاء القتال، فقد وافق بالتنسيق مع الأوروبيين، على حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا.

 

ويتهم الرئيس المنتهية ولايته منافسته بمحاباة سيد الكرملين فلاديمير بوتين، مؤكدًا أنها تعتمد على روسيا، في إشارة إلى قرض بقيمة 9 ملايين يورو تعاقد عليه حزب المرشحة «التجمّع الوطني» مع دائن روسي.

 

ألمانيا حليف أم منافس؟

وتطرقت المناظرة إلى ألمانيا والتي اتهمت لوبان منافسها والرئيس المنتهية ولايته ايمانويل ماكرون بعدم الدفاع عن مصالح فرنسا ضد الهيمنة الألمانية.

 

وإذ تؤكد اعتزازها بالمصالحة الفرنسية الألمانية، إلا أنها مع ذلك تعتزم فسخ جميع اتفاقيات التعاون الصناعي-العسكري المبرمة من قبل إيمانويل ماكرون منذ عام 2017 والتي تعد أنها تصب في مصلحة برلين.

 

بالنسبة لإيمانويل ماكرون، يظل المحرك الفرنسي الألماني ضروريًّا، وخاصة في أوروبا المكونة من 27 دولة، للمساعدة في إيجاد حلول توافقية.

 

ويعتز الرئيس المنتهية ولايته بجعل المستشارة أنجيلا ميركل توافق على إنعاش الميزانية الأوروبية وتجميع الديون، وهو مشروع يأمل أن يواصل القيام به مع خليفتها أولاف شولتس.

 

أما عن الإسلام والمسلمين داخل فرنسا، فقد احتدت المناقشة بين ماكرون ولوبان لدرجة أن الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته اتهم لوبان منافسته اليمينية المتطرفة، أثناء المناظرة بالمخاطرة بإشعال «حرب أهلية» في فرنسا في حال تم انتخابها رئيسة، ونفذت تعهدها بحظر الحجاب الإسلامي في الأماكن العامة.

حظر الحجاب بفرنسا 

وأكدت لوبان خلال مناظرة رئاسية متلفزة، تمسّكها بفكرتها المثيرة للجدل بشأن حظر حجاب الرأس الإسلامي الذي تعتبره «زيًّا موحدًا فرضه الإسلاميون»، لكنها شددت على أنها «لا تحارب الإسلام». وردَّ ماكرون عليها بالقول: «سوف تتسببين بإشعال حرب أهلية. أقول ذلك بصدق».

 

وقال ماكرون: «إنك تدفعين الملايين من مواطنينا إلى خارج الفضاء العام»، معتبرًا أن ذلك سيكون «قانون نبذ»، لكن لوبان ردت قائلة إنه سيكون «قانونًا للدفاع عن الحرية».

 

ومسألة الحجاب موضوع حساس وله حضور متكرر في السياسة الفرنسية منذ سنوات. ويُحظر حاليًّا ارتداء الرموز الدينية الظاهرة في المدارس وفي إدارات الدولة، ولكن ليس في الأماكن العامة.

الجريدة الرسمية