رئيس التحرير
عصام كامل

مقال لـ "غرشت" في "واشنطن بوست": فترة مرسي استبداد ديني.. الحركات الإسلامية في مصر تعيش صراعًا بين السيادة الشعبية والقانون المقدس.. قوة الإخوان في تمسكهم بالفضيلة وسردهم لتاريخ الرسول


نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالا لـ "رويل مارك غرشت"، وهو خبير في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وخدم في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الـ "سى أي إيه، بين عامي 1985 إلي1994 وتخصص في شئون الشرق الأوسط.


وتساءل "غرشت" هل يمكن الإطاحة بحكومة جماعة الإخوان المنتخبة وهي الحركة الأكثر أهمية فكريًا وسياسيًا في الشرق الأوسط منذ عام 1960، وهل من الإخوان من يرون أن سقوطهم بمثابة رفض لمعتقداتهم الدينية؟

ويجيب "غرشت" أنه من المستحيل أن نتخيل التشدد الإسلامي بدون جماعة الإخوان، التي تأسست منذ عام 1928 ضد الإمبريالية البريطانية، وأصبح الإخوان منذ ذلك الوقت رائدي الأصولية السنية وأصبح لهم شعبية مع مرور الوقت على نطاق واسع في مصر.

وأشار "غرشت" إلى قوة حركة الإخوان التي تكمن في إيمانها بشكل عام وتماسكها بالفضيلة بشكل خاص واعتمادها على السرد التاريخي للنبي محمد الذي يؤثر بجاذبية كبيرة على المسلمين باعتبار النبي محمد نموذجًا للاستقامة الأخلاقية.

وأضاف: لقد عاش الإخوان في اضطهاد ما يقارب من ثلاثين عاما في ظل الرئيس السابق حسني مبارك وحاولوا التعايش مع أمن الدولة ونبذوا السياسة وركزوا على العمل التبشيرى والاجتماعى، ولكن بعد الإطاحة بمبارك تمكنوا من الظهور على الساحة السياسية بعد أن سقطت الدولة البوليسية.

وتابع: وأصبحت الجماعة تمثل الأصوليين الجدد الذين تصوروا أن انهيار الدولة البوليسية يمثل تحولا، ومع زيادة ارتفاع حدة جدل بين المفكرين العرب عن الديمقراطية، تبنت الحركات الإسلامية الأصولية مصطلحات الديمقراطية وبدأوا في صراع التناقضات بين السيادة الشعبية والقانون المقدس.

ويشير "غرشت" إلى أن احتضان الإخوان للسياسات الديمقراطية توقف دائما على افتراض سنى قديم بأن أغلبية المسلمين ليسوا مسلمين سيئين، وقد أظهرت المظاهرات الحاشدة الأخيرة في مصر أن الكثير من المصريين الذين صوتوا مرارا للإخوان خلال العامين الماضيين في الانتخابات البرلمانية، ثم الانتخابات الرئاسية نزلوا إلى الشوارع ضدهم مرة أخرى، وأدى هذا إلى صدمة لدى بعض الإخوان، واستفز الإسلاميين في أماكن أخرى ليعكس التقاطع بين الدين والسياسة.

وانتقد "غرشت" الفترة التي تولي فيها جماعة الإخوان الحكم ووصفها بأنها فترة استبداد ديني على الرغم من أنها فترة قصيرة، فكانت فترة غير فعالة وفاترة ولم يختلف الوضع الاجتماعي للمرأة في ظل حكم مرسي عما قبل، وظل الحال كما هو عليه بعد أن تم انتخابه، ولكن الغريب أن الجماعة الدينية الأصولية تسمح بالبكيني والكحول، فكان أمرا مثيرا للجدل للأصوليين الإسلاميين أن يسمحوا بذلك، ولم يتطرقوا إلى حل المشاكل العنصرية.

ورأي "غرشت" أن المعارضة العلمانية مشكلة كبيرة وربما قاتلة لدي الجمهوريات الإسلامية، فكانت إيران الإسلامية التي استخدمت لغة الحماس في حربها مع العراق في عام 1980 واستمرت ثلاثة عقود من الفساد، يحكم البلاد رجال دين يمارسون القمع وكان نداء العلمانية في إيران على نطاق واسع في عام 1950 و1960 لكنه توفي ببطء في ظل حكم الشاه.

وكان النصر الانتخابي لحزب العدالة والتنمية في تركيا له أصداؤه على الإسلاميين واستطاع الجيش التركي أن يحقق الديمقراطية، ولا يمكن للجيش المصري أن يحقق هذه الديمقراطية بدون مشاركة الإسلاميين فيها.

ويؤكد "غرشت" أن تجربة مصر مع الديمقراطية ربما تكون قد انتهت، فربما يفوز العلمانيون في الانتخابات المقبلة، لكن العديد من المصريين ربما يرون الانتخابات غير شرعية، وسيصبح الإسلام السياسي أقوى في مصر في مواجهة هذه القوة غير القانونية، وربما يعود الإسلاميون إلى العنف والحروب المقدسة، والأكثر احتمالا هو أن يحشد الإخوان أنصارهم في الشوارع ويعودون إلى فكر الأصوليين الجدد ويسعون إلى إحداث انشقاق في الجيش، ولذلك فإن الأمر لم ينته بعد.
الجريدة الرسمية