رئيس التحرير
عصام كامل

نقشبندي الصعيد مختار العدوي: عمري ما تقاضيت جنيها واحدا على قراءة القرآن الكريم| حوار

نقشبندي الصعيد الشيخ
نقشبندي الصعيد الشيخ مختار العدوي

أكملت حفظ القرآن الكريم كاملا فى عمر الخامسة عشر عاما
فقدت بصرى ولكن من الله على بنعمة البصيرة
أردد التواشيح والابتهالات الدينية فى ميكروفون مسجد العتيق كل يوم فجرًا
أهالى القرية أصبحوا ينتظروننى فى رمضان وغير رمضان لتقديم التواشيح لهم بصوتى 
الدعم والكلمة الطيبة كان لهم تأثير إيجابى فى استمرارى فى قراءة قرآن الفجر يوميًا
يوميا أراجع على نفسى جزءا أو جزأين أو ثلاثة من كتاب الله حتى لا أنساه


الشيخ «مختار العدوى» نقشبندى الصعيد فقد بصره منذ صغره فحفظ القرآن الكريم وحفَّظه بالمجان
فى الساعة الثالثة فجرًا، من صباح كل يوم من شهر رمضان المبارك ينتظر أهالى أبو قرقاص البلد، صوت التواشيح والابتهالات التى تخرج من المسجد العتيق؛ في محاكاة لأداء الشيخ سيد النقشبندى، وعقب الابتهالات يبدأ فى قراءة ما تيسر له من القرآن الكريم.. هذا ما يفعله يوميًا الشيخ مختار العدوى إبن محافظة المنيا المعروف باسم «نقشبندى الصعيد».


على بعد 30 كيلومترا من محافظة المنيا يسكن الشيخ مختار العدوى في أبو قرقاص داخل منزل بسيط تحاصره الشروخ من جميع الجوانب وسط حالة مادية متوسطة دون زوجة بعدما انفصل عن زوجته، ولكن جميع أفراد عائلته يحتضنونه بكل حب خاصة بعد وصول عمره لـ81 عاما.


استقبلنا الشيخ الثمانينى مختار العدوى داخل منزله، ليروى لنا كيف تغلب على فقدان بصره منذ الصغر وكيف حفظ القرآن الكريم وحفظه بالمجان لأهالى بلدته.

 

«عمرى ما أخدت جنيه واحد من أي حد بحفظه القرآن الكريم.. عمرى ما غصبت أحد على حفظ كتاب الله».. بتلك الكلمات التى تصحبها تمتمه فى الحديث لكبر عمره، بدأ ابن أبو قرقاص الشيخ مختار العدوى حديثه مع «فيتو»، مضيفًا: منذ كان عمرى 6 أشهر قدر الله تعالى أن أفقد بصرى على إثر انتشار وباء ومرض الدفتيريا.

كما روى لى والدى منذ الصغر، فأنا لم أكن الوحيد الذي أصيب بهذا المرض من أهالى القرية، ولكن قدر الله لى أن أتغلب عليه بحفظ القرآن الكريم.

فكَّر مختار العدوى كثيرًا فى كيف يتغلب على فقدان البصر وكيف ستكون حياته فى المستقبل وما هو الطريق الأفضل له الذى يجب أن يسلكه، فلم يجد أفضل من حفظ كتاب الله الكريم ليكون حافزًا له فى التواصل مع الخالق العظيم من خلال حفظه للمصحف كاملًا، ليؤكد لأهالى بلدته أن الإنسان قادر على صنع المعجزات، وتحدى جميع الصعاب إذا تحلى بالعزيمة والإصرار واليقين والإيمان.

 

نقشبندى الصعيد

استكمل صاحب الواحد والثمانين عامًا حديثه لـ"فيتو" قائلًا: فى سن العاشرة اصطحبنى والدى إلى كتاب القرية «مكان مخصص لحفظ القرآن الكريم» وبدأت يوما بعد الآخر بكرم من الله تعالى أن أحفظ عددا لا بأس به من آيات القرآن الكريم، حتى أكمل حفظ القرآن الكريم كاملا فى عمر الخامسة عشر عاما، أي بعد مرور 5 سنوات فقط من بداية دخولى الكتاب.

وأضاف، فى بداية الأمر كان الموضوع صعبا علي ومع الوقت تعودت على فقدان البصر، وتقبلت الأمر برضا من الله تعالى، وبدأت أتعايش مع ذلك، وكان ونيسي كتاب الله الكريم، لافتًا: "فعلا فقدت بصرى ولكن منَّ الله تعالى عليَّ بنعمة أكبر وهى البصيرة"، على حد تعبيره.

أوصانى شيخنا الجليل الذى تتلمذت وتعلمت القرآن الكريم على يديه فى الكتاب بأن أساعد فى تحفيظ القرآن الكريم، وكان عمرى فى ذلك الوقت عشرين عامًا، فبدون تفكير وافقت وبدأت أتحدث مع أقاربى بأننى على أتم الاستعداد فى تحفيظ القرآن الكريم لأبنائهم بالمجان دون أدنى مقابل، هنا بدأت رحلة تحفيظ القرآن الكريم والتى استمرت تلك الرحلة حتى وقتنا هذا دون ملل أو توقف، فطيلة الواحد والستين عامًا لم أرفض قط أي شخص يريد حفظ كلام الله.

ولفت «العدوى» خلال حديثه مع «فيتو» قائلًا: تزوجت، وعندى ولد واحد فقط يدعى شريف، وقدر الله تعالى أن أنفصل عن زوجتى، ولكن عائلتى هى من تشملنى بالود والحب، فكانوا خير عوض لى من نعمه الزواج التى لم يقدر الله أن تستمر.

 

الابتهالات والتواشيح

وعن شهر رمضان المبارك والابتهالات والتواشيح، قال ابن محافظة المنيا: لم يمر يوم فى شهر رمضان المبارك فى أي عام إلا وأنا أردد التواشيح والابتهالات الدينية فى ميكروفون مسجد العتيق كل يوم فجرًا، وهذه عادة اعتدت عليها، فعندما بدأت أردد التواشيح والابتهالات فى ميكرفون المسجد أعجب بصوتى أهالى القرية، وكانوا دومًا فى تشجيع مستمر لى، حتى أصبحوا ينتظروننى فى رمضان والأيام غير الرمضانية فى تقديم التواشيح لهم بصوتى، فالدعم والحافظ والكلمة الطيبة كان لهم تأثير إيجابى فى استمرارى فى تقديم التواشيح والابتهالات وقراءة قرآن الفجر يوميًا.

 

مراجعة للقرآن الكريم 

على الرغم من كبر سن الشيخ مختار العدوى، والذى بلغ كما ذكرنا فى بداية الحديث الواحد والثمانين عاما، إلا أنه ما زال حافظ للقرآن الكريم كاملًا، فيقول «العدوى»، يوميا أراجع على نفسى جزءا أو جزأين أو ثلاثة من كتاب الله الكريم، حتى لا أنساه، على حد تعبيره، وكل 15 يومًا أختم القرآن الكريم فإذا أهملت القرآن الكريم أهملك، وما زلت أعمل بوصية شيخى الذى حفظنى القرآن حتى الآن، وأحفظ أطفال القرية.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"…

الجريدة الرسمية