إنعاش التجار ومساعدة الفقراء.. مبادرة لتخفيف ديون الفقراء في المغرب
في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية في المغرب، أطلق مجموعة من الشباب المغاربة حملة تضامنية على مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل اسم "تحدي الكارني" (تحدي السجل المخصص لديون الزبائن).
وأوضح القائمون على هذه المبادرة أن فكرتها تهدف إلى تسديد ديون الفقراء المتراكمة لدى محلات البقالة بسبب العجز عن أدائها، وتخفيف تكاليف المعيشة عليهم، خصوصا مع أزمة الغلاء في المغرب.
سداد على قدر الاستطاعة
وذكر بيان حول هذه الحملة الرقمية، التي انطلقت، الجمعة، أن فكرة التحدي تقوم على سداد كل متطوع ما يستطيع من ديون الفقراء العالقة في ذمتهم للبقالين، لافتا إلى أن البقال يتوفر على دفتر أو سجل (كارني) يدون فيه ديون الزبائن.
واعتبر المصدر نفسه أن "العديد من الناس تتراكم عليهم ديون البقال ولا يجدون كيف يدفعونها، إذ أن شهر رمضان فرصة لإنقاذ هؤلاء من كربتهم".
وأضاف البيان ذاته أن "مرور المغرب من مرحلة غلاء غير محتمل بالنسبة لعدة أسر فقيرة يحمّلهم فوق طاقتهم، في المقابل يوجد بعض الناس الذين يمكنهم المساعدة ولو بالقليل".
وبخصوص طريقة مساعدة هؤلاء الأشخاص، يقول أصحاب المبادرة إنه "ينبغي الذهاب إلى البقال وطلب الكارني (دفتر أو سجل الديون)، ودفع جزء من الديون أو كلها حسب قدرة كل شخص، ثم التأكد من شطب الدين، قبل أن يتحدى 5 أشخاص من أجل المشاركة في الحملة وتأكيدها عبر موقع التحدي".
يد مساعدة وحفظ لماء الوجه
في تعليقها على المبادرة، أفادت عضو فريق "تحدي الكارني"، شيماء سمداني، أن "الفكرة تعود للمنسق حمزة الترباوي، فقمنا بالاشتغال على تنفيذها، بعد غلاء الأسعار وزيادة الاستهلاك في الشهر الفضيل بشكل خاص".
وقالت سمداني: "مجموعة من الأسر تراكمت عليها الديون، لذلك قررنا مد يد المساعدة، وحفظ ماء الوجه لهؤلاء في نفس الوقت".
وسجلت ذات المتحدثة، أن الموقع الإلكتروني الذي أحدثه الفريق لغرض التحدي؛ يعد "محفزا كما هو معروف في عالم التسويق"، لافتة إلى أن "كرم المغاربة مخجل، إذ حققت الحملة نتائج رائعة لحد الآن دون أي دعاية".
تحدي ينعش الاقتصاد
من جانبه، يرى المسؤول عن مجموعة البقالة المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، طارق امحيل، أن تحدي الكارني "مبادرة أكثر من رائعة"، ويأمل أن يتم "تعميمها في كل أنحاء المملكة".
وأوضح امحيل، أن هذه المبادرة الإنسانية "ستخفف العبء على الأسر المعوزة ولو بشكل طفيف؛ أي فيما يخص المواد الأساسية للأكل والشرب، وستمنحها دفعة قوية لمواجهة التحديات القادمة التي تنتظرها؛ خصوصا العطلة الصيفية وعيد الأضحى والدخول المدرسي".
كما أنها مبادرة "ستنعش البقال أو التاجر، إذ هو الآخر سيسدد ديونه الخاصة (المورّدين)، وسيقوم باقتناء مواد إضافية؛ وكل هذا يصب في إنعاش الاقتصاد الوطني، ومحاربة الفقر، وإعالة الأسر المعوزة ولو بشكل رمزي"، يردف المسؤول عن مجموعة البقالة المغاربة.
مبادرة ذات وقع إيجابي
في هذا الإطار، يعتقد رئيس الرابطة الوطنية للتنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية (غير حكومية)، عبد العالي الرامي، أن هذه "المبادرة الإيجابية الإنسانية، سيكون لها وقع إيجابي على نفوس مجموعة من الفئات الاجتماعية الهشة، وبالخصوص بعد أزمة جائحة كوفيد-19".
لذلك “فالمبادرة ليست غريبة عن الوسط المغربي المعروف بالتضامن عبر أشكال مختلفة، وهي من القيم المجتمعية لتمغرابيت المتأصلة لدى الشعب المغربي”.
وأشار الفاعل الجمعوي والحقوقي، إلى أنه "للأسف هناك آثار نفسية خطيرة لظاهرة الدَّين والسّلف (أو الكريدي بالدارجة) على عدد من المواطنين بسبب العجز عن تسديد ما تراكم منه"، موضحا أن "الشخص الذي يعيش بالديون، يكون استهلاكه غير منتظم، ويمرض نفسيا، كما يتأثر البقال الذي لن يجد سيولة للتبضع ويفلس".
ونبه الرامي إلى أنه مع "تفاقم الأزمة نرى الآن ظاهرة العودة إلى دفاتر الكريدي، إذ بعدما كانت مقتصرة على العائلات المحتاجة، بات اليوم حتى المواطنون من الطبقات المتوسطة يشترون بالدين".