نجيب محفوظ يروي ذكرياته عن شهر رمضان بحي الجمالية وتأثره بها في رواياته
شهر رمضان له مكانة بارزة في مجموعة أعمال روائية لنجيب محفوظ ومنها رواية "خان الخليلى" وهو اسم أحد أحياء القاهرة يتمتع بميزة سياحية خاصة في رمضان وجاء بعدها روايات بين القصرين وقصر الشوق والسكرية.
وهذا يرجع الى الاديب نجيب محفوظ ولد وتربى في حى الجمالية بمنطقة الحسين، وعن أثر هذا الشهر الكريم في تكوين نجيب محفوظ الأدبى قال:
شهر رمضان يحرك في نفسى ذكريات كثيرة تجعلنى أشعر بالبهجة كلما أتذكرها، أذكر بأننى بدأت الصيام وعمرى سبع سنوات وكنت حريصًا جدًا على أن أصعد فوق سطح بيت القاضى بالأزهر لأرى مؤذن مسجد الحسين وهو يؤذن لصلاة المغرب.
وحوى يا وحوى
كان السهر والفوانيس الملونة وغناء الأطفال في الأزقة والحارات، حول أغنية "وحوي يا وحوي إياحة" وأيضا أغنية "رمضان جانا".
كان ذلك قبل ظهور الراديو فكان السهر فى القهاوى على الربابة ففى مقهى خان جعفر يحكى عازف الربابة قصة أبو زيد الهلالى وينقسم الجمهور إلى فريقين فريق مع أبو زيد، والآخر مع دياب تماما مثل جماهير الأهلى والزمالك.
وبالرغم من أننا انتقلنا إلى حى العباسية في سن الشباب كانت سهراتى وأصدقائى كلهم من حى الجمالية والحسين، فالسهر حتى الفجر بين مقهى الفيشاوى وخان الخليلى، الكبار والصغار وسط الفوانيس المضاءة، والأنوار في كل مكان، وكأن هناك مهرجانا فولكلوريا كبيرا، وتختتم السهرة بطبلة المسحراتي.. والرجوع إلى البيت لتناول السحور.
الشيخ زكريا أحمد
وتابع محفوظ: عرفت الشيخ زكريا أحمد والموسيقار سيد درويش، وصحبته أثناء السهر وأحاديث السمر التي كانت تجمعنا في ليالى رمضان المليئة بالخير والذكريات التي لا تنسى تلك الجلسات التي كان يسودها ويعمها التآلف والصداقة والود وكان للشيخ زكريا صديق اسمه عبدالعزيز قطة وكان يسكن حى الحسين في دار أشبه بما نراه في قصص ألف ليلة وليلة جميع أبوابه وأثاثه من الآرابيسك وكنا نسهر في هذه الدار وكان الشيخ زكريا يغنى للصحبة المجتمعة بالدار.
عشق صوت سيد درويش
أما سيد درويش الذي كنت أحبه وأعشقه وعشقت سماع حكاياته مع أساطين الغناء والتلحين في عصره وفى بعض الأحيان كان يسمعنا ألحانه الجديدة قبل أن يسمعها المطربون وحدث في إحدى السهرات الجميلة أن استمعت منه إلى أغنية (حبيبي يسعد أوقاته) التي غنتها فيما بعد أم كلثوم ولم تكن وقتها تعلم عنها شيئًا وحينها قامت الدنيا حين علمت أن هناك من سمعها قبلها.
وأضاف محفوظ: في رواية خان الخليلي حرصت على نقل أدق تفاصيل حياة الأسرة المصرية في شهر رمضان وقالوا إن خان الخليلي تصلح أن تكون مرجعا للحياة الاجتماعية الشعبية في رمضان، حيث حرصت على نقل أدق تفاصيل حياة الأسرة المصرية، وذلك من خلال أسرة بطل الرواية أحمد عاكف التي انتقلت من سكنها من السكاكيني إلى حي الحسين،
ويبقى شهر رمضان من بين الشهور له طابعه الخاص الروحانى، علق في ذهني منذ طفولتي، فصور الاحتفالات التي تمتلئ بها لياليه وسهراته سواء الدينية أو الترفيهية، الاثنان لهما أثرهما الشديد جدا في حياتي.