ثورة مصر "تسونامى" أبهر العالم
لم يكن يدر بخلد أحد، ولا أقصد هنا من جماعة الإخوان المسلمين ذلك الحشد والطوفان الجارف الذي خرج مدفوعا بإرادته لكي ما يحطم كل الحواجز ويكسر القيود.. لكي ما ينفلت من ذلك الفخ الذي وقع فيه، وإذا به مع بيان القوات المسلحة يشعر بأن الفخ قد انكسر وقد انفلتت أقدامه، فراح يحلق في الأجواء ويغرد أغاريد الحرية.. لقد عود شعب مصر العالم دائما على أنه هو صانع المستحيل وأنه لديه دائما كل جديد، ولديه ما قد يفوق التصورات لدي البشر وأيضا توقعات بني الإنسان أيا كانت.. فليتذكرها من يكون قد أنساه ذلك التسونامي أو تلك الموجة العالية جدا التي أطلقوها على يوم 30 يونيو..
ما حدث في أعقاب 25 يناير أو ما سمي بجمعة الغضب، والذي أزاح فيه الشعب نظاما قد دام لمدة ثلاثين عاما.. ولكن رغم ما به من أخطاء وتجاوزات إلا أنه قد كان نظام دولة أي أنه قد كان يملك معني الدولة ويملك مقومات النظام السياسي حتي ولو كان نظاما قهريا لا يحقق العدالة الاجتماعية، فهي قد كانت دولة حتى إن كانت تصنف بأنها دولة بوليسية أي أنها في النهاية دولة وتدار على أنها دولة.. ومع ذلك فقد قال العالم إن ما حدث في 25 يناير قد أبهرهم وأن المصريين قد بعثوا من جديد وأنهم قد أكدوا بالفعل أنهم بناة الأهرامات وهؤلاء هم أحفادهم وأن قوتهم وعظمتهم تكمن في تاريخهم الذي يعود ويظهر في موجات على مراحل تاريخية متعاقبة ليعيد تشكيل وجه الحياة أو ليعيد ترسيم ملامحها..
ومع ذلك، فإن ما حدث في 30 يونيو قد فاق كل التصورات وقد تجاوز حدود الزمن.. لقد قالواعن 25 يناير إنه ثورة ائعة بكل المقاييس حتي وإن كنا نري أنها قد كانت بداية الموجة الأولي للثورة.. وأن هذه الموجة قد ضعفت وتراجعت، وقد حاول البعض إقصائها ولكنها لم تصل بهم إلى أهدافهم وليس أهداف الثورة أو من صنعوها.. أو بعبارة أدق إن هؤلاء البعض لم يعرفوا أو لم يكن لديهم التمرس والخبرة والمهارة على امتطاء الأمواج أو التزحلق عليها لذلك سرعان ما سقطوا..
تلك كانت تجربة حكم جماعة الإخوان الوجيزة، التي رغم ما أتت به على مصر وأدت إليه من تداعيات إلا أنها في الأول والآخر تجربة لابد أن نأخذ في الحسبان أقصد شكلها والسلبيات التي نجمت عنها.. وأن الإخوان أيضا عليهم أن يدركوا أن ما حدث كان لابد أن يحدث وأنهم لم يكونوا مؤهلين وقد يتطلب ذلك وقتا طويلا جدا ليس للحكم ولكن ليندمجوا في العمل السياسي على نحو إيجابي ودون التمسك بالأحادية والإقصاء، والتي كانت عوامل فناء الإخوان وتجربتهم إلى قد لا تتكرر مرة أخري على الأقل لمئة عام..
جاء ذلك التسونامي، وهي كلمة صينية معناها الأمواج العالية وهي تختص بالمحيط، وقد رأينا ما حدث في تسونامي دول شرق آسيا منذ عدة سنوات الذي ابتلع 9 دول في لحظات محددة وغيرت خريطتها.. ذلك ما نتوقعه في أن يحدث في مصر أي أن يغير خريطتها على المستوي الداخلي في مواجهة أزماتها وعلي المستوي الإقليمي في عودة مكانتها وكذلك على المستوي الدولي كدولة محورية عالميا.