علي جمعة: المصريون ارتبطوا بالقرآن والبعض يتخذه حرفة للرزق
قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إن المصريين اشتهروا بحبهم الشديد وشغفهم وتعلقهم بكتاب الله، مؤكدًا أن ارتباط المصريين بكتاب الله ممتدًا حتى إن البعض اتخاذ تلاوته مهنة يرتزق منها، خاصة لمن يبتليه الله تعالى بفقد بصره، وذلك ما أكده أحمد أمين في كتابه عن عادات وتقاليد المصريين عام 1935.
المصريون متعلقون بالقرآن
وكتب علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "اشتهر أبناء مصر المحروسة بحبهم الشديد وشغفهم وتعلقهم الوجداني بكتاب الله، فيكتب أحمد أمين في كتابه الماتع: قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية الصادر في عام 1953، تحت عنوان تلاوة القرآن: إن من سمات المصريين التي تميزوا بها عن سائر الشعوب ارتباطهم بكتاب الله، فاهتموا بحفظه وعلموه أولادهم، وأنشأوا له الكتاتيب الصغيرة في مختلف أنحاء البلاد فارتبط تعلم القرآن بتعلم القراءة والكتابة"
وقال "ويقسم الشيخ المحفظ، والذي يلقبه الأطفال (بسيدنا)، مهامه بين التحفيظ والمراجعة فيحفظ الطفل ما في استطاعته طوال الأسبوع، ثم يسمع للشيخ ما حفظه في بداية الأسبوع التالي، ويستمر في ذلك حتى يتم القرآن."
القرآن والرزق
وأضاف علي جمعة "امتد الارتباط بين المصريين وكتاب الله إلى حد اتخاذ تلاوته من قبل البعض حرفة ومهنة يرتزق بها، وقد انتشرت هذه المهنة كما يؤكد أحمد أمين في قاموسه بين فاقدي البصر حتى أصبحت مصدرا رئيسيا للرزق لمن يبتليه الله تعالى بفقد حبيبته، فيدعوه الناس إلى منازلهم في أيام الجمع والأعياد والمآتم للقراءة، فإذا كان حسن الصوت اشتهر وذاع صيته، وإذا تدهور به الحال، يجلس ليقرأ في الطرقات والشوارع فيعطف عليه المارة ببعض النقود أو المأكولات. ورغم حالته هذه، إلا أنه يقع في قلب المصريين في منزلة تسمو فوق منزلة المتسولين، باعتباره حافظا للقرآن."
وعن قراءة القرآن في المنازل قال علي جمعة: "ويعتقد المصريون أن قراءة القرآن في المنازل أو المحال التجارية تجلب البركة والرزق وتبعد الشياطين والأبالسة، واعتاد الأغنياء وأفراد الطبقة المتوسطة إحضار القراء للمنازل طوال ليالي رمضان تبركا واحتفالا بالشهر الكريم، ويدعو صاحب المنزل الأصحاب والأقرباء للاستماع للقارئ وشرب المشروعات الساخنة من شاي وقهوة"
قارئات القرآن
وأضاف "وانتشرت هذه العادة أيضا بين النساء، خاصة في المآتم فظهر جيل من القارئات المصريات مثل الشيخة: كريمة العدلية والشيخة منيرة عبده وغيرهما، وهناك تسجيلات لهن في الإذاعة المصرية التي تم تسجيلها في بداية الثلاثينيات من القرن العشرين، كما اعتادت الشيخة كريمة العدلية إقامة حفل ضخم للإنشاد في الخميس الأول من كل شهر في أحد بيوت أثرياء الأقاليم وكان ذلك في عام 1905، واعتاد حضور هذه الحفلات كبار القراء وهم في مقتبل العمر حينذاك مثل الشيخ علي محمود، ومحمد رفعت، ومحمد الصيفي ومنصور بدار. (راجع ألحان السماء لمحمود السعدني).
وتابع جمعة: "وكانت عادة المصريين في المآتم إحضار القارئ ليقرأ ما تيسر من سورة البقرة إذا كان الوقت عصرا، وتلاوة ما تيسر من سورة يونس وهود ويوسف والرعد والنحل والإسراء إذا جن الليل، ويختمون دائما بقصار السور."
واختتم حديثه قائلًا: "كما يتم دعوة القارئ لقراءة الآيات أثناء الدفن حتى يواري الميت التراب، وأكد أحمد أمين أن من أسباب ذلك حث النساء الحاضرات لعملية الدفن على الامتناع عن العويل والصياح حيث اعتاد المصريون الاستماع بخشوع إلى آيات القرآن متى بدأت التلاوة. ولنفس الأمر اعتاد الإمام في المسجد قراءة ما تيسر من سورة الكهف يوم الجمعة قبل الصلاة ليحث المصلين علي الإسراع للمسجد وعدم التأخر وللجلوس في سكون وتؤدة...."