رئيس التحرير
عصام كامل

بعد مسلسل فاتن أمل حربي.. شيخ الأزهر يوضح فلسفة الحضانة في الإسلام | فيديو

 الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف

أثار مسلسل فاتن أمل حربي حالة من الجدل على مدار الأيام الماضية وذلك بعد تناوله معاناة المرأة في مصر بعد الطلاق، وأبرز المشكلات التي تتعرض لها والمتعلقة بقوانين الأحوال الشخصية مثل الحضانة والولاية التعليمية على الأطفال.

وفي الحلقة الخامسة من المسلسل ذهبت "فاتن" التى تجسدها الفنانة نيللي كريم لتأخذ فتوى حول حضانة الأطفال، والتقت بالشيخ "يحيى" والذي قام بتجسيده الفنان محمد الشرنوبي، وسألته عن "آية قرآنية" حول الحضانة، وليس تفسير العلماء وأهل الفقه وتشاجرت معه.

وتساءل البعض عن عدم طرح رأي الأزهر في القضية على الرغم من أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف حسم المسالة منذ أكثر من خمس سنوات خلال برنامجه الرمضانى على الفضائية المصرية، والذي جاء كالتالي:

أحكام الحضانة في الإسلام

وقال شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، إن أحكام الإسلام في الحضانة أحكام دقيقة، وإذا طبقت هذه الأحكام فسوف تلتقي مع مصلحة الطفل والأم والأب، وأنصح أن تطبق هذه الأحكام بعيدًا عن المعارك الجانبية التي لا تصح في الإسلام، والتي قد تضيع مصالح الأطفال وعند ذلك تكون المصيبة أكبر والإثم أعظم، ونحن لسنا في جانب الأم أو الأب، ولكن مع مصلحة الطفل الصغير.

وأضاف في حديثه الأسبوعي على الفضائية المصرية: لقد وضع الإسلام أحكامًا لحالات الانفصال، منها الحضانة، وهي حق من حقوق الأم؛ لأنه من المعلوم أن الأم لديها تجاه ابنها أو ابنتها قدر من الحنان والرحمة تجعلها تصبر على التربية وتتلذذ بالصبر، أما الأب ليس لديه هذه الطاقة على الإطلاق؛ لأن له دورًا آخر نحو الصغير، وهو التثقيف والتربية والتهذيب؛ لذلك فدور الحضانة لا يمكن أن يقوم به الرجل حتى لو ماتت الأم، سيضطر أن يأتي بمن يرعاه؛ لذلك فالشرع أقر بأن الصغير لأمه، بسبب هذه الطبيعة.

سقوط الحضانة عن الأم

وأوضح الإمام الأكبر أنه لا يوجد نص صريح في القرآن أو السنة يقول إذا بلغ الطفل سبع سنوات والبنت تسع سنوات ينزع من الأم ويذهب للأب، وهذا من إعجاز الشريعة الإسلامية التي نصفها بأنها صالحة لكل زمان ومكان، والشريعة قالت إن حضانة الأم تنتهي حين يستغني المحضون عن حضانة حاضنته، سواء أمه أو جدته من أمه، وفي زمن الفقهاء الأقدمين لم يحددوا سنًّا، بل جاء هذا الأمر متأخرًا، لأن السن يختلف من جيل لجيل، وربما من بيت لبيت، ولو أن الشريعة أعطتني فترة محددة في موضوع متغير سوف نقع في حرج شديد، ولذلك تركت الشريعة هذه المسألة لتخضع لتقييم التغير في الأحوال والمستجدات.

وتابع الإمام الأكبر: "أن الشرائع كلها أعطت الأم حضانة الطفل وهذه حقيقة من الحقائق، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ما تحدث عن حقيقة من الحقائق واهتزت أمام حقيقة علمية أو اجتماعية، وإذا ماتت الأم يبحث الشرع عن الأكثر حنانًا عليه من أرحامه، فأم الأم أحق به من أم الأب؛ لأنها أحن عليه، فسلسة الدم واللحم مرتبطة أكثر بأم الأم، لكن هذا الحنان بهذا القدر مقطوع في سلسلة أم الأب بالأب، ولذلك يقول الشرع إن أم الأم أولى بالطفل، والطبيعة تثبت هذا، ونحن نبحث عن موطن الحنان؛ لأنه المطلوب للطفل، فلولاه قد يهلك".

وأشار إلى أنه في السابق كان من الممكن أن يستغني الولد عن أمه في سن سبع سنوات، أما الآن لا يمكن أن يستغني عن أمه في هذا السن، والنبي -صلى الله عليه وسلم- بقي محضونًا من أمه في هذا السن، ولو وجد نص لالتزمنا به، وقبل سنة 1922 كان مذهب الفقهاء الأحناف هو المعمول به، وقد كان حسب زمانهم يمكن أن يستغني الولد عن أمه في سن السابعة والبنت في التاسعة، لكن لا يمكن أن أسحب حكم متغير من ألف سنة وأطبقه الآن لأنزع الحضانة، فمن يريد ذلك يريد أن يكيد زوجته ويريد أن يبرر له الشرع هذا العبث وهذه المكيدة، وبعد سنة 1922 ظل يتغير هذا السن إلى حين كنت في دار الإفتاء وأرسل لنا مجلس الشعب، وكان وقتها سن الحضانة للولد 12، والبنت 15، فقلت يتساوى الولد والبنت وتنتهي حضانة الكل في سن 15، ورد مجمع البحوث في الأزهر أيضًا أن هذا لا يتعارض مع الشرع، وهناك أقوال قديمة ترى أن حضانة البنت تنتهي بالزواج وليس بسن معين، وهذا يراعي مصلحة البنت حتى بعد أن تكبر، والولد حتى يصل لسن البلوغ.

وبين الإمام الأكبر أن امرأة جاءت للرسول -صلى الله عليه وسلم- تشكو زوجها الذي طلقها، وأراد أن ينزع منها ولدها، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أنت أحق به ما لم تتزوجي"، فمنطوق "ما لم تتزوجي" يفهم منه أنها إن تزوجت تؤخذ الحضانة منها، وهي ليست أحق بولدها، والأحناف لأنهم لا يعملون مفهوم النص في الأحكام قالوا حتى لو تزوجت وتبين أن مصلحة الصغير معها تظل الحضانة لها، ومن هنا نحن لا نفهم معركة الرجال في ذلك، فهي ليست حربًا نبحث فيها عن النصر، لأن هذا يؤثر على نفسية الصغير، والأب بذلك هو الذي يضيع الصغير، وفي حديث آخر:" مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة".

الجريدة الرسمية