مفتي مصر: نتلقى 5000 فتوى طلاق شهريا.. وما يقع منها واحد بالألف | حوار
تحريك أسعار السلع دون سند أكل لأموال الناس بالباطل.. والتجار المحتكرون آثمون شرعا
- لهذه الأسباب نكثف وجودنا على مواقع التواصل الاجتماعي.. ونتقبل أي نقد موضوعي
- وجودنا على "تيك توك" تحديدا هدفه مواجهة الجماعات الإرهابية والأفكار الشاذة
- نظهر بشكل مختلف خلال أيام شهر رمضان الحالي ولدينا مجموعة من البرامج المهمة
- الرئيس السيسي مهتم بتجديد الخطاب الديني.. يجب أن يتوافق مع العصر
نملك 5 أفرع لدار الإفتاء على مستوى الجمهورية ونسعى لزيادة العدد حتى 2025
- أحمد لله على ماقدمته في منصب المفتي منذ انتخابي وحتى الآن
- دعاة مواقع التواصل لا يملكون أدوات الفتوى أو إدراك للواقع فيما يصدرونه من فتاوى
منذ جلوسه على كرسي مفتي الديار الديار المصرية عام 2013 كأول مفتٍ منتخب في تاريخ الدار العريق، استطاع الدكتور شوقي علام، أن يحقق طفرة كبيرة في منهجية عمل دار الإفتاء المصرية، وهو ما كان سببًا رئيسيا في صدور قرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أغسطس من العام الماضي بمد فترة عمله داخل أروقة الدار لمدة عام بعد نهاية الفترة الثانية القانونية المحددة له.
واستطاعت دار الإفتاء خلال الشهور الأخيرة أن تنجز عددا من المحاور المهمة ضمن خطتها الخمسية التي أعلنتها في وقت سابق والتى تشهد فتح آفاق جديدة في ملفات متعددة، غير أن تواجد الدار المكثف على مواقع التواصل الاجتماعي أثار انتقادات ضدها خاصة مع وجود حساب لها على تطبيق "تيك توك".
"فيتو" بدورها التقت الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية وفتحت معه نقاشًا موسعًا حول العديد من الملفات والقضايا التي تشغل الرأي العام في الوقت الحالي وذلك بالتزامن مع حلول شهر رمضان المبارك.. فإلى نص الحوار:
- في البداية... ما الجديد الذي تقدِّمه دارُ الإفتاء للجمهور في شهر رمضان هذا العام؟
كعادتها كل عام تسعى دار الإفتاء إلى تطبيق حزمة من البرامج والخدمات التي تهم المسلمين والصائمين في مشارق الأرض ومغاربها بوسائل مختلفة، من خلال تخصيص خط ساخن لتلقي فتاوى الصائمين، وزيادة ساعات البث المباشر على صفحات التواصل الاجتماعي خلال الشهر الكريم، وغيرها من الخدمات.
وقد أطلقنا حملة جديدة تحت عنوان "خلِّي رمضانك أجر"، حيث تم إطلاق كتاب جديد إلكتروني ينظِّم الوقت خلال شهر رمضان المبارك، فيه برامج متعددة: برنامج لربات البيوت، وبرنامج للموظف والعامل، وبرنامج للطلاب. وينقسم الكتاب حسب الوقت أو الفئة العمرية أو التفرغ والعمل، وفيه تذكير بمختلف أنواع العبادات والسنن التي تُعين على طاعة الله.
- من خلال عملكم في دار الإفتاء على مدار السنوات الماضية... كيف رأيتم اهتمام الرئيس بالملف الديني في مصر؟
الرئيس مهموم بكافة قضايا الوطن، ولا شك أن الملف الديني وتجديد المفاهيم بات قضية مهمة أيضًا من بين هذه القضايا، فتجديد الخطاب الديني من أهم القضايا المحورية في المجتمع المصري، ومن بين القضايا المهمة التي تشغل بال الرئيس
ذلك أن تجديد الخطاب الديني يجب أن يتوافق مع العصر، والتطور هو لغة العصر التي يجب أن يتعلمها الجميع، ونحن في دار الإفتاء في حالة من الاتساق التام مع ما يطالب به الرئيس السيسي، ونعمل على تذليل العقبات في مواجهة تحقيق التجديد على كافة مسارات الملف الديني.
- ما أبرز الملفات التي تعمل الدار على الانتهاء منها خلال الفترة الحالية؟
لدينا خطة استراتيجية نعمل على تحقيقها على مدار خمس سنوات، وهي الخطة التي أعلنا عنها خلال فعاليات مؤتمر إنجازات دار الإفتاء الذي عقد في 28 من ديسمبر 2020، تتضمن العديد من الأهداف والمشروعات المتنوعة التي تغطي كافة جوانب العملية الإفتائية، ويمكن رصدها في 7 أهداف استراتيجية
وهي الوصول بالدار كمرجعية إفتائية إلى العالمية، وسد الحاجة إلى معرفة الأحكام الشرعية، وتعزيز الدور المجتمعي لدار الإفتاء، بجانب تعزيز المنهج الوسطي ومحاربة الفكر المتطرف، وتوفير الدعم المتواصل للصناعة الإفتائية والارتقاء بأدواتها، بالإضافة إلي إثراء البحث العلمي في مجال الإفتاء ومستجداته، وتأهيل الكوادر الإفتائية والشرعية وإعدادها وزيادة خبراتها في مجال العمل الإفتائي، وكذلك خطة استراتيجية لتعزيز التواصل الديني والإفتائي مع الخارج.
- تابعنا خلال الفترة الماضية افتتاح أكثر من فرع للدار في عدد من المحافظات... كم بلغ عدد مقرات الدار حتى الآن؟ وهل من المتوقع زيادة هذا العدد؟
نحن نسعى إلى تعزيز قنوات الاتصال مع المستفتين، وتذليل كافة سبل الوصول إلى المتصدرين للفتوى وممثلي دار الإفتاء المصرية، لتقديم الجواب عن الحكم الشرعي المراد معرفته، من خلال افتتاح مقرات جديدة لها بالمحافظات، والتوسع أفقيا بإنشاء عدة فروع لدار الإفتاء في محافظات مصر المختلفة، وقد بدأ ذلك في يناير 2022، وينتهي في ديسمبر 2025.
كما ستطلق الدار عددًا من القوافل الإفتائية، تستهدف الوصول للقرى والنجوع البعيدة والأقل استخدامًا لوسائل التواصل؛ مما يقلل من فرص تواصلهم مع دار الإفتاء، على أن يبدأ التنفيذ في مارس 2021م، وينتهي في ديسمبر 2024، فضلًا عن زيادة عدد المتصدِّرين للفتوى، بالعمل على زيادة عدد المتصدرين للفتوى في مقر دار الإفتاء وفروعها لاستيعاب أعداد السائلين المتزايدة، ويكون البدء في يناير 2021، على أن يتم الأمر في ديسمبر 2024، وقد بلغ عدد فروع الدار حتى الآن خمسة أفرع.
- حققت دار الإفتاء خلال وجودكم نجاحات متعددة في شتى المجالات... كيف تَصف المدة التي قضيتها حتى الآن داخل الدار؟
عقب تشريفي في 2013 بفوزي كأول مفت منتخب بعد تعديلات قانون الأزهر، أخذت على عاتقي الاهتمام برفع كفاءة منظومة الدار البحثية، كما عملت على التوسع في إدارات الدار، واستحداث إدارات جديدة تواكب العصر، وتسهم في إيصال الرسالة الإفتائية للكافة، على رأسها "وحدة الدراسات الاستراتيجية" التي تعنى بإصدار عدد من الدراسات النوعية الهادفة لتفكيك الفكر المتطرف ودحض دعاوى الإرهابيين، ومنصة "هداية"، وأيضًا مشروع "المرجع العام للمؤسسات الإفتائية"، الذى يعد اللبنة الأساسية في بناء نظام المؤسسة أو الهيئة الإفتائية، فضلًا عن إطلاق "وحدة الرسوم المتحركة" التي تعمل على الرد على الفتاوى الشاذة والتكفيرية بأسلوب سلس ومبسط يجذب انتباه جميع الفئات العمرية
- كان هناك تعاون بين الإفتاء والأزهر والأوقاف مؤخرًا للحدِّ من انتشار الطلاق... فهل تحقق أي تقدم في هذا الملف؟
يتضمن التعاون بيننا برامج ودورات تدريبية مشتركة تنفِّذها الجهات الثلاث: "الأوقاف والعدل والإفتاء" للأئمة والمأذونين؛ بما يُسهم في تحقيق الاستقرار الأسري والمجتمعي، كما أطلقنا حوارًا مجتمعيًّا للتثقيف المجتمعي بمخاطر الطلاق، وضرورة تكثيف الندوات والحوارات المجتمعية حول معالجة أسبابه وطرق علاجه، وبيان الآثار السلبية المترتبة عليه، والأحكام الفقهية المتعلقة به.
- هل ما تزال فتاوى الطلاق هي الأكثر ورودًا إلى دار الإفتاء... وهل هناك نجاحات حقَّقتها الدار في مجال الإرشاد الأسري؟
يرد إلى دار الإفتاء شهريًّا ما يقرب من 4000 - 5000 فتوى طلاق، أغلبها عبارة عن أيمان وحلف بالطلاق، يقع منها واحد في الألف وربَّما لا يقع منها شيء؛ وذلك لأنَّ علماء دار الإفتاء لديهم من الخبرة ما يستطيعون به معرفة هل كان هذا طلاقًا واقعًا أم يمينَ طلاق؛ وذلك من خلال خبرتهم المتراكمة التي تلقَّوها عن مشايخهم ولا توجد في الكتب.
كما أن التعامل مع حالات الطلاق يتم وَفق طريقة منظمة ومنضبطة تمر بثلاث مراحل؛ تبدأ بتعامل أمين الفتوى معها، فإذا لم يتيسَّر الحلُّ للسادة أمناء الفتوى بوجود شك في وقوعه، تُحال على لجنة مختصة مكونة من ثلاثة علماء؛ وإذا كانت هناك شبهة في وقوع الطلاق، تحال على المفتي شخصيًّا، وربما يستضيف أطراف واقعة الطلاق في مكتبه للتأكُّد من وقوع الطلاق أو لإيجاد حلٍّ، وهذا من باب المحافظة على الأسرة التي هي نواة المجتمع.
وقد استطعنا من خلال وحدة الإرشاد الزواجي حلَّ بعض النزاعات الأسرية لكون هذه الوحدة متخصِّصة في حلِّ المشكلات بين أفراد الأسرة الواحدة، وخاصَّة مشكلة الطلاق، كما تعمل على الحدِّ من المشاكل الزوجية والاستقرار الأسري، وتوعية الشباب غير المتزوج ومساعدتهم على الاختيارات المناسبة وكيفية الارتباط للزواج وإقامة أسرة ناجحة.
- البعض يرى أن المحتوى الإفتائي الذي يقدَّم من الدار على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عليه العديد من علامات الاستفهام... فما ردُّكم على ذلك؟
دار الإفتاء المصرية حرصت في استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي على حفظ استقرار المجتمعات والدولة الوطنية، والدعوة إلى قَبول الآخر والتناغم معه في سبيل تشييد البناء الحضاري للإنسان والتعاون المشترك، مستفيدة بذلك من الجوانب الإيجابية للفضاء الإلكتروني.
كما أنَّ دار الإفتاء المصرية رأت ضرورة تكثيف وجودها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لما لها من تأثير ومميزات كثيرة، منها سرعة الانتشار واستخدام الشباب لها، ووجودهم بشكل مستمر، حيث تمثِّل أسلوب التواصل العصري الجديد، فكان لا بدَّ من التواصل من خلالها لإيصال المعلومات الدينية بشكل يستطيع الشاب تناوله والتفاعل معه.
خلال الفترة السابقة كان لدار الإفتاء المصرية جهود ووجود في كل وسائل التواصل الاجتماعي بلا استثناء، وأهمها موقع الفيس بوك بعدد 18 صفحة بأكثر من لغة، ومنها الصفحة الرسمية للدار بعدد متابعين تخطى الـ 11 مليون متابع، وبإجمالي 15 مليون متابع تقريبًا على كل المنصات والمواقع، ولدينا وحدات مختصة داخل الدار بتحليل ودراسة التفاعلات المختلفة من الجمهور والمتابعين على ما تكتبه الدار على وسائل التواصل الاجتماعي، ونقدِّر ونثمِّن أي مقترحات أو نقد بنَّاء قائم على المنهجية والموضوعية يوجَّه للدار.
- انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة "دعاة" مواقع التواصل الاجتماعي... كيف تقيِّم تلك الظاهرة؟
إصدار الفتاوى يتطلب توافر منهجية علمية، وهو أمر لا يوجد غالبًا في كثير ممن يتصدون للفتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة من غير المتخصصين في الشأن الإفتائي، ورأينا أنها غائبة تمامًا عن هؤلاء، فليس لديهم تثبت، ولا إدراك للواقع ولا لمآلات ما يصدرونه من فتاوى.
- مع تراجع الإصابات بفيروس كورونا، هناك حالة من التراخي في تطبيق الإجراءات الاحترازية بين أبناء الشعب المصري... ما نصيحتكم في هذا الأمر؟
حفظ النفس أولى مقاصد الشريعة الإسلامية، واتِّباع هذه التدابير الاحترازية التي تقول بها الدولة عبادةٌ من العبادات؛ لأنه محافظة على النفس، وعندما يحافظ الإنسان على نفسه ويتَّخذ هذه التدابير يكون في طاعة الله سبحانه، وليس مخالفًا للشرع الشريف، والتدابير التي تقول بها الدولة جزء من تعاليم الإسلام.
- البعض أبدى استغرابه من وجود حساب لدار الإفتاء على "التيك توك" فما الهدف منه؟ وهل يتم نشر أي محتوى عليه؟
الجماعات الإرهابية تستغلُّ الفضاءَ الإلكتروني لتجنيد الشباب، ونواجه ذلك باقتحام مواقع التواصل الاجتماعي، وأنشأنا حسابًا على "تيك توك" بعد أن لاحظنا وجود فتاوى صوتية وأفكار شاذة تنشر عبر هذا التطبيق، كما ندرس التعليقات التي ترد على منشورات صفحة دار الإفتاء من النواحي المختلفة، ويتم تصنيفها لتصحيح المسار.
- في ظل الأزمة الحالية نرى مظاهر استغلال بعض التَّجار في تحريك أسعار السلع الأساسية دون أي سند... فما رأي الشرع في ذلك؟
تحريك أسعار السلع دون سند أو احتكارها، يدخل ضمن أكل أموال الناس بالباطل؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، وهذا يدل على اشتراط التراضي بين البائع والمشتري، وبشراء مثل هذه السلع بهذه المبالغ الإضافية، فقد انتفى التراضي المشروط في الآية الكريمة، وبذلك يكون البيع مَشُوبًا بالإكراه وأكل أموال الناس بالباطل، فالمعاملة لا بدَّ فيها من الكسب الحلال المشروع، ومن ثمَّ فإن التاجر الذي يقوم باحتكار السلع ويبيعها بضعف السعر؛ ويُبرِّر ذلك بأنه يتَصدَّق بالزيادة في السعر على الفقراء يأثم شرعًا، سواء كان سيتبرع بجزء من الثمن أم لا.
- بعد ارتفاع أسعار العمرة... بدأ البعض في التحايل على الأوراق الرسمية من أجل أداء العمرة بشكل غير قانوني، فما رأيكم في هذا التصرف؟
على الجميع الانصياع للقوانين واللوائح التنظيمية التي يأتي من ورائها السعادة للجميع والمصلحة لجماعة المسلمين، فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وهذه الإجراءات لم تكن موجودة في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد صحابته رضوان الله عليهم أجمعين، وإنما هي أمور تنظيمية مستحدثة، ويجب على الأفراد اتِّباعها وعدم مخالفتها؛ لقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾، ومن ثم إذا خالف بعض الأفراد ذلك وأدَّوا العمرة بشكل يشوبه التحايل؛ فقد ارتكبوا مخالفة جسيمة دنيويًّا.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"