محللون يكشفون سيناريوهات الحرب الروسية على أوكرانيا بعد فشل المفاوضات
باءت جميع جوْلات المفاوضات والوساطات المختلفة بين كييف وموسكو أملًا فى حلحلة وإنهاء الأزمة الروسية الأوكرانية التى اندلعت فى الأسبوع الأخير من شهر فبراير الماضى وانعكست تداعيتها على العالم أجمع، بالفشل فى نهاية المطاف؛ حيث أعلنت روسيا مؤخرًا أن المفاوضات مع أوكرانيا لم تحرز أي تقدم حول النقاط الرئيسية.
تعقيد المفاوضات
وبحسب تقارير أمريكية وبريطانية هناك من يرى أن روسيا تحاول تعقيد المفاوضات أملًا فى خلق وضع يضع الأوكرانيون فى موقف صعب خلال المباحثات، والبعض الآخر يرى أن السبب الرئيسى وراء فشل كافة الجولات هو موقف كل طرف؛ فكلا الجانبين ينتظران معرفة ما إذا كان هناك أي تقدم على الأرض قبل منح وتقديم أي تنازلات، وفى موازاة ذلك تطلق أمريكا والغرب عقوبات جديدة، مما يدفع بوتين للتهديد كل مرة باستخدام أسلحة أكثر فتكًا وتدميرا كاستخدام الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية التى يمكنها أن تدمر العالم وليس أوكرانيا فقط.
وتتوسع المخاوف من استعمال موسكو أسلحة "بيولوجية وكيميائية " فى حربها ضد أوكرانيا؛ إذ تؤكد واشنطن نية موسكو القيام بذلك، ولا يستبعد مراقبون أن يتم استخدام أسلحة بيولوجية فى الحرب والتى ستكون بمنزلة كارثة إنسانية سيصعب السيطرة عليها أو معالجة تبعاتها حال القيام بها.
وفى ظل هذه الأجواء برزت التساؤلات عن سيناريوهات المستقبل فى ظل تعقد المشهد، وماذا عن طبيعة الأسلحة التى يمكن أن يستخدمها مستقبلًا الرئيس الروسى فلاديمير بوتين حال تعثر حربه ضد أوكرانيا، خاصة بعد أن كشفت هذه الحرب عن استخدام أسلحة روسية جديدة.
حرب عالمية ثالثة
يرى خبراء ومحللون أن خسائر بوتين العسكرية والاقتصادية قد تدفع مشهد الصراع للوصول أوضاع كثيرة منها سيناريو انفتاح الشهية الروسية فى أوروبا بما يدفع نحو حرب عالمية ثالثة، حيث إن القوات الأوكرانية لا تزال تقاوم القوات الروسية، وتكبدها خسائر فادحة فى العتاد والجنود املا فى عدم تمكينهم من السيطرة على المدن الأوكرانية، منوهين بأن الخسائر المتزايدة فى ساحة المعركة والعقوبات الغربية الخانقة للاقتصاد الروسى الرئيس فلاديمير بوتين قد تدفعه للبحث عن وسيلة لإنهاء النزاع تحفظ ماء وجهه، على الرغم من أن المقاومة العسكرية الأوكرانية تتكبد هى الأخرى خسائر لا حصر لها فقد قتل الآلاف ودمرت مدن مثل ماريوبول وخيرسون.
اللواء أركان حرب الدكتور محمد الشهاوى، مستشار كلية القادة والأركان، قال لـ “فيتو” ردًا على التساؤلات بشأن أسباب تعثر المفاوضات المتكررة لحلحة الأزمة الروسية الأوكرانية، أنه وبعد مرور أكثر من شهر على بدء العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا ما زالت لم تحسم حتى الآن.
وأن الحرب الخاطفة لم تتم، مشيرًا إلى أن ما يحدث الآن هو حرب شوارع وتطويق وحصار لكل المدن الأوكرانية أملا فى إحداث أكبر خسائر فى البنية التحتية وذلك عن طريق استخدام صواريخ جديدة مثل" الخنجر" والذى تصل سرعته لـ 12 ألف كم/ساعة ودقته واحد متر ويحمل رأس حربى نصف طن من المواد المتفجرة ويستخدم أساسا لتدمير مستودعات الأسلحة والذخائر التى تكون الأرض لمسافات تصل لـ40 مترا.
وبالتالى هذه الأسلحة ستؤدى إلى تحقيق خسائر كبيرة وضغط نفسى على الشعب الأوكرانى وبالتالى الضغط على حكومته وعلى رئيسه حتى يجلس إلى طاولة المفاوضات والانصياع للمطالب الروسية بتحقيق متطلبات أمنية تتمثل فى عدم لجوء أوكرانيا إلى الانضمام لحلف الناتو وعدم وضع أسلحة إستراتيجية فى أرضها توجه ضد روسيا وبالتالى لا يمكن القول إلا أن هذه حرب تقليدية حديثة.
وأشار اللواء أركان حرب محمد الشهاوى، إلى أن روسيا استخدمت فى تلك الحرب أسلحة نفسية وسيبرانية وصواريخ جديدة مثل الكينجال (صاروخ باليستى يطلق من الجو ذو سرعة فرط صوتية) وأفانجارد (صواريخ روسية فرط صوتية) كل ذلك يؤكد أنها سوف تستمر فترة طويلة لأن هذه الحرب لن تنتهى إلا بتحقيق المطالب الروسية.
وقف إطلاق النيران
ومن ناحية أخرى، قال الكاتب والباحث السياسى هانى شادى، إن ما تقوم به روسيا ما هو إلا مراوحة لأنها على ما يبدو لا ترغب فى وقف إطلاق النار أو الموافقة على الطلبات الأوكرانية وانسحاب قواتها من الأراضى الأوكرانية قبل أن تحصل هى على موافقة فيما يخص مطالبها المتمثلة فى إعلان الحياد ونزع السلاح من بعض المناطق الحدودية بجانب الاعتراف بجمهوريتى دونيتسك ولوجانسك أو استقلالهما على الأقل ربما داخل أوكرانيا أو خارجها والنقطة الأصعب هى الاعتراف بالقرم كجزء من روسيا.
وتابع الكاتب والباحث السياسى: أعتقد أن المفاوضات لن تحدث أي تقدم إلا كما أشار رئيس الوفد الروسى بأنها نجحت فى الأمور الثانوية كالممرات الإنسانية، وغير ذلك لا يوجد أي تقدم فى المفاوضات، كما أن هناك رغبة من قبل أوكرانيا أن تماطل فى تلك المفاوضات لأسباب موضوعية وهى أن الطلبات الروسية عمليا صعبة التحقيق.
ومن ناحية أخرى، نتيجة للدعم العسكرى الكبير والسياسى والمعنوى عمليا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو والدول الأوروبية لها، فربما تراهن كييف على أن هذا الدعم قد يخفف بعض الشيء من المطالب الروسية وفى المقابل تراهن موسكو أن تصعيدها ضد أوكرانيا سيجعلها ترضخ لهذه الشروط، ولكن بشكل عام يمكن القول إن هذه المفاوضات متعثرة والإنجازات بها محدودة للغاية.
نقلًا عن العدد الورقي…