رئيس التحرير
عصام كامل

إسلام سياسى أو إفلاس سياسى


منذ عقد أو أكثر من الزمان، وعندما قررت المنظومة الأمنية لنظام المخلوع المزاوجة بين قمع الجماعات المسماة بالإسلامية بالحديد والنار ومزجها بالحوار ظهر ما يسمى (بخبراء الإسلام السياسى).

أحد أشهر وأهم هؤلاء الخبراء (محامى الجماعات السابق)، الذى كان ضيفا دائما على كل الحلقات الفضائية التى تناقش هذا الملف.

أضيف إليه لاحقا آخرون جرى استضافتهم فضائيا وإظهارهم بهذا العنوان الملتبس فى إطار تسهيل الصفقة أو الصفقات التى كان يجرى تجهيزها وتقديمها للرأى العام باعتبارها منجزا فكريا هو الأول من نوعه أنجزته تلك الأجهزة التى جمعت بين الحسنيين: الكرباج والتعليق والصعق الكهربائى فضلا عن مقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل فصار لدينا ولأول مرة فى التاريخ وزير للداخلية يمكن وصفه بأنه (رب الكرباج والخازوق والقلم).

تغيرت الخارطة السياسية لمصر بعد الـ 25 من يناير ويبدو أن دكان محامى الجماعات قد أقفر إذ لم تعد هناك اعتقالات ولا تظلمات ولا قضايا كبرى يصرح بها هذا المحامى نيابة عن مشغليه فى أمن الدولة، هؤلاء يعتقلون وهذا يمهد للإفراج عنهم والمهم أن صاحبنا تغيرت مهمته وانطفأ نجمه.

لم يكن محامى الجماعات سوى أحد المتعاونين مع الأجهزة وهذا ما رأيناه بأم أعيننا عندما كنا ضيوفا على زنازين مبارك عام 1982.

أما صاحبنا الدكتور فقد توقف عن الإشادة بالجوانب المضيئة فى مراجعات الجماعات الإرهابية أو النقاط الإيجابية في تهديدات التنظيمات القاعدية وعاد لمهمته الأصلية كحامل لدرجة الدكتوراه فى نظم الإدارة المحلية وعلى كل حال فالعود أحمد.

الحقيقة البشعة لما يسمى (بعلم)، ومن ثم (بخبراء) الإسلام السياسى أنهم مجموعة من المتعاونين مع (جهابذة) الأمن السياسى الفاشلين سياسيا وأخلاقيا وأنهم يقدمون لهؤلاء ذلك النوع من النصائح الخائبة التى تطربهم وتعدهم وتمنيهم بنجاح خططهم الأمنية الخائبة بدلا من أن يسمعوا وينصتوا لعلماء الدين الحقيقيين والمؤرخين المنصفين فضلا عن أصحاب الخبرة السياسية الذين يمكنهم تقديم النصيحة الصائبة مهما كانت مرارتها.

هل حقا هناك شىء كيان معرفى يسمى بالإسلام السياسى حتى يتبجح (يفخر) علينا المتبجحون بأنهم خبراء فى هذا المجال الوهمى؟!.


الجواب لا وألف لا، ولو كان الأمر خلاف ذلك فليتفضل علينا أى من هؤلاء (الخبراء) بتعريف واف شاف لهذا العلم الجهجهونى الذى يطلق عليه الآن بالإسلام السياسى.

ومع الاعتذار لإخواننا (العلمانيين)، الذين لا يتفقون على تعريف واحد أو محدد لعلمانيتهم المعتدلة أو المتشددة فليس هناك إسلام سياسى وآخر غير سياسى فالدين أى دين حتى ولو رفع شعار (أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، له وجه سياسى دنيوى وآخر أخروى والمعضلة الحقيقية لم تنشأ بسبب تطبيق مبادئ الدين الأصيلة التى تحض على العدل والقسط وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، بل نشأت بسبب تصدى جماعات الجهلة لشئون الدنيا من خلال معارفهم الناقصة والمبتسرة.

ليس هناك إسلام غير سياسى ولكن المعضلة الكبرى نشأت من الإصرار على تطويع الدين خدمة لشهوات ونزوات حكام على شاكلة معاوية بن أبى سفيان وحسنى مبارك وآل سعود، فضلا عن إقصاء أهل الخبرة والدراية والعلم فى شتى صنوف الحياة واختزالهم فى إطار رجل تسمى باسم (عالم دين وليس به)، ثم الزعم بأن ما يطلقه هذا الرويبضة من تهريفات هى حكم الله وشرع الله والادعاء تاليا على من يعترض على هذه السفاهات والحماقات بأنه معاد لشرع الله إلى آخر هذه الفوضى والفساد التى عاشها عالمنا (الإسلامى)، الأموى السلجوقى المملوكى.

وليدم حكم العبيد لأمة يراد لها أن تبقى أمة العبيد.

خبراء ماذا إذا هؤلاء النكرات الإمعات؟!.

إنهم خبراء الثعلب فات وفى ذيله سبع لفات.

ويا أمة ضحكت من جهلها أو من خبرائها الأمم!!.


الجريدة الرسمية