الدرس انتهى لموا الكراريس.. أحد الناجين من مجزرة بحر البقر بالشرقية يروي تفاصيل المأساة
من مِنّا لا يتذكر رائعة الشاعر الراحل صلاح جاهين "الدرس انتهى لموا الكراريس" التي حملت صوت الفنانة الراحلة شادية لضمير العالم، والتي جسدت العملية الإرهابية الوحشية التي شنها العدو الصهيوني على مدرسة بحر البقر الابتدائية بمحافظة الشرقية في مثل هذا اليوم والتي راح ضحيتها عشرات الأطفال الأبرياء.
مجزرة بحر البقر
ومرّ نحو 52 عاما على المجزرة التي آلمت قلب الإنسانية دون أي تحرك جدي من المجتمع الدولي تجاه مسئولي دولة الكيان الذين ارتكبوا المجزرة بحق أطفالنا.
الناجى من المجزرة
يقول المواطن "أحمد علي الدميري" 61 عاما أحد الناجين من المذبحة حيث يقول: "في يوم الأربعاء الحزين عام 1970 كنت بالصف الثانى الابتدائي وكان يوما عاديا ذهبنا فيه جميعا إلى المدرسة وكان يقصدها في ذلك الوقت نحو 130 تلميذا تقريبا من بحر البقر والقرى المجاورة نحمل كتبنا وكراريسنا وأقلامنا وكنا متعودين يوميا على تحليق الطائرة الحربية فوق رؤوسنا في تلك الفترة (حرب الاستنزاف –اكتوبر).
وأضاف الشاهد على المجزرة: تحديدا الساعة التاسعة صباحا فوجئنا بسماع صوت دوي طائرات حربية تحلق فوق المدرسة وسرعان ما وجدنا السقف ينهار فوق رؤوسنا داخل الفصول وتحولت إلى كوم تراب ووقعت المذبحة التي راح ضحيتها 30 تلميذا وأصيب 50 آخرون بالإضافة إلى 3 مدرسين ومدرسات وعدد من المارة.
تفاصيل المأساة
وتابع "الدميري": أصبت بارتجاج في المخ وعدة كسورفي اليد والقدم وفقدت الوعي تماما حيث كانت التختة التي كنت أجلس عليها طوق نجاة لي من الموت ولم أفق بعدها إلا داخل مستشفى الحسينية المركزي ومكثت بها فترة ثم خرجت لتكملة العلاج بمنزلنا قائلا: “لن أنسى مشهد جثة صديقي ”أحمد عبدالعال" الابن الوحيد لوالديه على 5 بنات وزميلتي التي تحولت لأشلاء بجواري.
وأشار الناجى من المجزرة إلى أنه بعد نقلهم بواسطة جرار زراعي للمستشفى وجد والديه يصرخون خوفا وهلعا عليه وعلى زملائه.
واستطرد قائلا: "عبد الناصر والسادات قاما بزيارتنا بالمستشفى علاوة على كوكب الشرق الفنانة الراحلة أم كلثوم وآخرين".
وأكد "الدميري" أنه قام بعمل توكيل لأحد المحامين لرفع قضية ضد الكيان الصهيوني وتم تسليمه المستندات الدالة على المجزرة.. مفيش جريمة حرب تسقط بالتقادم.. ولحد آخر نفس هنحارب حتى نحصل على حقوقنا كاملة من هؤلاء القتلة.
أسرة شهيد المذبحة
فيما قال أقارب الطفل"ممدوح حسنى صادق" والذي كان يبلغ وقتئذ 6 سنوات ولقي حتفه في المجزرة الصهيونية إن والدة الشهيد أثناء قصف المدرسة كانت متواجدة أمام الفرن البلدى الخاص بمنزلها من أجل تجهيز الخبز لأبنائها الخمسة ثم فوجئت بنجلتها تسرع إليها قائلة "الحقينى يا امى المدرسة وقعت علي أخويا ممدوح هو وصحابه"..لتسرع الام للمدرسة في لهفة وخوف حتى أصيبت بصدمة نفسية بعد رؤيتها نجلها غارقا بدمائه وسيارة الإسعاف تنقله للمستشفي.
ثعلب الصحراء يثأر لشهداء المجزرة
فيما قال "صبري عطية أحمد" أو كما يحب أن يلقبونه قادته إبان حرب أكتوبر المجيدة "ثعلب الصحراء" إنه نجح في إسقاط وأسر أحد قادة الطائرات التي شاركت في تلك الجريمة البشعة.
وأضاف: "ثالث يوم المعركة بعد نجاح صد أقوى هجوم علينا انطلق الطيران الإسرائيلي في محاولة لإنقاذ زملائهم وشن هجوم على الفرقة السابعة إلا أننى تمكنت من إسقاط أول طائرة لهم وبالمصادفة كان قائدها أحد الطيارين الذين شاركوا في ارتكاب المجزرة بحق أطفالنا في بحر البقر وقام القادة بنقلها لبانوراما حرب أكتوبر والخوذة التي يرتديها طيار حصل عليها اللواء أحمد مختار وكان في غاية السعادة وتم نقلها لمتحف الجيش الثالث لتخليد الذكرى علاوة على مشاركتى ضمن دوريات حماية السد العالي بعد تهديد الكيان الإسرائيلي بضربه".
متحف شهداء المجزرة
يجدر بالذكر أن محافظ الإقليم الدكتورممدوح غراب قد افتتح أعمال تطوير متحف شهداء مدرسة بحر البقر الابتدائية التابعة لإدارة الحسينية التعليمية العام الماضي.
ويضم المتحف بقايا الأدوات المدرسية من "سبورة – تخت مدرسية"، بالإضافة إلى متعلقات التلاميذ من "كراريس" و"كشاكيل" و"أقلام" و"مريلة" مدرسية ملطخة بالدماء.