أحدهم اعتبر نفسه على سفر ومنهم من جاهر.. أحوال رؤساء وزراء مصر قبل الثورة مع الصيام
في مجلة آخر ساعة عام 1939 كتب الكاتب الكبير محمد التابعى مقالًا عن أحوال رؤساء الوزراء في مصر قبل الثورة فى شهر رمضان فكتب يقول: لا شك أن أتقى رؤساء الوزارات في مصر وأكثرهم المحافظة على دينه هو صاحب المقام الرفيع مصطفى النحاس باشا؛ فهو يقدس شهر رمضان، ويعلن ذلك ولا يضيع يومًا من صيامه حتى لو كان مريضًا أو على سفر.
أما رب الكفاءات إسماعيل صدقى باشا ـ رحل عام 1950 ـ فإنه يمضى ليالى رمضان في داره بالزمالك يستمع إلى مشاهير المقرئين حتى إنه عيَّن مقرئًا يقف على باب داره ينادى حى على الصلاة حى على الفلاح في مواعيد الصلاة، ويدعو إلى بيته الكثيرين لتناول الإفطار، ويجلس معهم ينأنأ متظاهرًا بالصيام ومستبقيًا معدته وشهيته لساعة العشاء.
والمعروف عن دولة صدقى أنه كان يذهب في معظم أيام رمضان إلى دار صديقه وجاره توفيق دوس باشا ليتناول معه طعام الإفطار، وحدث مرة أن دعا دوس باشا سير برسى لورين المندوب السامى البريطاني لتناول طعام الغداء في داره وكان ذلك في شهر رمضان، ويظهر والله أعلم أن صدقى باشا لم يكن يعلم بوجود المندوب السامى هناك.
أقبل صدقى باشا ساعة الغداء كعادته فوجد سير لورين، وخجل دولته من الجهر بالإفطار ومخالفة أحكام دينه أمام المندوب السامى فجلس يوأنس المندوب البريطاني وعيناه تزغر لألوان الطعام من بعيد لبعيد.
وصاحب الدولة أحمد زيوار باشا رجل تقى صالح بطبعه، وهو يعترف بأنه لا يعرف الصيام وأنه لا يعرف الشهور العربية وأن شهر رمضان يستوى عنده مع بقية شهور السنة من يناير إلى ديسمبر إلا أن الشيء الواحد الذى ينفرد به رمضان عنده هو الكنافة والقطائف المحشية بالمكسرات.
تحايل على الدين
أما دولة الرقة عبد الفتاح يحيى باشا هو تقى بطبعه، وكثيرا ما تجد السبحة في يده من باب العياقة أو التدين والله أعلم، لكنه لا يصوم بحجة أن صحته لا تسمح له بالصيام، وكان يقول لو أن هناك فتوى تبيح أخذ الأسبرين في نهار رمضان لصام.
وصاحب الدولة محمد محمود باشا ـ رحل عام 1941 ـ فهو يصوم عندما يكون في الصعيد في ساحل سليم لأنه حريص على أن تحكم عليه بلدته بالطهر والورع لأنه لا يجسر أن يعلن أنه لا يصوم بين أبناء الصعيد، أما في القاهرة فإن دولة الباشا يعتبر نفسه على سفر ويفطر مستندًا إلى الآية الشريفة.
ودولة على ماهر باشا ـ رحل عام 1960 ـ يصوم منذ سنوات قليلة من باب الصحة والرجيم؛ حيث يجد دولته الراحة في الصيام ورغم ذلك يتناول الإفطار يوميًا مع جلالة الملك.
خروج من الوزارة
أما مراد سيد أحمد باشا وهو أحد وزراء وزارة صدقى باشا فقد داوم على عدم الصيام، وقد التقطت له صورة في ميدان السباق بمصر الجديدة وهو يدخن سيجارة علانية في شهر رمضان، وشاهد الصورة الملك فؤاد فغضب وأمر بخروج مراد سيد أحمد من الوزارة، وكانت النتيجة أن عيَّن وزيرًا مفوضًا لمصر في بروكسل.