قواعد بتمويل أوروبي.. خطة أمريكا للاستفادة من حرب أوكرانيا
يرى مراقبون أن الولايات المتحدة تسعى للاستفادة من الحرب الدائرة في أوكرانيا في تحقيق أهداف استراتيجية تتمثل في إنشاء قواعد دائمة بشرق أوروبا ودول البلطيق، تزيد التمدد الأميركي القديم شرقا، ويتحمل تكاليفها الأوروبيون.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، لم تفصح عن هويته، قوله إنه "ستكون هناك تغييرات في الموقف بأوروبا"، موضحا أن أوروبا الشرقية "سيتم تحصينها بقوات من دول حلف الناتو الأخرى التي تحسب ما سيكون ضروريا لردع روسيا في الأشهر والسنوات المقبلة".
وأضاف: "في الوقت الحالي، أعتقد بأننا سنكون قادرين على جعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ مسرحا ذا أولوية، مع إدراكنا أنه يتعين علينا زيادة حجمنا قليلا في أوروبا".
قواعد أمريكية بتمويل أوروبي
وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة بالجيش الأميركي، الجنرال مارك إيه ميلي، قد قال هذا الأسبوع، إنه يفضل إنشاء قواعد دائمة للقوات الأميركية، لكن مع تناوب نشر الجنود "حتى نحصل على تأثير دائم"، بتكلفة أقل.
وفي شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، قال ميلي: "أعتقد بأن الكثير من حلفائنا، خاصة أولئك مثل دول البلطيق أو بولندا أو رومانيا، مستعدون لإنشاء قواعد دائمة. سوف يبنونها ويدفعون ثمنها"، في إشارة إلى أن قلق هذه الدول من روسيا يدفعها لتحمل هذه التكلفة.
كذلك قال الجنرال بالقوات الجوية، تود دي وولترز، قائد القيادة الأوروبية الأميركية، إن سياسة الناتو المتمثلة في تناوب القوات عبر أوروبا الشرقية "يجب أن تتغير"، وإن الدول هناك "مستعدة تماما" لتولي قوات "الناتو" مسؤولية أمنها بشكل دائم.
وضاعفت وزارة الدفاع عدد القوات الأميركية في أوروبا بعد حشد روسيا لقواتها على الحدود مع أوكرانيا قبل بدء الحرب 24 فبراير، وذلك من 60 ألفا إلى أكثر من 100 ألف جندي.
البوصلة الأمريكية
وعن تداعيات الحرب الأوكرانية على المشهدين الأوروبي والأميركي، أوضح الأكاديمي الأميركي في جامعة فلوريدا المتخصص في العلاقات الدولية، إرك لوب، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الحرب لا تزال تراكم تداعياتها، وتعيد تشكيل التحالفات"، مضيفا أن "واشنطن والناتو سيراجعان وجودهما العسكري في المناطق التي تؤمّن مصالحهما وتمنع التهديدات التي يشكلها النفوذ الروسي المتنامي".
ووفق لوب، هناك تحركات تجري وتجعل بوصلة واشنطن تتجه أكثر إلى أوروبا بعد انحسارها سابقا، مشددا على أنه "بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ساد الاتجاه ذاته، وعدّ مسؤولون في البنتاجون أن وجود قوات في أوروبا الشرقية أمر ملح لحماية مصالح أمريكا وحلفائها في أوروبا".
والأسبوع الماضي، ألمح جون كيربي، الناطق بلسان "البنتاجون"، بالتزامن مع هذه الأنباء، إلى أن بلاده مع شركائها وحلفائها الأوروبيين سيبحثون الوضع الأمني المناسب في أوروبا.
ولفت كيربي إلى أن تقرير هذا الوضع يأتي على قائمة أولويات إدارة الرئيس جو بايدن "بغض النظر عن كيفية انتهاء هذه الحرب"، كما أن الإدارة بصدد التشاور بخصوص ما إذا كانت هناك ضرورة لـ"وجود دائم أكبر" للقوات الأميركية.
وإلى ذلك، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن القضية من المرجح أن تطرح في قمة حلف الناتو يونيو المقبل.
وبيّن أن: "هدفنا هو التأكد من أننا نواصل طمأنة حلفائنا وشركائنا، خاصة أولئك الموجودين على الجانب الشرقي وفي منطقة البلطيق"، أي المواجهة جغرافيا للحدود مع روسيا.