د. جودة عبد الخالق: الإصلاح بأجندة "الصندوق" إفساد.. ولا توجد دولة تبيع أصولها (حوار)
لا بد من تعديل الوضع الاقتصادي بما يتوافق مع التطورات الخاصة بمصالحنا
المجموعة الاقتصادية لم تحقق شيئا ولا بد أن تنفذ سياستها وليس سياسة صندوق النقد
بيع الأصول فى ظل انخفاض قيمة الجنيه مرفوض ويعنى البيع بالخسارة
نحتاج إلى مراجعة السياسة الاقتصادية الكلية مراجعة جذرية
القاعدة الإنتاجية لدينا هشة وهناك إهمال مزرٍ لقطاع الصناعة والتجارة
هل من الحكمة دخول الأموال وخروج بحرية مطلقة وتكون أرباحها معفاة من الضرائب؟
أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ووزير التموين الأسبق الدكتور جودة عبد الخالق أن الإصلاح الاقتصادى الذى كان منطلقًا من أجندة وتوجيهات صندوق النقد والبنك الدولى معناه إفساد اقتصادى، وليس إصلاحا ولعل انخفاض قيمة الجنيه المصرى فى مواجهة الدولار خير شاهد.
مشددًا في حوار لـ"فيتو" على أنه لا بد من وجود مرونة فى القطاعات الإنتاجية حتى يتم المحافظة على قيمة الجنيه، وتحمله أي صدمات أو متغيرات اقتصادية تحدث مثلما حدث فى أزمة كورونا، وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية وغيرها من الحقائق التى كشفها فى السطور التالية:
*فى البداية كيف ترى مستقبل الجنيه المصرى فى مواجهة الدولار بعد ارتفاعه؟
يجب أن نضع فى الاعتبار أولا أن الجنيه المصرى مثله مثل أي عملة أخرى مستقبله تحدده عدة عوامل، على رأسها مكانة القاعدة الإنتاجية فى الاقتصاد ومرونة الهيكل الإنتاجى، والحقيقة التى يجب الاعتراف بها أن القاعدة الإنتاجية لدينا هشة، وهناك إهمال مزرٍ لقطاع الصناعة والتجارة، والنشاط أصبح قاصرا على المضاربة والعقارات
وهذا يتطلب ضرورة وجود مرونة فى القطاعات الإنتاجية بحيث تتمدد وتستطيع مواجهة أي صدمات خارجية تؤثر على الاقتصاد، بالإضافة إلى ذلك نحتاج إلى مراجعة السياسة الاقتصادية الكلية مراجعة جذرية، بمعنى أننا ملتزمون بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى فيما يتعلق بحرية دخول وخروج الأموال.
لكن مع الوضع الاقتصادى الصعب لا بد أن تكون هناك ضوابط لذلك، وإلا ستكون عرضة لأى مؤثرات تحدث فى الخارج بدليل أن البنك الفيدرالى الأمريكى رفع سعر الفائدة فقمنا بنفس العمل، رغم أن قراره أدى لانكماش سعر الفائدة، ورغم ذلك قمنا برفع السعر.
*وما الحل من وجهة نظرك؟
*لا بد من إعادة النظر فى القرارات التى تتخذ، وهل من الحكمة أن تدخل الأموال وتخرج بحرية مطلقة وتكون أرباحها معفاة من الضرائب، فى نفس الوقت البنك المركزى يقترض لتوفير النقد الأجنبى، فهذا يتطلب وضع ضوابط على حركة رءوس الأموال الداخلة والخارجة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم وجود المرونة الإنتاجية يفقد الجنيه الحماية والقدرة على مواجهة الصدمات، وهذا يقتضى وضع قيود على الواردات لكن لا أحد يسمع.
*البعض يردد إمكانية بيع الأصول لسداد الديون، فما هو رأيك؟
هذا الكلام مرفوض لأن بيع الأصول فى ظل انخفاض قيمة الجنيه يعنى البيع بالخسارة، وهذا الأمر نعانى منه منذ 2016 باتفاقية تحرير سعر الصرف مع البنك الدولى وصندوق النقد، لدرجة أن قيمة الجنيه انخفضت لأكثر من 50%، وبالتالى بيع الأصول مرفوض، ولا توجد دولة تبيع أصولها لأن هذا سيدخل فى منطق العجزة والسماسرة.
*وما هو الإصلاح الاقتصادى المطلوب من وجهة نظرك؟
أولا ما يحدث تحت مسمى الإصلاح الاقتصادى من خلال أجندة أو توجيهات صندوق النقد الدولى هو إفساد اقتصادى، وليس إصلاحا، والسير على خطى الصندوق يعنى تنفيذ قراراته بحذافيرها دون مراعاة مصالحنا الخاصة، وبالتالي لا بد من تعديل الوضع الاقتصادي بما يتوافق مع التطورات الخاصة بمصالحنا لأن الصندوق يرى خفض سعر العملة ورفع سعر الفائدة لجذب رءوس الأموال، وعندما نطلب وضع قيود على الأموال يسمون ذلك عودة للوراء.
*أخيرا ما هو تقييمك لأداء وزراء المجموعة الاقتصادية فى ظل الأزمات الحالية؟
المجموعة الاقتصادية لم تحقق شيئا، ولم تستطع أن ترى خارج رؤية صندوق النقد الدولى، وهو الأمر الذى يضعنا فى ورطة، ولا بد للمجموعة الاقتصادية أن تنفذ سياستها وليس سياسة صندوق النقد.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"