رئيس التحرير
عصام كامل

وزير الأوقاف: رمضان مدرسة علمية وأخلاقية

الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

 أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن هذا الشهر العظيم المبارك شهر رمضان، هو مدرسة علمية، وفرصة عظيمة للتزود بصحيح العلم النافع المفيد، وهو فرصة لبناء الوعي الرشيد، ومن خلال هذا البرنامج "رؤية"، نحاول أن نلقي الضوء على عدد من القضايا الإيمانية، والأخلاقية، والقيم الإنسانية، والفكرية، مع تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة، والبداية تكون بالحديث عن مكارم الأخلاق.

 

وأوضح وزير الأوقاف في الحلقة الثانية من برنامج رؤية، أن رمضان هو شهر الأخلاق، وبناء الأخلاق، ومكارم الأخلاق، ألم يقل نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إذا أصبَحَ أحدُكم يومًا صائمًا، فلا يرفُثْ ولا يَجهَلْ، فإنِ امرؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَه، فلْيَقُل: إنِّي صائِمٌ، إنِّي صائِمٌ"، ذلك أن الصوم يهذب الأخلاق، وديننا دين مكارم الأخلاق، ألم يقل نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارم الأخلاقِ"، وقال (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ اللهَ تعالى استخلَصَ هذا الدينَ لِنَفْسِهِ، ولا يصلُحُ لدينِكم إلَّا السخاءُ وحسنُ الخلُقِ، فزيِّنُوا دينَكم بهما"، وقال (صلى الله عليه وسلم): "أحبُّكم إلى اللهِ أحاسِنُكم أخلاقًا؛ المُوَطِّئونَ أكنافًا، الَّذين يأْلَفونَ ويُؤْلفونَ"، ولم يقل النبي (صلى الله عليه وسلم) أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أكثركم صلاة ولا صيامًا إنما قال: "أحاسِنُكم أخلاقًا"، وذلك لأهمية الأخلاق في حياة الفرد، والمجتمع، والدول، والأمم التي لا تبنى ولا تقوم على الأخلاق تحمل عوامل سقوطها في أصل بنائها وأساس قيامها، ألم يقل الشاعر:
وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ
فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا
ويقول الآخر:
واذا أصيب القوم في أخلاقِهم
فأقم عليهم مأتمًا وعويلًا

وأشار إلى أن السلسلة المتميزة، سلسلة رؤية للفكر المستنير يأتي في مقدمة إصدارها الثاني هذا الكتاب، كتاب: "مكارم الاخلاق"، وهو ما نبدأ به في حديثنا في هذا البرنامج في هذا الشهر الفضيل، لنلقي الضوء على ما يجب أن يكون عليه الإنسان الصائم بل الإنسان صائمًا، أو غير صائم من القيم الأخلاقية، وأول خلق نؤكد عليه هو الصدق، ونقول الصائم لا يمكن أن يكون كذابًا أبدًا، والصيام والكذب لا يجتمعان، ولا ينبغي أن يجتمعان أبدًا، ذلك أن الصوم يقوم على حسن المراقبة لله (عز وجل) في السر والعلن، فالإنسان عندما يتوضأ ويضع الماء في فمه من الذي يطلع على هذا الماء أنزل إلى حلقه أم لم ينزل؟ إلا الله (سبحانه وتعالى)، هذا الإنسان الذي يراقب الله في صومه، يجب أن يراقب الله في بيعه وشرائه، وحِله، وتحريمه لما حرم الله، وفي قوله وفي صدقه، وفي أمانته، وأول الأعمال الصدق، إذا كان الصوم قائمًا على الإخلاص، فإن الصدق من أهم دلائل الإخلاص، وإن الكذب من أهم علامات النفاق، ألم يقل نبينا ( صلى الله عليه وسلم)": آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان"، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "أربع من كن فيه كان منافقا، ومن كانت خصلة منهن فيه كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر"، في كل الأحاديث الصفة الأولى من صفات المنافقين هي الكذب: "إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ" وفي رواية: "وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ"، وسئل النبي (صلى الله عليه وسلم )عن عمل أهل الجنة؛ فقال: "عمل أهل الجنة الصدق" وسئل النبي (صلى الله عليه وسلم ) عن عمل أهل النار؛ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا "، ولأهمية الصدق وصف الله (عز وجل) به نفسه فقال: " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا".

وقال سبحانه: " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا"، وقال سبحانه" وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"، ووصف به أنبيائه، فقال سبحانه: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا"، وقال سبحانه: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا"، وقال سبحانه: "يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ"، وقال سبحانه: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا"، وقال في نبينا (صلى الله عليه وسلم): "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى"،غاية الصدق، وقد لقب النبي (صلى الله عليه وسلم) منذ صغره بالصادق الأمين، وفي هذا يقول شوقي:
‏لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ
وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ


وأكد وزير الأوقاف أن القرآن الكريم تحدث عن وعد الصدق، ومدخل الصدق، ومخرج الصدق، ومبوء الصدق، ومقعد الصدق، ولسان الصدق، فقال سبحانه: "أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ"، ومدخل الصدق: هو كل مكان دخلته لله، ومخرج الصدق: هو كل خروج خرجته لله، قال تعالى: "وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا"، وتحدث القرآن الكريم عن مبوء الصدق: وهو المنزلة الحسنة في الدنيا، يقول سبحانه: "وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ"، وتحدث (سبحانه وتعالى) عن مقعد الصدق، فقال تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"، وتحدث (سبحانه وتعالى) عن لسان الصدق على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام، فقال سبحانه: "وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ"، ويقول سبحانه: "فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا"، نسأل الله العلي العظيم أن يهب لنا لسان صدق، ومبوء صدق، ومنزل صدق، ومقعد صدق، وأن يحقق لنا وعد الصدق، وأن يجعل مداخلنا مداخل صدق، وأن يجعل مخارجنا مخارج صدق، وأن يملأ حياتنا بالصدق، وأن يجعلنا من الصادقين، أنه ولي ذلك والقادر عليه.

الجريدة الرسمية