لماذا لم يتم توحيد رؤية الهلال بين الدول الإسلامية.. مفتي الجمهورية يجيب
تقدَّم الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، بأسمى آيات التهاني والتبريكات للرئيس عبد الفتاح السيسي ولجموع الشعب المصري والأمَّتين العربية والإسلامية بقدوم شهر رمضان المبارك، داعيًا الله عزَّ وجلَّ أن يوفِّق الجميع للرُّشد والخير ولتحقيق المزيد من التقدم والنجاح.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا أنَّ الشرع الشريف يقدِّر ويثمِّن قيمةَ العلم، بل هو جزء من الشخصية المسلمة، والمسلمون لم يكونوا بمعزل عن العلم، كما أنَّ العلم جزء من الرؤية الشرعية لأَهِلَّة الشهور العربية كرمضان وغيره، كذلك يمكن للعلم التنبؤ بمواقيت الصلاة، فضلًا عن الظواهر الطبيعية كالكسوف والخسوف وغيرهما لسنوات مقبلة.
ولفت المفتي النظر إلى أن المتتبع لتاريخ المسلمين يجد أن المسلمين قد برعوا في علم الفلك، ومع ذلك لم يستغنوا عن الرؤية الشرعية للأَهِلَّة على مدار العصور ليقينهم بالأهمية الشرعية للأَهِلَّة؛ لأنه يترتَّب عليها أحكام الحجِّ والعمرة وعِدد النساء وغيرها من الأحكام.
الحساب الفلكي للشهور العربية
وشدَّد المفتي على أن الحساب الفلكي القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة، فلكلٍّ منهما مجاله؛ حيث يهتمُّ الحساب الفلكي بولادة الهلال ومُكثه في الأفق بعد غروب الشمس، وكذلك الرؤية تستأنس بالحساب الفلكي في الردِّ على الشاهد الذي يزعم رؤيته وهو لم يولد أصلًا، بمعنى أن الحساب ينفي ولا يُثبت.
وعن دعاوى البعض بوجود تعارض بين الشرع وعلم الفلك قال فضيلته: "لا تعارض مطلقًا بين علم الفلك وبين الشرع المتمثِّل في الرؤية الشرعية، فالعِلمان متكاملان وليسا متعارضين، ولا عجب في ذلك فنحن أمَّة اقرأ المأمورة بالأخذ بأسباب العلم المادي الدنيوي المفيد للبشرية بمختلف تخصصاته، والمأمورة بالصيام والفطر لرؤيته".
وتابع فضيلة المفتي قائلًا: تقرَّر شرعًا أنَّ القطعيَّ مقدَّم على الظنيِّ؛ أي أن الحساب القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة، ولذلك اتَّفقت المؤتمرات الفقهية المعاصرة على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية الصحيحة، وهذا يعني أن الحساب ينفي ولا يثبت، وأنه يُعَدُّ تهمةً للرائي الذي يدَّعي خلافه.
وقد قال الإمام التقي السبكي في "فتاواه" عن ذلك: "لأَنَّ الْحِسَابَ قَطْعِيٌّ وَالشَّهَادَةَ وَالْخَبَرَ ظَنِّيَّانِ، وَالظَّنُّ لا يُعَارِضُ الْقَطْعَ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ، وَالْبَيِّنَةُ شَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ مَا شَهِدَتْ بِهِ مُمْكِنًا حِسًّا وَعَقْلًا وَشَرْعًا، فَإِذَا فُرِضَ دَلالَةُ الْحِسَابِ قَطْعًا عَلَى عَدَمِ الإِمْكَانِ اسْتَحَالَ الْقَبُولُ شَرْعًا؛ لاسْتِحَالَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَالشَّرْعُ لا يَأْتِي بِالْمُسْتَحِيلاتِ".
رؤية شهر رمضان
وأوضح أن الرؤية لها معايير محددة وليست قائمة على الهوى أو الآراء الشخصية بل تكون عن طريق اللجان الشرعية العلمية التي تضم شرعيين وتضم مختصين بالفلك والمساحة، وعددها ست لجان، مبثوثة في أنحاء جمهورية مصر العربية في طولها وعرضها، في أماكن مختارة من هيئة المساحة المصريَّة ومن معهد الأرصاد بخبرائه وعلمائه وبتعاون كامل من السادة المحافظين لهذه الأماكن التي تتوافر فيها شروط تيسر رصد الهلال، وبمشاركة علماء من الأوقاف والأزهر.
أمَّا عن إثارة بعض الناس للجدل بخصوص توحيد الرؤية أو اختلاف المطالع بين الدول الإسلامية فقد حسم الجدل قائلًا: الفقه الإسلامي واسع وفيه سَعة، فلا داعٍ للنزاع، والأفضل تقيُّد المسلم والتزامه برؤية بلده تجنبًا للبلبلة والنزاع.