المخازن السرية.. خطة المحليات للحرب على محتكري العيش والملح
«مصائب قوم عند قوم فوائد».. شعار يرفعه محتكرو السلع الذين سرعان ما يستغلون أي ظروف لرفع أسعار السلع، وذلك من خلال تخزينها وعرضها فى الأسواق بعد فترة من إخفائها عمدا حتى يتسنى لهم رفع سعرها بالقدر الذى يرضى جشعهم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، استغل التجار الحرب الروسية الأوكرانية لرفع أسعار السلع كافة، والتى ستظل فى زيادة مستمرة حتى دخول شهر رمضان الكريم.
احتكار التجار للسلع وانتشار السوق السوداء لم يأتِ إلا بعد أن اطمأن التجار أن مخازنهم السرية لتخزين البضائع بعيدة عن أعين الحكومة، وبالرغم من الحملات التى تشنها المحليات بالتعاون مع مديريات التموين فى كافة المحافظات لضبط هذه المخازن ومصادرة البضائع، فإن هذا لم يكن كافيا لضبط منظومة الأسعار.
خطة المحليات
اللواء محمود المهى، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية الأسبق، أكد خلال حواره لـ"فيتو"، أن كل فرد فى المجتمع لديه مسئولية عن محاربة السوق السوداء ومحتكرى السلع، فالمحليات غير قادرة وحدها على محاربة هذه المنظومة، قائلا: "محدش بيحارب لوحده"، موضحا أنه لا بد من تكاتف الجميع من أجل مواجهة محتكرى السلع؛ الدولة والمواطن معا.
وأشار “المهي” إلى أن المواطن هو أهم حلقة فى هذه السلسلة ويتمثل دوره فى الإبلاغ عن المخازن السرية التى يتخذها محتكرو السلع مأوى لتخزين البضائع بعد سحبها من الأسواق من أجل زيادة الطلب عليها ثم رفع سعرها، مؤكدا أن المواطن أكثر عين مراقبة للمجتمع، فكل مواطن يستطيع أن يرى ما يحدث فى نطاق منطقته، وبدون المواطن لن تنجح أجهزة الدولة فى محاربة السوق السوداء.
وأوضح "المهى"، أن المحليات لها دور فى محاربة السوق السوداء من خلال شن حملات تفتيشية مشتركة مع وزارة التموين والتجارة الداخلية ووزارة الداخلية من أجل غلق المخازن السرية، مع متابعة قرارات الغلق، مشيرا إلى أنه يجب اتباع سياسة "النفس الطويل" مع المخالفين، ولن يأت ذلك إلا من خلال الرقابة المستمرة، والتى يجب أن يقابلها مكافآت لأعضاء هذه الحملات من أجل تشجيعهم على العمل والاستمرارية.
المواطن فريسة
النائب المهندس محمد عبد الغنى أكد أن المواطن المصرى يقع فريسة للأسعار التى ترتفع من حين لآخر، بسبب ممارسات التجار الصغار وليس التجار الكبار فقط الذين يمارسون الاحتكار، لافتا إلى أن محاربة السوق السوداء ومحتكرى السلع أكبر من أن تواجهها المحليات وحدها، وأن النظام العام لا يساعد على ضبط الأسعار.
ولفت إلى أن المحليات لا تملك كافة الأدوات لتحارب هذه المنظومة وحدها سواء فى الموظفين الذين يعانون من نقص فى أعدادهم أو التشريعات التى تمنحهم صلاحيات لذلك، وأن تمثل دورها فى غلق المخازن السرية المخالفة لأنها فى الغالب تكون غير مرخصة.
ولكن ذلك يحتاج إلى تطبيق منظومة تراخيص سليمة، بحيث تكون المحليات على علم بكل عين مرخصة ونشاطها، ولكن على أرض الواقع 60% من المحال غير مرخصة، وهو ما يفتح بابا للفساد لضعاف النفوس من العاملين بالمحليات بالسماح لغير المرخصين المخالفين وأصحاب هذه المخازن بالعمل مقابل دفع رشاوى.
وقال عبد الغنى: إن ضبط الأسعار فى الأسواق ومحاربة محتكرى السلع يقع على عاتق جهاز منع الاحتكار، والذى يجب أن يتم تعديل تشريعى لتوسيع صلاحيته مع تقويته وزيادة عدد الموظفين به وتدريبهم وتغليظ العقوبات على المحتكرين، لافتا إلى أن إعلان جهاز حماية المستهلك باستقبال بلاغات المواطنين الخاصة بارتفاع أسعار السلع يأتى فى إطار الخلط بين الوظائف لأن جهاز منع الاحتكار هو المعنى بذلك.
واستنكر عبد الغنى الحملات التى تشنها المحليات بالتنسيق مع التموين لمراقبة أسعار السوق، وذلك لأن الدولة لم تقم بفرض تسعيرة جبرية، وإنما تتبع مصر نظام السوق الاقتصادى الحر الذى يعتمد على العرض والطلب، موضحا أن نظام السوق الاقتصادى الحر لا يتناسب مع طبيعة المجتمع المصرى، وأنه لا بد أن يتبع كل مجتمع نظاما سوقيا بما يحافظ على الطبقات الفقيرة فيه، على غرار ما يحدث فى الدنمارك وألمانيا، حيث يتم اتباع السوق الاجتماعى، والذى يعتمد على آلية العرض والطلب، ولكن مع الحفاظ على الطبقات المتوسطة والفقيرة.
نقلًا عن العدد الورقي…