د. صموئيل عصام يكتب: "الإدارة بالمعرفة"
نحن الآن في عصر المعلومات، وذلك لما نراه من النمو السريع في المعلومات والمعارف من حولنا، فعلى مستوى العالم فإن كمية المعلومات تتضاعف كل خمس سنوات، وقوة الحاسب الآلى تتضاعف كل سنتين على الأقل.
والمشكلة التي تواجهنا ليس كما كانت في الماضي مشكلة نقص المعلومـات، بل المشكلة الآن هي التعامل الذكي ليس فقط مع الكم الهائل من المعلومات المتوافرة، بل مع التعدد الكبير في وسائل وطرق النقل وتخزين وتبادل المعلومات.
وقد برزت تكنولوجيا المعلومات لتفرض نفسها كصناعة متعددة الجوانب، ووسيلة لا غنى عنها للإنسان في مختلف مراحل عمره وفي أدائه لمختلف وظائفه من إتخاذ القرار أو البحث أو التنفيذ وحتى في حياته اليومية.
إدارة المعرفة
وفي ضوء ما سبق ظهر في أواخر القرن العشرين مفهوم إدارة المعرفة، والذي يقصد به عملية إدارة البيانات والمعلومات والمعرفة في المنظمات؛ بهدف جمع وتنظيم وتصنيف وجدولة وتحليل وتخزين البيانات والمعلومات والإضافة عليها واسترجاعها، وتوفيرها بأشكال مناسبة ومفهومة للعاملين في المنظمات للإستفادة منها.
لذلك نجد الإدارة بالمعرفة هي مسئولية المدراء والعاملين معًا، والذين يجب أن يستفيدون ويسترشدون بالمعرفة والبيانات والمعلومات عند إتخاذ القرارات وتحليل وحل المشكلات وعند وضع السياسات وتصميم البرامج وتحديد الإستراتيجيات، وعند التحليل للبيئة الداخلية والخارجية للمنظمة للوقوف على نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات ( نموذج التحليل الرباعى SWOT Analysis ).
ثورة الحاسبات
والمنظمات المعاصرة تواجه على إختلاف أنواعها موجه من التحولات والتغيرات المتسارعة التي تجتاح عالم اليوم، وفي مقدمتها ثورة الحاسبات الآلية وثورة الإتصالات والثورة المعلوماتية.
وتعتمد الثورة المعلوماتية على المعرفة العلمية المتقدمة والإستخدام الأمثل للمعلومات المتدفقة الناتجة عن التقدم الهائل في حركة البحث العلمي وتقنيات الحاسب الآلى والإنترنت.
كما أن كثيرًا من المنظمات المعاصرة أصبحت تُدرك أن الميزة التنافسية التي تحصل عليها من جراء إعتمادها على التكنولوجيا فقط هي ميزة غير حقيقية، حيث تعتمد الميزة الحقيقية على تبني موظفي المنظمة أنفسهم بما يملكونه من خبرات ومعارف. لقد أصبحت الإدارة أحد الأدوار الحيوية للمدير وذلك بالإستخدام المنظم للبيانات وللمعلومات والمعرفة ولمعلومات وخبرات العاملين بالمنظمة.
الإدارة بالمعرفة
وبالإطلاع على واقع المنظمات في الدول العربية بصفة عامة، وفي مصر بصفة خاصة سنجد أن الإهتمام بتطبيق أو ممارسة إدارة المعرفة والإدارة بالمعرفة يعتبر محدودًا حتي الوقت الحالي، وينطبق ذلك بشكل أكبر علي المؤسسات الحكومية أكثر من القطاع الخاص.
والشركات التي تطبق الإدارة بالمعرفة تهدف من ذلك الحصول على فوائد كثيرة منها: تقديم خدمة أفضل للعملاء، وتقليل وقت العمل والإنتاج، وتقليل النفقات، وتطوير المنتج سواء كان سلعة أو خدمة، وتسليم منتجات ذات جودة أعلى، وتعزيز المرونة، وزيادة عملية التأقلم والتوافق مع بيئة العمل.
ويمكننا تحديد أهمية الإدارة بالمعرفة فى النقاط التالية:
1- مساعدة المنظمات على الإستفادة والتعلم من التجارب والأخطاء السابقة.
2- المساهمة في تطوير قدرة المنظمة على الإبداع والإبتكار.
3- تعزيز قدرة المنظمة على حفظ المعرفة والكفاءات التي تمتلكها خوفًا من النسخ أو الضياع.
4- تعزيز إمكانية المنظمة على إستبدال المعرفة القديمة.
5- تطوير الكفاءات والمهارات الصحيحة على المدى الطويل.
6- الإستفادة من المعرفة المتاحة بكفاءة وإعادة نشرها لإفادة المنظمة في أكثر من مجال وفي أكثر من وظيفة.
إدارة المعرفة والإدارة بالمعرفة
ولعلنا نجد أنفسنا أمام تساؤل هام ومُلح: ما الفرق بين إدارة المعرفة والإدارة بالمعرفة ؟
إدارة المعرفة تهتم بعمليات جمع وتصنيف وتحليل البيانات والمعلومات وتخزينها والإضافة عليها وتعديلها وإسترجاعها وتوفيرها للعاملين في المنظمة للاستفادة منها.
بينما الإدارة بالمعرفة فإنها ترفع شعار لا قرار بدون توفر البيانات والمعلومات المطلوبة، ولا خطة بدون توفر البيانات والمعلومات المطلوبة وهكذا. أي أن الإدارة بالمعرفة يتم تطبيقها أو ممارستها بناء علي إدارة المعرفة التي توفر البيانات والمعلومات والمعرفة المطلوبة للإدارة بالمعرفة.
الاستخدام الفعال للمعرفة
بمعني أن الإدارة بالمعرفة هي التوظيف أو الاستخدام الفعال للمعرفة التي توفرها إدارة المعرفة.
كذلك المسئول عن إدارة المعرفة هم مهندسو الحاسبات الآلية والمبرمجون ومدخلو البيانات وجامعو البيانات والمسئولون عن تشغيل النظم وصيانتها، بينما المسئول عن الإدارة بالمعرفة هم جميع العاملين بالمنظمة، وخاصة متخذي القرارات وواضعي السياسات والاستراتيجيات والخطط والبرامج.