بوتين وبايدن.. من ينجح فى ملف إيران.. وخبراء: طهران تمسك العصا من المنتصف رغم تأييدها روسيا
بعد أن وصلت المفاوضات بشأن الملف النووى الإيرانى فى فيينا إلى مراحل متقدمة جدا جاءت روسيا ووضعت العصا فى العجلة، مما أدى إلى إيقاف المفاوضات حتى إشعار آخر بعد أن كادت تصل إلى مراحلها النهائية بعد قرابة 11 شهرا فى محاولة لإعادة صياغة اتفاق نووى بين إيران والدول الكبرى.
شروط روسيا
شروط روسيا للموافقة على ما تم التوصل إليه فى التفاوض رأت أمريكا أنه لا علاقة له بالاتفاق النووى الإيرانى ومن غير المقبول لها أو لأى من القوى الغربية الموافقة عليه، وحذرت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا فى بيان مشترك، من أن الاتفاق بات فى مهب الريح نتيجة المطالب الروسية، خاصة بعد أن طالب وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف بضمانات مكتوبة منها أن التجارة الروسية مع إيران لن تتأثر بالعقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا، وهو مطلب غير مقبول من جانب القوى الغربية خاصة أنه محاولة روسية لتخفيف وطأة العقوبات عليها.
والسؤال: "إلى متى ستظل الدول الغربية على موقفها إذا أصرت روسيا على شروطها؟.. هل سيضطر الغرب إلى إخراجها من نطاق الاتفاق النووى؟ وهل ستنجح روسيا فى هذه الحالة فى تعطيل الاتفاق ووضع الغرب فى ورطة؟ وهل ستخدم النتائج مصالح الأطراف المعنية؟".
الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربى لتحليل السياسات الإيرانية، قال إن إيران شأنها شأن سائر بلاد العالم تتابع وضع حليفتها روسيا عن كثب، كما اتخذت موقفا مساندا لروسيا، كما أكدت الخارجية الإيرانية من جانبها أن تدخلات الناتو واستفزازاته بقيادة الولايات المتحدة، أدت إلى تعقيد الوضع فى المنطقة، وهو ما يعنى أن إيران ألقت رسميا باللائمة على الغرب، وكذلك ألقت بثقلها كاملا خلف الموقف الروسى الذى دانته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبى.
وأضاف الدكتور محسن أبو النور، أنه فى حال انتهاء مباحثات فيينا حول الملف النووى الإيرانى ورفع العقوبات فإن إيران ستزيد من صادرات النفط إلى 2،5 مليون برميل يوميا، وإن حدث هذا فستتمكن إيران من تعويض آثار عقوبات الاتفاق النووى، ما سينعش اقتصادها.
إمساك العصا من المنتصف
وتابع: يتضح مما سبق نية إيران ورغبتها فى إمساك العصا من المنتصف، بحيث لا تخسر حليفتها موسكو ولا تهدر فرص الالتحاق بالحصص السوقية الدولية النفطية فى حال تم التوصل لاتفاق نووى جديد فى فيينا، بعد العقوبات الدولية على روسيا.
وبدوره قال شريف عبد الحميد، رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية، إن الحرب الروسية على أوكرانيا تمتد إلى خارج طرفى الصراع، وفى مقدمة ذلك الاتفاق النووى الإيرانى، والإدارة الأمريكية لم تخفِ أنها مستعدة لتقديم صفقة لإيران قبل التوقيع، بما فيها إلغاء العقوبات المفروضة على برنامجها النووى، وإذا نظرنا إلى روسيا فسنجد أنها لاعب رئيسى فى المفاوضات حتى قبل إعلان الحرب على أوكرانيا، كما أنها ترفض أن تنتج طهران أسلحة نووية، لذلك كانت على استعداد للضغط على إيران لصالح أمريكا للتنازل فى بعض النقاط الخلافية.
وسلط شريف عبد الحميد الضوء على تسريبات وزير خارجية إيران السابق جواد ظريف فى أبريل 2021 التى تحدث فيها عن محاولات روسية للطعن بالاتفاق النووى فى الأسابيع الأخيرة من توقيعه عام 2015، قائلا إنه ليس من مصلحة روسيا أن تطبع طهران علاقاتها مع الغرب، وكذلك إهانته لوزير الخارجية سيرجى لافروف خلال المفاوضات النووية حين سأله عن تفاصيل فى المفاوضات ورد عليه ظريف قائلًا: «هذا ليس شأنك»، ومع وصول المفاوضات النووية فى فيينا إلى المراحل النهائية تبقى مخاوف إيران أن تمتد آثار الخلافات بين روسيا والغرب نتيجة الأزمة الأوكرانية إلى المفاوضات النووية الإيرانية، الأمر الذى ربما سيمنع الأطراف المشاركة من الموافقة على النص النهائى للاتفاقية.
وأردف: وهذا ما ظهر عندما حذر وزير الخارجية الروسى من أن العقوبات الغربية الأخيرة ضد روسيا يمكن أن تقوّض المفاوضات النهائية، إذا لم يتم إصدار استثناءات للتجارة بين روسيا، وهنا العقبة الكبرى التى لن توافق عليها أمريكا أو الغرب برفع ولو جزئى عن العقوبات المفروضة على روسيا، كما أن وزير الخارجية الأمريكى وصفها بأنها «بعيدة الصلة» عن الاتفاقية، وتم انتقاد الموقف الروسى على نطاق واسع داخل إيران، حيث قال مستشار الفريق الإيرانى المفاوض فى فيينا: «إنه ليس من الواضح تمامًا ما الذى يقصده الروس وما إذا كان مرتبطًا بالتنفيذ الفعلى لاتفاقية إيران النووية خصوصًا فيما يتعلق بالبرنامج النووى الإيرانى نفسه.. فنحن لا نزال بانتظار التوضيحات».
انصياع الغرب
وحول مدى انصياع الغرب لمطالب روسيا وإمكانية إبرام اتفاق نووى مع إيران بعيدًا عن موسكو، قال رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية أن أمريكا تريد التوصل إلى خاتمة للمفاوضات النووية مع إيران بسرعة نظرا لشعورها بالقلق من طول الحرب فى أوكرانيا وأن تستغل موسكو المفاوضات النووية لتعزيز نفوذها، والسبب الآخر أن إدارة بايدن واجهت انتقادات كبيرة لسياستها الخارجية إزاء أفغانستان وأوكرانيا، ومن مصلحتها حل الاتفاق النووى الإيرانى.
كما أن إنهاء المفاوضات النووية مع إيران سيسمح للغرب بالتفرغ لمواجهة روسيا لاعتقادهم بأن استمرار المفاوضات يصب فى مصلحة روسيا، وفى حال فشل تلك المفاوضات فإن العقوبات الغربية ضد روسيا ستدفع موسكو إلى مزيد من التجاهل لنتائج انتهاك العقوبات الأمريكية فى التعامل مع إيران.
وأضاف "عبد الحميد"، أن الإيرانيين يلعبون على إحياء الاتفاق النووى فهى فرصة تاريخية أمامهم لتغيير لعبة الطاقة واستغلال الأزمة ومنافسة روسيا فى هذا القطاع، لأنه فى حال غياب الطاقة الروسية سيزيد ذلك من حاجة الغرب للطاقة الإيرانية، فكل تلك الأسباب ستدفع أمريكا والغرب للتوصل إلى نهاية للاتفاقية النووية الإيرانية بسرعة ولو بدون روسيا، موضحًا أن مستقبل الاتفاق النووى الإيرانى بعد الحرب الروسية الأوكرانية، إذا حدث به أي تساهل فهذا يعنى خسائر مضاعفة لإدارة بايدن وسط تربص الحزب الجمهورى.
نقلًا عن العدد الورقي…