فاطمة ناعوت: البحيري هدم جملة "هو إحنا غلطنا في البخاري".. و"القمني" في الفردوس الأعلى | حوار
>> إبراهيم عيسي أكثر إيمانًا ممن كفروه.. وخالد منتصر أحد العقول التنويرية بمصر
>> مبروك عطية يخونه التعبير أحيانا.. وأتعلم من سعد الهلالي كل يوم
>> هناك كتب في التعليم الأزهري تحض علي العنف والبغضاء وتخرج جيلا يؤذي المجتمع
تمتلك فاطمة ناعوت جرأة مشهودة في طرح أفكارها والدفاع عنها. تقول ما تعتقده صحيحًا وتنقد ما تراه خاطئَا.
كتاباتها تنحاز للمواطنة والدولة المدنية وتمكين المرأة. في أزمة إبراهيم عيسى الأخيرة كانت حاضرة، وعند رحيل سيد القمني لم تكن أبدا غائبة. حضورها دائمًا طاغ ومؤثر.
“فيتو” استضافت الكاتبة فاطمة ناعوت وأجرت معها هذا الحوار:
*تتناولين في مقالاتك دائمًا إشكالية قبول الآخر، وتعتبرينها أقرب للخرافة والأسطورة عند العرب..وأن هذا أمر مستحيل..لماذا؟
العقلية النقدية لدي العرب غائبة وهي التي تقبل الفكرة الأخري وتتقن عدم نفي الآخر، ونتجادل حول الأفكار والآراء المختلفة، فعندما تقولين رأيا وأنا أقول رأيا مغايرا أنفيك حرفيا إنك خطأ وأكفرك أو أقاضيك بأي تهمة ما، تصل حتي إلي التصفية الجسدية والقتل.. كل ذلك أدي لتأخر النهضة العربية بالمعني الفكري والتنويري.
*هل عدم قبول الآخر يقتصر على تيار دون الآخر..هل مثلا التيار التنويري أكثر قبولًا للآخر من التيار المحافظ أو الديني؟
التيار التنويري جزء من تكوينه وآلياته قبول الآخر، لأنه هو الذي يحض على فكرة العقلية الناقدة، لا يأخذ بالمسلمات لكنه يفكر في كل شيء ويحلل.. إنما العقل الكسول أو النقلي هو الذي يحكمه الكسل عن التفكير واستعارة عقل الآخر ليفكر به، وهذا يؤدي لاستغلال الآخر لأصحاب العقل الكسول لامتلاك زمام عقله، فيستغله بالتخويف أو السلطة الدينية أو امتلاكه كلمة الله.. التنوير يمتلك داخله ثقافة قبول الآخر ويرفض الحض علي العنف والكراهية والعنصرية والطائفية وذلك يتماشي مع دستورنا المصري الأخير الذي يتيح حرية الرأي للجميع.
*هل يمكن إدراج أزمة إبراهيم عيسى الأخيرة ضمن أزمة قبول الآخر؟
طبعًا.. بكل ثقة هناك كارثة أكبر من أزمة قبول الآخر، وهي أزمة عدم فهم الآخر.. ليس معني أن هناك رأيا مختلفا عن رأيي أن اعتنقه.
مشكلة إبراهيم عيسي هي أعقد مما نتخيل..لأنه لم ينفِ معجزة المعراج ولكنه قال إن هناك روايات كثيرة حول هذا الأمر، بعضها قال كذا والبعض الآخر قال كذا، اقرأوا واستفتوا عقلكم.. من واجبي أن أفكر عندما أجد قصة مهمة دينيا تم روايتها بأكثر من رواية.
*ما رأيك في ردود الفعل الغاضبة من طرح إبراهيم عيسى الخاص بالمعراج.. وبالقضايا الدينية الأخرى التي يطرحها دائمًا؟
فكرة الغضب ليست من تصريحات إبراهيم عيسى، ولكنها فكرة رفض إبراهيم عيسي كشخص.. مثل فكرة رفض فاطمة ناعوت كشخص.. فهي فكرة شيطنة الآخر إذا كرهت الشخص.. حتي إذا قال حقيقة علمية يتم رؤيتها بشكل غاضب.. إبراهيم عيسي أكثر إيمانًا ممن كفروه، وهو مثل شخص يقوم بإيقاظك من النوم ويدعوك للتفكير وانت ترغب في النوم.
*هل أزمة المعراج الأخيرة ذكرتك بقضيتك الخاصة عندما استنكرتِ إراقة دماء الأضحية في عيد الأضحى؟
أكيد.. لأنني تم فهمي بالشكل الخطأ..ما قمت بنشره علي صفحتي مقطع فيديو لأضحية يتم تعذيبها أثناء ذبحها وهناك سنن من النبي الكريم للطريقة الصحيحة للذبح الشرعي.. وبالفعل تم تحريف ما كتبته.
*تعرض المفكر الراحل سيد القمني لهجوم شديد بعد وفاته.. كيف تابعت هذا الهجوم..ولماذا وصفتِه بأنه "أبوكِ الروحي"؟
الرجل الآن في رحاب الله، وأنا أعلم جيدا أن مأواه الفردوس الأعلى.. وهذا خير مقام.. وصفته بأنه الأب الروحي، لأنه رجل يدفع الناس إلي التفكير بجوهر الإسلام الحقيقي بعيدا عن العنف والبغضاء والكراهية.
*رغم حديث الرئيس عن ضرورة تجديد الخطاب الديني..هل قطعت الجهات المسئولة خطوات مهمة أم لا نزال في المربع صفر؟
الخطوة المقطوعة صفر.. برغم أن الرئيس السيسي لم يقل تجديد الخطاب الديني فقطـ بل: قال تصويب الخطاب الديني.. الخطاب الذي يدعو الناس للكراهية وتحريم تهنئة المسيحيين، وتحريم الترحم علي من لا يعتنق الإسلام لابد من تصحيحه.
*هل الخطاب الدينى فقط هو ما يحتاج إلى تجديد..أم أن الخطابين التنويري والثقافي أيضا يحتاجان إلى تجديد؟ وكيف يتم تجديدهما؟
أنا مؤيدة للتجديد في كل شيء، فطبيعي جدا أن نجدد الخطاب التنويري، ولكن بدون أن تهدر دماؤنا أو تقتلني.. أنا كفاطمة لا يعجبني الخطاب التنويري، لأنه أحادي، وذلك لأن لدينا مثقفون ولكن ليس لدينا حوار ثقافي وتلك هي مشكلة الخطاب التنويري.
*ما هي مهمة الكاتب والمفكر التنويري في المجتمع..وهل المصريون مؤهلون للتعاطي مع أفكارهم التي تصل أحيانًا إلى حد الصدمة؟
مهمته محاولة إنعاش العقلية النقدية.. محاولة استعارة عقل الآخرين مرض، لأننا سنحاسب فرادى.. فالتنويري عكس الظلامي التنويرى يساعدك على أن تفكر وتعقل الأمور.
*لماذا تتركز قضايا التنويريين دائمًا على الدين..أليست هناك قضايا أخرى ضاغطة تستحق الطرح والنقاش؟
دين الإسلام العظيم ليس به كهنوت.. ولا يوجد ما يسمي وظيفة رجل دين في الإسلام.. فلماذا يتم الإجبار بفكرة أن القرضاوي أو حسان أو عبد الله رشدي أو شيخ الأزهر هما الدين؟.. الدين هو القرآن الكريم والصحيح من السنة.
*لماذا يتخذ التنويريون طول الوقت موقفًا رافضًا للأزهر الشريف وإمامه الأكبر؟
ليس الأزهر الشريف.. لكن هناك كتبا في التعليم الأزهري تحض علي العنف والبغضاء، وتخرج جيلا يؤذي المجتمع فيما بعد.
*ما رأيك في أداء وزارة الثقافة..وهل يتواكب مع توجهات وتطلعات الرئيس السيسي؟
أعشق وزيرة الثقافة لأنها هي الجمرة لاعتصام المثقفين حينما كانت رئيسا لدار الأوبرا، وأتمني المزيد من دعم وزارة الثقافة للتفكير والتنوير ومازلنا نحتاج للمزيد.
*رسائل سريعة إلى:
-إيزيس سيد القمني/ إبراهيم عيسى/ خالد منتصر/ إسلام بحيري/ سعد الدين الهلالي/آمنة نصير/د.مبروك عطية.
أقول لإيزيس: ربنا يصبرك وأدعوكي أن تكوني نبتة طيبة ولا تلقي بالا للصغائر.
ولإبراهيم عيسي: ستظل عظيما وأديبا عظيما.
ولخالد منتصر: أنت أحد العقول التنويرية في مصر.
ولإسلام البحيري: شكرًا لأنك هدمت جملة "هو احنا غلطنا في البخاري".. أشكرك للجهد الذي بذلته.
وللدكتورسعد الدين هلالي: أتعلم منك كل يوم.
وللدكتورة آمنة نصير: أنتِ نموذج رفيعا للدفاع عن الإسلام.
وللدكتور مبروك عطية: “أحبك علي المستوي الإنساني.. لكن أحيانا يخونك التعبير".
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..