هل تتعرض أوكرانيا للتقسيم.. خبير إستراتيجي يكشف الحقيقة
فيما يبدو أنها توطئة لفصل شرق أوكرانيا، الذي يضم في العديد من أقاليمه مناطق ذات كثافة سكانية من أصل روسي، مثل إقليم دونباس، الذي يضم جمهوريتي لوجانسك ودونيتسك اللتين اعترفت بهما موسكو قبيل بدء عمليتها العسكرية، أعلن الجيش الروسي أنه سيغير من الآن فصاعدا إستراتيجيته وسيركز على "التحرير الكامل" لمنطقة دونباس في شرق أوكرانيا.
وذكر نائب رئيس الأركان العامة الروسية، سيرجي رودسكوي، أن "الأهداف الرئيسية للمرحلة الأولى للعملية أنجزت".
وأضاف: "لقد تم خفض القدرات القتالية للقوات الأوكرانية بشكل كبير، مما يسمح بتركيز الجزء الأكبر من الجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس".
ويرى المراقبون والخبراء العسكريون في هذا الإعلان، علامة على أن موسكو، ربما في ظل استعصاء تحقيق سيناريو السيطرة على كامل أوكرانيا وخاصة العاصمة كييف وكلفتها الباهظة، يبدو أنها ستكتفي بتحقيق هدفها الأول والذي كان سببًا لبدئها الحرب كما تقول، وهو حماية الروس في شرق أوكرانيا وضمان حقوقهم.
أهداف إستراتيجية
وتعليقًا على دلالات الإعلان الروسي وحظوظه في النجاح، يقول مهند العزاوي، رئيس مركز صقر للدراسات، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "لدى الروس منذ بداية الحرب 3 رهانات أو أهداف، يفترض أنها تكتيكية تخدم الهدف الإستراتيجي المتمثل في وقف تمدد حلف الناتو شرقًا، وأولها وأصعبها هو السيطرة على العاصمة الأوكرانية، كييف، لإسقاط نظام الرئيس زيلينسكي واستبداله، وهذا لن ينجح غالبًا كون الجغرافيا العسكرية في تلك المنطقة صعبة جدًّا ووعرة للغاية، حيث الغابات الكثيفة تزنر العاصمة وتسهل مهمة قتال المجوعات المدافعة الصغيرة الخاصة، مما سيورط موسكو في حرب عصابات وشوارع وأدغال ضدها، وهذا النوع من الحروب هو مقتل الجيوش النظامية المهاجمة".
تفكيك الجيش النظامي
علاوة على أن أوكرانيا كانت مستعدة لهكذا سيناريو، كما يشرح الخبير العسكري والإستراتيجي، متابعًا: "فمنذ عام، فككت أوكرانيا الجيش النظامي وعدده نحو ربع مليون جندي مع نحو نصف مليون عنصر احتياط، وقلصته حسب التقارير العسكرية المختصة إلى 60 ألف جندي، وما تبقى قسمتهم لفرق ومفارز قتالية صغيرة ومتنقلة، إضافة لما يسمون المتطوعين الأجانب الذين يبدو أنهم دخلوا أوكرانيا حتى قبل اندلاع الحرب".
ويضيف العزاوي: "الهدف الثاني هو حرمان أوكرانيا من حيزها أو رئتها البحرية الجنوبية، عبر بحري آزوف والبحر الأسود، والسيطرة على تلك المناطق، وروسيا تكاد تحقق هذا الهدف وهي في طريقها للسيطرة على أوديسا، ولهذا ستفقد كييف قدراتها بنسبة 90 في المئة في التصدير والاستيراد عبر موانئها، وهذا يشكل ضربة قاصمة لاقتصادها".
دولة منزوعة السلاح
الهدف الثالث هو جعل أوكرانيا دولة منزوعة السلاح ومحايدة وفي حال عدم تحققه، كما يوضح رئيس مركز صقر للدراسات: "فإن موسكو ستعمد لعزل شرق أوكرانيا وفصله عن غربها، خاصة وأن الكثيرين من سكان هذه المناطق الشرقية هم من أصل روسي ويتحدثون اللغة الروسية كلغة أولى لهم، كما في إقليم دونباس، ولديها قوات كبيرة في تلك المناطق حيث تسيطر على نحو 60 في المئة من شرق أوكرانيا، ويمكنها من نهر دنيبرو عزل الشرق وجعله منطقة فاصلة بين روسيا وغرب أوكرانيا، وهذا خيار مطروح بقوة على طاولة القادة الروس".
ويتابع الخبير العسكري: "سيفكون حصارهم عن كييف، حال سيطرتهم على الجناح الشرقي للبلاد ومناطقه كسومي وخاركوف ولوجانسك وصولًا للشريط البحري مسيطرين بذلك على حرف U في شرق وجنوب أوكرانيا، ومن ثم قد يعملون على ضمان استقلال هذه المنطقة وفصلها عن أوكرانيا، وربما يقومون بإسباغ اسم جديد عليها، كما فعل حلف الناتو مع العديد من دول أوروبا الشرقية كيوغوسلافيا مثلًا".