حاربت المرض اللعين من أجل أبنائها.. رحلة البطلة سعدية مع السرطان | فيديو وصور
سيدة أربعينية بسيطة، كحال العديد من السيدات اللاتي خلقن لبيتهن وأولادهن فحسب، تقطن سعدية في منطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، في شقة متواضعة بالطابق الرابع في منزل العائلة، كانت حياتها تسير بإيقاعها المنتظم ربة منزل تستيقظ في الصباح لتحضر وجبة الإفطار لأولادها الثلاثة، ثم تنظف بيتها وتحضر طعام الغداء، ولكن في ديسمبر من العام ٢٠١٨ أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، أصيبت سعدية بسرطان الثدي وبدأت رحلة محاربة تلك الأم البسيطة للمرض اللعين.
مع حلول مناسبة عيد الأم التي توافق اليوم الحادي والعشرين من شهر مارس، كان من المهم أن نلقي الضوء على رحلة تلك السيدة على مدار أربعة سنوات لمحاربة المرض، كيف استطاعت تلك البطلة القوية التي واجهت ألم السرطان وأوجاع جلسات الكيماوي، وذاقت مرارة فراق الأبناء لأكثر من أربعين يوما وقت أن أجرت عملية استئصال الثدي الأيمن، رحلة تملؤها الصعاب والتحديات ونتيجة مبهرة وصلت إليها هذه السيدة وهو أنها عادت إلى الحياة مرة أخرى حاربت شبح الموت والمرض الأسود وعادت إلى أحضان أبنائها مرة أخرى.
يوسف ومحمد وعمر هم أبناء السيدة سعدية الثلاث، كانوا شركاء هذه السيدة في رحلة محاربة المرض إلى جانب السيد علاء زوجها والداعم الأكبر والأهم لها، رافقنا سعدية في في جولة سريعة إلى تفاصيل تلك الرحلة، كيف نجحت في أن تتغلب عليه وتعود إلى بيتها مرة أخرى بين أبنائها تمارس حياتها الطبيعية مثلما كانت قبل إصابتها بالمرض.
والبداية كانت في ليلة من ليالي ديسمبر الباردة، حينما كانت سعدية تبدل ملابسها فاصتدمت يداها بالورم، في الثدي الأيمن خافت وشعرت بأنه هو الزائر ذاته الذي أتى والدها في الجلد قبل سنوات وقتله في نهاية المعركة، هرعت إلى الصيدلية الكائنة في مدخل الشارع الذي تسكنه اكتشفت الصيدلانية أنه المرض الخبيث، نصحتها بأن تجري أشعة على تلك المنطقة وهذا ما حدث في اليوم التالي، "جت النتيجة ورم خبيث في الثدي اليمين، رحت قصر العيني وقالوا لي لازم نحتجزك قلت لهم أنا ولادي أطفال ولوحدهم" لم تر حينها غير أولادها تركت المستشفى ورجعت إلى البيت أحضرت الطعام الذي يكفيهم لعدة أيام أخذت الملابس وذهبت لتبدأ رحلة العلاج.
ظلت سعدية في مستشفى قصر العيني مدة أربعين يومًا بين إجراء التحاليل والفحوصات وغير ذلك، لم يكن أمامها السبيل للتواصل مع الأبناء إلا من خلال الهاتف المحمول ومكالمات الفيديو حتى بات بالإمكان رؤيتهم وزيارتهم لها، وفي النهاية أجرت العملية وانقطع جزء من جسدها ظلت بعد العملية لمدة ستة أشهر تحصل على جرعات الكيماوي، حتى سقطت كل شعرات رأسها حتى شعر حاجبيها، "قعدت ٣ شهور ويمكن أكتر مش عايزة أبص لنفسي في المراية أو أغير هدومي لابسة على رأسي غطاء الرأس عشان ولادي ما يشوفونيش كدة، كنت آخذ الكيماوي وأرجع وأقفل عليَّ باب الغرفة مش عايزة أشوف حد وبعد أسبوع أخرج وعمر ابني يبقى بيرقص من السعادة".
ظل الوضع هكذا في المنزل عدة أشهر، السيدة التي لم تخرج من منزلها سوى لإحضار وجبات الغداء والإفطار، كل عدة أيام تنقلها السيارة إلى المستشفى تحصل على جرعة الكيماوي ثم تعود إلى البيت مرة أخرى، تغلق الغرفة ثانية لفترة ثم سرعان ما تعود الأمور لنصابها بعد انقضاء أسبوع أو تسعة أيام، "كان ولادي طول رحلة العلاج هما اللي شاغليني كنت خائفة لو مت هيعملوا إيه من غيري ابني عمر الصغير متعلقة روحه بروحي لو الأكل من مطبوخ بإيدي مش بياكله".
كان تعلق روح الأم بأبنائها هو الداعم النفسي والدفعة التي جعلتها تحرز كل هذا التقدم في العلاج في وقت قصير، كانت مكالمة عمر لها في المستشفى وهو يخبرها "ياماما وحشتيني ارجعي بقى أو هاجيلك أنا" تجعلها تشحذ الهمة لكي تحارب هذا المرض وتنتصر عليه وتعود إلى بيتها وأولادها وزوجها وحياتها الروتينية التي اشتاقت إليها، وكذلك اليمام الذي تحرص على إطعامه كل يوم بوضع الحبات فوق سور البلكونة حتى يأتي ويأكله.
"المرض ده والفترة دي علمتني إن الدنيا لزوال وبقيت أهدأ من الأول كتير وحتى ولادي مبقتش اتعصب عليهم كل اللي هاممني احافظ على صحتي عشانهم وأفضل في وسطهم".