ندا رضوان تكتب: التحنيط عند المصري القديم
هنتكلم النهاردة عن سر من أسرار الدولة القديمة اختلف حوله الكثير من العلماء، وبعضهم وصل لمعلومات عنه، ولكن ما زالت هناك معلومات كثيرة غامضة وغير معروفة حتى الآن، تعتبر عملية التحنيط إحدى المعجزات العملية التي قدمها الفراعنة للبشرية والتي تشهد له مومياواته للآن فهناك ثلاث طرق لتحنيط كما ذكر هيرودوت في كتابه عن مصر الجزء الثاني: إن طرق التحنيط تنوعت في مصر طبقًا لاختلاف الطبقات الاجتماعية ومدى الثراء وأشار إلى أن هناك ثلاث طرق رئسية يعرضها رئيس المحنطين على أسرة المتوفَّى في شكل ثلاث موديلات خشبية، وعلى أهل المتوفَّى أن يختاروا أحدهم طبقًا لما يتناسب مع طبقاتهم الاجتماعية، وكانت الثلاث الطرق طبقًا لما ذكره هيرودوت، هى:
أولا: النموذج الكامل
يقوم فيه المحنط بتطبيق كل خطوات التحنيط كاملة مع استيراد مواد تحنيط عالية الجودة من لبنان وسوريا واليونان والصومال، وتبدأ هذه الطريقة باستخراج أنسجة المخ من خلال العظمة المصفوية ثم استخراج باقي الأحشاء.
ثانيا: نموذج الطبقة الوسطي
ويتم استخراج الاحشاء بتحليلها عن طريق حقن الجسد بحقنه شرجية مملوءة بزيت الأرز، ثم يجف الجسد بعد ذلك، ويتم دهنه ولفه بلفائف الكتان وتختلف هذه الطريقة عن سابقتها في عدم الاهتمام بالحفاظ على أعضاء الجسد الداخلية وإنما يحللها عن طريق الحقنة الشرجية وأيضا يستخدم المحنط مواد محلية بديلة مثل زيت الخروع.
ثالثا: تحنيط الفقراء
في هذه الطريقة لا تستخرج أحشاء المتوفَّى، ولا مخه ولكن التحنيط يقتصر على تجفيف الجسد ودهنه بالدهون ولفه بالفائف.
خطوات التحنيط
الغسل والتطهير: يقوم المحنطون بغسل المتوفي وننظيفه من الأوساخ بوضعه في حوض الغسل ونعتمد في هذه المرحلة على مناظر مقبرة جحوتي حتب بالبرشا (القرن 20 ق.م) الهدف من الغسل بالماء وملح النطروناي أنه يساعد على البعث والولادة.
نزع المخ والأحشاء: كانت بمثابة أولى خطوات التحنيط التي كان يتبعها المصري القديم وفيها يتم أولا نزع المخ حيث يقوم المحنطون بنزع المخ من خلال العظمة المصفوية أو من فتحة خلف العنق يستخدم المحنط آلة نحاسية طويلة ويحركها داخل جمجمة المتوفي ويحرك الطرف الاخر الاخر الموجود خارج الجسد ويقوم بقطعه قطع صغيرة ليخرجها من فتحتي الانف وعند الانتهاء من تفريغ الجمجمة من النسيج، ويقوم بوضع سائل مستخرج من أشجار الصنوبر من خلال إدخاله عن طريق الأنف.
استخراج الاحشاء: يقوم المحنط بإخراج القلب والرئتين والمعدة والامعاء والكبد والكليتين عن طريق شق فتحة في الجانب الأيسر من البطن ويضع هذه الأعضاء في ملح النطرون ويدهنها بزيت الأرز ويلفها بالكتان ويضعها في الانية الكانوبية وثم يقوم بارجاع القلب والكليتين في جسد المتوفي لآن القلب له دور في العالم الآخر كوضع النيات.
وضع مواد الحشو.. وتنقسم إلى مواد الحشو المؤقتة:
هذه المواد توضع في جسد الميت ولا تنزع منه لأنها تقتل البكتريا ولكن تنزع من الجسد بعد عملية التجفيف وهي ثلاث أنواع من اللفائف الكتان وهي لفافات بها ملح النطرون لتمتص المياه، لفافات كتان تمتص السوائل المتبقية لفافات كتان تضم مواد عطرية.
ومواد الحشو الدائمة:
هي مواد حشو تبقى للأبد ومنها ملح النطرون، نشارة الخشب المر والقرفة، لفافات كتانية مغموسة بالراتنج الصمغى.
ومواد حشو تحت الجلد:
توضع تحت جلد الميت تعطي الجسد ملامحه عندما كان حيا لتسطيع الروح التعرف عليه، وتوضع في الطبقة الوسطي من البشرة هي الأدمة ومن هذه المواد (الطين والكتان والرمال ونشارة الخشب وزبدة وصودا) هذه المواد توضع من خلال فتحات في الزراعين والساقين والظهر.
التجفيف:
يلقي المحنط كميات كبيرة من ملح النطرون علي الجسد الميت لمدة 40 يوما لتخلص الجسم من وزن الجسد وهو الماء وتخليصه أيضا من الأطعمة التي تناولها المتوفي وملح النطرون يتكون من كربونات الصوديوم وبيكربونات وكلوريد وسلفات، ذلك يلعب دور مهم في عملية التجفيف في هذه المرحلة كان المتوفي يوضع علي سرير حجري مائل وفي أعلي سطح السرير توجد قناة تتجمع فيها المياه من الجسد ثم تتجمع في حوض أسفل السرير بعد إنتهاء مدة التجفيف يقوم المحنط بإزالة ملح النطرون وإستخراج مواد الحشو المؤقتة.
صب الزيوت والدهون:
تعالج هذه الخطوة التغيرات الجسدية بعد التجفيف مثل لون الجسد وإحتراق أنسجة الجلد وانكماش الدهون أسفل الجلد ويقوم المحنط بصب سائل أبيض مغلي وهو الراتنج علي جسد الميت، المواد المستخدمة في هذه الخطوة هي الراتنج، زيت الأرز، شمع النحل، زيت التربنتين، ولقد استغرق المحنط عشرة أيام للقيام بدهن الميت ولفه بالكتان والملابس وبعد انتهاء المحنط من صب الزيوت يقوم بغلق فتحات الجسد مثل الأذنان وفتحتا الأنف والفم والضغط على العيون لتسقط ويوضع فوقها قشرة بصل لمنع البكتريا ويسد فتحتي الأذن والأنف بأقراص الراتنج ويعالج الفم بملئه بالكتان ثم يلصق الشفتين بشمع النحل.
فئة المحنطين ومكان العمل:
بالنسبة للمحنطين فإن المعلومات عن دور المحنطين وألقابهم غير دقيقة بسبب سر هذه المهنة ولكن من خلال ما ذكره هرودوتس وديودور الصقلي وما عثر من آثار كتابية تبين فئة خاصة من الكهنة كانت تقوم بعملية التحنيط من خلال تعلم وتوارث هذه المهنة من الآباء والآجداد وكانوا للمحنطين رئيس يشرف عليهم وهو الذي يحدد تكلفة تحنيط الجثة وكان المحنطون يتقاسمون الاختصاصات في عملية التحنيط وكانوا يلبسون قناع علي شكل حيوان ابن أوي.
مكان التحنيط:
تتم عملية التحنيط في معبد خاص وهو معبد التحنيط الذي يوجد فيه الأدوات اللازمة للتحنيط والآلات الحادة وأنواع الزخارف وغيرها ويقسم هذا المعبد لغيرها إلى ثلاثة اقسام وهي: القسم الأول: هو مكان يسمح للأقارب المتوفَّى بالدخول فيه والاتفاق مع رئيس المحنطين.
القسم الثاني: هو مكان خاص بالمحنطين فقط.
القسم الثالث: هو مكان لتسليم الجثة المحنطة لذويها.