ضغوط على بايدن لتسهيل الاتفاق النووي
تجد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسها أمام ضغوط متزايدة من المحافظين في الولايات المتحدة ومسؤولين في إسرائيل، بعد الكشف هذا الأسبوع أن إنجاز المفاوضات لإحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، قد يتطّلب من واشنطن إزالة اسم الحرس الثوري من قائمتها لـ "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، على الرغم أن خطوة كهذه هي رمزية أكثر منها عملية.
الانسحاب الاحادي
وأدرجت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الحرس على هذه القائمة في العام 2019 بعد زهاء عام من قراره الانسحاب الأحادي من الاتفاق المبرم بين إيران والقوى الكبرى في 2015، وأبدى بايدن الذي خلف ترامب في منصب الرئيس، رغبته في العودة الى الاتفاق، بشرط عودة طهران للامتثال لكامل التزاماتها التي تراجعت عنها في أعقاب انسحاب واشنطن.
وبدأ الجانبان في أبريل 2021، مفاوضات غير مباشرة لإعادة تفعيل الاتفاق، بمشاركة الأطراف الذين لا يزالون منضويين فيه (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين)، وأجمع المعنيون على أن المباحثات المعلّقة راهنًا بلغت مرحلة فاصلة تقلّصت فيها نقاط الخلاف إلى حدودها الدنيا.
وهذا الأسبوع، أكدت مصادر مطلعة على مسار المفاوضات، أن إحدى النقاط المتبقية هي إصرار طهران على رفع اسم الحرس الثوري من هذه القائمة التي تضم جماعات من قبيل تنظيمي داعش والقاعدة، ضمن أي تفاهم يعيد إحياء اتفاق 2015.
وردًا على سؤال بهذا الشأن خلال مؤتمر صحفي امس الجمعة، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن "مفاوضات تجري حاليًا، لن أتطرق إلى تفاصيلها، لكنني أشير إلى أن الوضع القائم الذي نحن فيه لم يحقق لنا أي شي يجعلنا أكثر أمنًا".
وأضافت "فعليًا، ازداد الحرس الثوري الإيراني قوة منذ إدراجه على قامة المنظمات الإرهابية من قبل ترامب".
وخرجت الأنباء عن طلب إيراني برفع الحرس من القائمة الى العلن بشكل أساسي هذا الأسبوع، خصوصًا عبر تقرير لموقع "أكسيوس" الأمريكي، نقل عن مسؤولين تأكيدهم أن إدارة بايدن تدرس فعلًا القيام بهذه الخطوة، لكنها تربطها بتلقي تعهد من إيران بخفض التوتر في المنطقة.
وطرحت إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة والعدو الإقليمي اللدود للجمهورية الإسلامية، والمعارضة بشدة لاتفاق العام 2015، هذه المسألة بشكل رسمي الجمعة، من خلال بيان مشترك لرئيس وزرائها نفتالي بينيت ووزير خارجيتها يائير لابيد.
وجاء فيه "الحرس الثوري الإيراني هو حزب الله في لبنان والجهاد الإسلامي في غزة والحوثيون في اليمن والميليشيات في العراق، وكان وراء خطط لاغتيال كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية"، متهمًا إياه بالضلوع "في قتل مئات الآلاف من المدنيين السوريين"، وأضاف "يستحيل علينا التصديق بأن الولايات المتحدة ستلغي تعريفه كمنظمة إرهابية".
كما أثارت الخطوة المحتملة انتقادات لدى الجمهوريين والمحافظين الأمريكيين الذين كانوا أبرز من دفع في اتجاه الانسحاب من الاتفاق.
ودان مايك بومبيو الذي كان وزيرًا للخارجية لدى إدراج الحرس على القائمة، إمكان اقدام إدارة بايدن على تغيير هذا الأمر، وقال "الرئيس ترامب وأنا رمينا خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) وركّعنا إيران من خلال حملة ضغوط قصوى ناجحة"، في إشارة إلى السياسة التي اعتمدها ترامب ضد طهران، وقامت على فرض عقوبات قاسية انعكست أزمة اقتصادية حادة لديها، ورأى أن "إدارة بايدن تعتزم هدر كل ذلك".
وكان إدراج الحرس على قائمة المنظمات "الإرهابية" الأجنبية خطوة رمزية الى حد كبير، نظرًا لأن هذه المؤسسة العسكرية النافذة والعديد من قياداتها، كانوا أساسًا تحت عقوبات أمريكية مختلفة منذ أعوام طويلة.
والعقوبات المفروضة على الحرس تجمّد أي أصول له قد تكون تحت الاختصاص القضائي الأمريكي، وتحظر على الأمريكيين أو شركات مقرها في الولايات المتحدة - بما يشمل المصارف التي لديها فروع فيها - من التعامل معه، ويضيف التصنيف "الإرهابي" الى ذلك، عقوبة بالسجن قد تصل الى 20 عامًا لكل من تتم إدانته بـ "توفير دعم مادّي" للحرس.
وترى باربارا سلافين، المتخصصة بملف إيران ضمن مجلس "أتلانتيك كاونسل" البحثي في واشنطن، أن إدراج الحرس على القائمة في 2019، كان خطوة سياسية بالدرجة الأولى، هدف من خلالها ترامب الى إرضاء حلفاء بلاده المناوئين لإيران، مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
وأوضحت أن رفع الحرس من القائمة سيكون له "الحد الأدنى" من المفاعيل عمليًا، وأضافت "هذا وضع تبدو فيه السياسة أهمّ من المضمون، سيبقى الحرس الثوري تحت العقوبات، بما يشمل قوة القدس التابعة له (الموكلة العمليات الخارجية)، تحت سلطات مختلفة"، معتبرة أن رفعه من القائمة أمر يجدر القيام به في حال كان يؤدي الى تراجع الأنشطة النووية الإيرانية، في إشارة الى القيود التي سيعاد فرضها على برنامج طهران بحال إحياء اتفاق العام 2015.
وشدد قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزي أمس الجمعة على أن رفع الحرس من القائمة، لن يغيّر من الوقائع على الأرض، وأوضح "الهدف الأول للولايات المتحدة في ما يتعلق بإيران، هو ألا تمتلك سلاحًا نوويًا".