الكليات الشهيدة.. "الإعلام" من "القمة" إلى المطالبة بالإلغاء.. و3 ضوابط لسوق العمل
ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي حجرًا في المياه الراكدة فيما يتعلق بملف التعليم الجامعي.. الملفات المسكوت عنها في ملفات التعليم عمومًا أكثر من أن تُحصى.
ولكن النقطة التي أثارها الرئيس مؤخرًا تتعلق ببعض الكليات والأقسام التي تجاوزها الزمن، فصارت روافد منتظمة ومتسعة لتخريج العاطلين والمتعطلين.. ليس هناك شعور أسوأ من أن ينهي الفتى مسيرة تعليمية تتجاوز 16 عامًا، ثم لا يجد فرصة عمل ملائمة لما درس وتعلم.
الرئيس ضرب المثل بأقسام التاريخ والجغرافيا، ولكن يبقى القوس مفتوحًا؛ ليضم أقسامًا وكليات لا يحتاجها سوق العمل ولا يرحب بها. تطورات الحياة صارت تتطلب تخصصات أكثر حيوية.. ربط التعليم بسوق العمل صار ضروة قصوى فالأمر أيضًا يتجاوز مرحة التعليم الجامعي بكل تفاصيلها الميلودرامية إلى مرحلة الدراسات العليا؛ حيث يتهافت طلابها على الحصول على درجات علمية نظير أبحاث يتم حفظها في مكتبات الجامعات.
إشارة الرئيس يجب أن تكون دافعًا قويًا وحاسمًا لإعادة ترتيب البيت الجامعي؛ حتى يكون جزءًا أصيلًا من سوق العمل؛ بما يتوافق وتطلعات الجمهورية الجديدة التي تحتاج إلى جميع السواعد والعقول لتعزف في سيمفونية التحدي والبناء.
كليات الإعلام
شهدت الفترة الأخيرة دعوات متعددة للأجيال الجديدة إلى تجنب دخول كليات الإعلام التي كانت يومًا من كليات القمة المرموقة، بل بالغ بعضهم في موقفه وطالب بإغلاقها أو ترشيد أعداد المقبولين بها بداعٍ أن سوق العمل لا يحتاجهم، فضلًا عن أن معظم المشتغلين بالوسائل الإعلامية المتنوعة ليسوا من خريجيها، وهو ما يضعها ضمن الكليات الواجب إعادة النظر فيها خلال الفترة المقبلة.
آخر إحصاء لوزارة التعليم العالى (2018) يوضح أن هناك 4137 طالبا وطالبة يدرسون الإعلام على مستوى الجمهورية، بخلاف الطلاب المقيدين بأقسام الإعلام التابعة لكليات الآداب بالجامعات المختلفة، ومعاهد الإعلام الخاصة وأيضا كليات التربية النوعية المنتشرة فى أنحاء البلاد وبكثافة، حتى أن محافظة واحدة وهى الدقهلية على سبيل المثال، يوجد بها قسم إعلام فى جامعة المنصورة وقسم آخر فى فرع دمياط، إضافة إلى ما لا يقل عن ثلاثة أقسام أخرى للإعلام التربوى فى ميت غمر ومنية النصر والمنصورة، مما يرفع الرقم كثيرًا ويجعله يقترب من ثمانية آلاف خريج إعلام سنويًّا على الأقل!
الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة يرى أن كل رئيس جامعة كان ينشئ كلية للإعلام كنوع من الكرنفال أو "المنظرة"، فينشئ استوديوهات ويشترى كاميرات ويكون الهدف منها صناعة أخبار عنه وعن جامعته بدلا من أن تكون علم ومعرفة حقيقية تفيد الطلاب، مضيفًا فى تصريحات لـ"فيتو" أن هناك خريجين من كلية التربية النوعية تركوا مجال الإعلام التربوى وعملوا فى الاعلام العام، مما يشير إلى أن الأمر أصبح ظاهرة عامة.
التعليم الموازي
ولفت أستاذ الإعلام إلى أن هناك مشكلة كبيرة وهى التعليم الموازى الذى يخلق مسارات فاسدة لبعض الأثرياء الذين تركوا أبناءهم يسافرون إلى رومانيا والمجر ودول أخرى لأخذ الثانوية العامة من هناك ثم يأتون ويدخلون كليات الطب والهندسة بـ٦٠ و٧٠ فى المائة، حتى أننى اكتشفت أن هذا العام تم قبول طلاب فى كليات الإعلام بمجموع ٦٠٪.
وأشار العالم إلى أن هناك أيضًا بعض الأساتذة الذين يوافقون على التدريس فى أكثر من كلية للإعلام فى جامعات مختلفة غير حكومية ليقبضوا رواتبهم بالدولار، لافتا إلى أننا نفتقد إلى وجود خطط متكاملة ورؤى حقيقية للتعليم وللخريجين المهنيين، ونحتاج بالفعل إلى إعادة النظر فى سياسات التعليم وربطها بالأعمال المهنية.
وعلى جانب آخر، أكدت الدكتورة هبة شاهين رئيس لجنة قطاع الإعلام بوزارة التعليم العالى والبحث العلمى أن تخصص الإعلام أحد الوظائف والتخصصات الأساسية فى سوق العمل والتى لا يمكن أن تختفى فى المستقبل، مؤكدة أن المجال الإعلامي يستوعب وظائف فى سوق العمل بشرط توافر المهارات والمؤهلات والتدريب العملى اللازم لذلك؛ فالمسألة لا تقتصر على التخرج فقط، فمجال الإعلام على وجه الخصوص يحتاج إلى جانب الدراسة العلمية أيضًا التدريب العملى بالإضافة إلى مهارات خاصة و"كاريزما"، وبالتالى فإن الخريج الذى تتوفر لديه فرصة التدريب العملى والمهارات والتميز يجد فرصته ويحقق نجاحا كبيرا.
سوق العمل
وأشارت "شاهين" إلى تطور مجال الإعلام فى مجالات كثيرة، مما يتطلب عدم ثبات تخصص الإعلام عند ما تعلمناه فى الماضى، لافتة إلى أن لجان القطاع دائما ما تؤكد أهمية تطوير اللوائح وإضافة تخصصات جديدة، لذا فإن الكلية أو القسم الجيد هو من يطور اللوائح الدراسية باستمرار ويستثمر فى تأهيل وتدريب طلابه عمليا بشكل أفضل بما يساهم بشكل كبير فى تأهيلهم لسوق العمل، حيث إن مجال العمل يرتبط بإمكانات الفرد نفسه وشخصيته ونجاحه وقبوله إلى جانب الدراسة المتخصصة والتدريب العملى.
وأضافت رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس أن الجامعات الآن تهتم بملتقيات التوظيف التى تربط الخريج بسوق العمل، بالإضافة إلى تزايد اهتمام الدولة بالتعليم وضخ برامج وإمكانات وخبرات واستثمارات ضخمة جدا وظهر هذا جليا فى إنشاء منظومة الجامعات الدولية والأهلية والتوسع فى الجامعات الحكومية والخاصة. وتابعت رئيس لجنة قطاع الإعلام بالتعليم العالى أن مجرد دخول الطالب للكلية والتخرج منها ليس كافيا لإيجاد وظائف مناسبة لأن سوق العمل يحتاج إلى خبرات ومهارات.
لأن مجال الاعلام بالذات هو مجال عملى يحتاج إلى تدريب جيد، وبالتالى فسوق العمل الإعلامي يحتاج إلى ٣ معايير لاستقبال خريجين جدد به؛ الجزء الأول هو العلم والجزء الثانى هو التدريب العملى والجزء الثالث هو المهارات الشخصية للخريج.
ولفتت الدكتورة هبة شاهين إلى أن قطاع الإعلام بالمجلس الأعلى للجامعات وضع نظام اختبارات للقبول بكليات الإعلام وهذه نقطة محورية جدا، لأن تلك الاختبارات تساهم فى قبول من لديه المهارات والمعلومات الأساسية للالتحاق بمجال الإعلام مما يساهم فى تطوير التعليم الإعلامي، مشيرة إلى أن الدولة حاليا تستثمر فى العقل البشرى وبناء الإنسان وهو أفضل استثمار لبناء مستقبل مصرنا الحبيبة فى ظل الجمهورية الجديدة.
نقلًا عن العدد الورقي…