الرطل من بوب بقرش.. المنيا تحتفل بذكرى مواجهة الإنجليز ومقتل مفتش السجون "بوب" في ديرمواس.. تفاصيل مثيرة في ثورة الدم والعسل | صور
لم يقف أبناء عروس الصعيد محافظة المنيا مكتوفي الأيدي إبان الاحتلال الإنجليزي وثورة 1919، فقد قرروا مهاجمة القطار الإنجليزي المار على محافظة المنيا وتحديدًا بمدينة ديرمواس، وقتلوا «مفتش السجون الإنجليزي بوب» الأشهر إجرمًا انذاك، في ملحمة دموية ، لذلك تحتفل المنيا في مثل هذا اليوم الثامن عشر من شهر مارس كل عام بعيدها القومي.
ثورة الدم والعسل في ديرمواس
ففي السطور التالية توضح «فيتو» في تقريرها أسباب تسمية ثورة أبناء مركز ديرمواس على الإنجليز بأسم ثورة الدم والعسل وأحدث الثورة على الإنجليز.
الشهيد البطل خليل أبو زيد
يُعد الدكتور خليل أبو زيد، قائد الثورة فى محافظة المنيا أول من وضع الخطة لإيقاف قطار الإنجليز وهو ينتمى إلى عائلة من أكبر العائلات بمركز ديرمواس، جنوب محافظة المنيا.
جامعة أكسفورد بلندن
فمن لم يعرف الشهيد الدكتور خليل ابو زيد، قائد الثورة في المنيا ضد الإنجليز، فهو يعد من ضمن الشخصيات القيادية في المحافظة وبحسب حديث أقاربه كان شخصية لست عدواني، درس فى جامعة أكسفورد بلندن فى كلية الزراعة، وظل هناك أكثر من 8 سنوات منذ 1910 حتى 1919 رغبةً من والده العمدة "أبو زيد بك على".
أبناء سعد زغلول
فعقب عودة الشهيد البطل الدكتور خليل أبو زيد، لمصر، تيقن إن الاحتلال توغل جميع مصر وسلب حريتهم وارادتهم خاصة في الصعيد، تواصل مع القائد الثوري سعد زعلول، وعقب نفي زغلول شعر أبناءه والذي من بينهم الدكتور خليل أبو زيد شعروا بالخطر فوجب التحرك.
مفتش السجون الإنجليزي بوب
فبدأ خليل بعمل العديد من الاجتماعات مع الأهالى داخل قصره الذى تربى فيه.ملحمة الدم والعسل بالمنيا، وففى يوم 18 مارس علم بتحرك البلاد بالعديد من المظاهرات، فتوجه على رأس حشد كبير ضم 4 آلاف مواطن تقريبًا، إلى محطة قطارات ديرمواس، وتفاوض مع مسؤول السكة الحديد حينها، وتمكن من السيطرة على الإسطوانة التى يتوقف بدونها أى قطار، ولا يستطيع المرور من المحطة، وذلك لإيقاف قطار الإنجليز القادم من الجنوب، ومتجه إلى القاهرة وبه عدد من الضباط الإنجليز ومفتش السجون الإنجليزى «بوب».
وبالفعل نجح فى ذلك وتوقف القطار، وبدأ التحدث إلى الإنجليز، حيث كان الوحيد الذى يجيد اللغة الإنجليزية حينها وسط أبناء بلدته، بسبب دراسته فى إنجلترا، وبدأ فى الحديث معهم ورفض تحرك القطار قبل استماعهم إلى مطالب الجمهور.
اشتباكات الدم والعسل
الأمر الذى دفع أحد الضباط لإطلاق الرصاص فى الهواء، ما أثار غضب المواطنين من أبناء ديرمواس وجعلهم يقفزون أعلى القطار، ونشبت الاشتباكات التى انتهت بمقتل مفتش السجون الإنجليزية "بوب" و7 جنود آخرين، وجندى آخر ألقى بنفسه فى مفحمة القطار.
250 بلاص عسل
و أثناء توقف القطار بمحطة ديرمواس، ووقوع الاشتباكات، كان هناك أحد تجار العسل الأسود يجلس ينتظر قدوم قطار بضائع، وبجواره أكثر من 250 بلاص عسل تقريبًا، وعند وقوع الاشباكات سال دماء الثمانية جنود الإنجليز واختلطت بالعسل الذى سُكب من بضاعة التاجر، وامتلأت المحطة بالدماء والعسل.
الرطل من بوب بقرش بقرش
ووصل الأمر إلى وضع جثمان مفتش السجون الإنجليزية على سيارة كارو وجابو به الشوارع هاتفين "الرطل من بوب بقرش بقرش"، ملحمة الدم والعسل بالمنيا.
لم تنتهي الأمور عند هذا الحد فحسب، فبعد مرور 10 أيام من أحداث ديرمواس، جاء أسطول كبير من الإنجليز إلى المنطقة، واستقبلهم البطل خليل أبو زيد، دون الإفصاح عن هويته، لأنه كان من ضمن المطلوب القبض عليهم، وتحدث إليهم وأقنعهم بأن وقت الظهيرة الذى جاءوا فيه لن يجدوا أحدًا موجود فى منازلهم لأن غالبية الفلاحين فى الأراضى الزراعية.
تهريب أبطال ثورة ديرمواس
ومصادفة وجد كشف بأسماء المطلوبين لدى أحد ضباط الحملة، وفوجىء باسمه فى بداية الأسماء، فقام بحفظ غالبية الأسماء، وعقب ذهاب القوات أبلغ كافة المطلوبين ونجح فى تهريبهم وتوجهوا إلى قرية تونا الجبل، ولكن القوات الإنجليزية جاءت فى اليوم الثانى، واكتشفت خديعة "أبو زيد" لهم، وبدأت فى ارتكاب أعمال عنف ضد بعض الفقراء والسيدات، ما جعله يسلم نفسه هو وكافة المطلوبين البالغ عددهم 91 بطلا.
محاكمة القائد خليل أبو زيد
وتمت محاكمتهم محاكمة عسكرية فى مديرية أسيوط، إذ كان مركز ديرمواس يتبعها إداريًا فى هذا الوقت، وتم الحكم على المقبوض عليهم بالإعدام شنقًا، ما دفع والد خليل أبو زيد العمدة "أبو زيد بك" بالتوجه للقاهرة، وطلب تخفيف الأحكام، وبالفعل نجح فى ذلك ولكن فى يوم عودته الى مقر السجن.
إعدام خليل أبو زيد
وجد إبن ديرمواس أن الحُكم قد نفذ على ابنه "خليل" وهو في الثامنة والعشرين من عمره، و35 من الأبطال الآخرين، وتم تخفيف الأحكام لباقي المتهمين للسجن لسنوات مختلفة، ولم يتم تسليم جثث الشهداء لذويهم.