عاطف فاروق يكتب: تعاقدات الوظائف الحكومية للزوجات والأبناء
بينما يتسلل الشر إلى المؤسسة تقف القواعد المنظمة لها والجهات الرقابية للسلوك غير السوي بالمرصاد، فلا بد من رقابة سابقة وأخرى لاحقة على ما يجري داخل المؤسسة من أعمال خاصة المالية منها، ودائمًا ما نسمع السؤال الحائر: من الأولى بالمناصب، أهل الكفاءة أم أهل الثقة؟
وينقسم كل من يسمع ذلك السؤال إلى فريقين، لكل منهما حجته البليغة، وهذه هي آفة الاختيار بين اثنين لا ثالث لهما، ولو أنصف السائل لقال: من الأحق بالمناصب؟ وسكت ليسمع الإجابة، خاصة في ظل تطور العلوم الإدارية، وكثرة الدراسات المُنصَبة على حسن اختيار الموظف، مع إعمال الرقابة المستمرة.
وتلعب الرقابة القضائية دورًا كبيرًا حين يتبعها التقييم والتقويم، فيحصل من اجتهد على مكافأة ويُعاقب من أخطأ، ولا شك أن قانون الخدمة المدنية قد نظم تلك الاجراءات، ولكن هناك من يحيد عن هذه الضوابط، ويجعل من الوظيفة العامة مغنمًا له ولذويه، ونضع بين يدي القارئ نموذجًا عمليًا لهذه الجرائم ليتعلم منها، أو يقدم لغيره النصح.
النيابة الإدارية
وكان تقرير قضائي مهم منسوب للنيابة الإدارية في القضية رقم 18 لسنة 64 قضائية عليا أزاح الستار عن قضية فساد مالي وإداري من العيار الثقيل داخل ديوان محافظة الفيوم أحيل على إثرها 7 مسئولين من قيادات الإدارات العامة للموارد البشرية والنقل الجماعي والمواقف للمحاكمة بعد ثبوت التلاعب في تعاقدات الموظفين، ومنهم أبنائهم وزوجاتهم رغم حظرها بقرارات سيادية وتعليمات وزارة المالية والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
أكد تقرير الاتهام أن المحالين السبعة خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي والقواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة ولم يحافظوا على كرامة وظيفتهم وسلكوا في تصرفاتهم مسلكًا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة والمساس بمصلحة مالية للدولة ولم يلتزموا بأحكام قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية.
كشفت التحقيقات أن ربيع سيد محمود، مدير شئون العاملين بالإدارة العامة للنقل الجماعي والمواقف بالفيوم إشترك مع المحال الأخير بوصفه مدير المواقف في تحرير عقود عمل عؤقت مع 7 مواطنين بما يفيد أن التعاقد تم في ذات يوم تحرير إقرارات عمل لهم.
سكرتير عام المحافظة
وتبين أن سكرتير عام المحافظة السابق وافق على التعاقد معهم بناءً على مذكرة مدير الموارد البشرية بالديوان قبل تاريخ إستلامه العمل سكرتيرًا عامًا للمحافظة، رغم أن مسوغات التعاقد معهم من نماذج الكشف الطبي وصحف الحالة الجنائية وكعوب العمل الخاصة بهم كانت بتاريخ بعد إستلامهم العمل بعام كامل، بقصد التحايل على إنشاء مركز قانوني وتحقيق منفعة للمتعاقدين.
وأكدت أوراق القضية أن المتعاقد الأول شقيق المحال الأول والمتعاقد الثاني نجل المحال الثاني بالمخالفة لقانون حظ التعاقدات رقم 19 لسنة 2012ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الوزراء رقم 641 لسنة 2012، وكذا تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزارة المالية في هذا الشأن.
كما تعاقد المحال مع 11 شخصا آخرين رغم عدم حاجة العمل اليهم مع توزيعهم للعمل بجهات أخرى مما ترتب عليه تحميل المشروع بأعباء إضافية بالمخالفة لقانون حظر التعاقدات واللائحة المالية والإدارية للمشروع، وأشترك في تعديل تواريخ التعاقدات وصرف رواتب تقدر بمئات الآلاف مما ترتب عليه الإضرار بأموال الدولة، وتستر على عدم تواجد بعض المتعاقدين بمشروع المواقف على رأس العمل رغم عدم حصولهم على إجازات.
سجل مرتبات
ولم يقم بإنشاء سجل مرتبات وأجازات لعدد 16 من المتعاقدين للعمل بمشروع المواقف، وأقر للمفتش المالي بفحص وقائع صرف رواتب للمتعاقدين بالمخالفة للحقيقة، وقام بتضمين كشف حصر العمالة المؤقتة الذين تم التعاقد معهم بعد تاريخ 8 فبراير عام 2012، بقصد تقنين أوضاعهم والمرسل للإدارة العامة للموارد البشرية بديوان عام المحافظة في 29 مايو عام 2017، وأثبت به تاريخ التعاقدات بالمخالفة للحقيقة.
وجاء بتحقيقات النيابة الإدارية ناصر فرج علي، مدير الإدارة العامة للنقل الجماعي والمواقف بالفيوم ومدير المتابعة الميدانية بمركز ومدينة الفيوم أهمل الإشراف والمتابعة على أعمال المحال الأول مما ترتب عليه ارتكابه المخالفات المنسوبة إليه.
وتقاعس كل من أحمد دسوقي علي، رئيس قسم التسويات والترقيات بالإدارة العامة للموارد البشرية بديوان عام محافظة الفيوم، ورمضان سيد محمد، وكيل الموارد البشرية بالمحافظة عن اتخاذ إجراءات إعداد مذكرة للعرض على السلطة المختصة حيال ما جاء ببيان أسماء العاملين المتعاقدين بمشروع المواقف وبملفاتهم البالغ عددهم 7 أشخاص.
وبما يفيد أن تاريخ التعاقد، وكذا إقرارات إستلامهم العمل رفق كتاب الإدارة العامة للموارد البشرية بالديوان العام رغم أن تاريخ التعاقد الفعلي معهم كان بعد ذلك بعام ونصف، بقصد التستر على تاريخ الواقعة لكون الأول منتفع من التعاقد مع زوجته إيمان أحمد سيد، والثاني منتفع من التعاقد مع نجله أحمد رمضان سيد لتقنين أوضاعهم المخالفة للقوانين واللوائح الصادرة بشأن حظر التعاقدات.
محافظة الفيوم
وأهملت عفاف محمد الصوفي، مدير الإدارة العامة للموارد البشرية بديوان عام محافظة الفيوم في الإشراف والمتابعة على أعمال المحالين الثالث والرابع مما ترتب عليه ارتكابهما المخالفة المسندة إليهما.
وتبين من تقرير الاتهام أن أحمد عبد الرؤوف إبراهيم، مدير الإدارة العامة للموارد البشرية بديوان عام محافظة الفيوم أعد مذكرة للعرض على سكرتير عام محافظة الفيوم تضمنت بأنه قد تقدم بطلبات بأسماء 7 أشخاص يلتمسون فيها إتاحة فرص عمل لهم بمشروعات الديوان العام، وبرجاء التفضل بالنظر والموافقة على إتاحة فرص عمل لهم بإحدى مشروعات الديوان العام نظرًا لظروفهم الإجتماعية مما حدا بالسكرتير العام الأسبق بالتأشير على هذه المذكرة بأن يتم التعاقد معهم بمشروع المواقف.
واشترك حسين محمود خليفة، مدير الإدارة العامة للنقل الجماعي والمواقف بالفيوم قبل إحالته لمعاش مع المحال الأول في القيام بإجراء تعديل في تاريخ العقود المؤقتة مع المتعاقدين، وذلك بإزالة رقم صفر بالقلم المزيل، وانتهت التحقيقات إلى إحالتهم جميعًا للمحاكمة العاجلة.