لوفيجارو: الحرب الروسية الأوكرانية قربت المسافات بين أوروبا الشرقية والغربية
أدى الهجوم الروسي على أوكرانيا، الذي بدأ في الـ24 من فبراير الماضي، إلى حدوث ”تقارب“ بين شرق القارة الأوروبية وغربها، لا سيما بعد أن انضم الاتحاد الأوروبي بالإجماع إلى العقوبات المفروضة على روسيا، بحسب ما خلص إليه تقرير لصحيفة ”لوفيجرو“ الفرنسية.
عقوبات غير مسبوقة
وقالت الصحيفة في تقرير لها إنه ”منذ بداية الحرب، أظهرت الدول الـ27 وحدتها من خلال معارضة الهجوم الروسي، بصوت واحد، وبفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة ضد النظام الروسي“.
وأضاف التقرير: ”للمرة الأولى منذ سنوات بدا الأمر وكأن المعارضة التقليدية بين أوروبا الشرقية الحساسة للغاية للتهديد الروسي، وغرب القارة الذي غالبا ما ساير روسيا لحماية مصالحه الاقتصادية والجيوإستراتيجية، قد تلاشت نهائيا“.
وتابع: ”أدى الغزو الروسي إلى يقظة أوروبا، وخلق إجماعا بين شطري القارة“.
وأكد أنه ”لا شك في أن حرب فلاديمير بوتين الجديدة فتحت أعين المسؤولين في أوروبا الغربية، إذ أدركوا في غضون أيام قليلة أن دول الشرق ودول البلطيق وبولندا في المقدمة، كانت على حق في تحليلها للتهديد الروسي“.
الحرب غيرت الأوراق
وبينت الصحيفة أن ”الحرب غيرت الأوراق، حيث كان التغيير أكثر تلقائية ووضوحًا، لا سيما أن بولندا التي أغلقت أبوابها أمام اللاجئين السوريين في عام 2015، فتحت أبوابها على مصراعيها أمام الأوكرانيين النازحين“.
وتابعت: ”حتى الرئيس المجري فيكتور أوربان، على الرغم من قربه من الكرملين وصراعه مع المؤسسات الأوروبية حول سيادة القانون، أدان الهجوم الروسي واحتشد وراء العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي“.
وبحسب الصحيفة فإن ”الانقسام بين شرق القارة الأوروبية وغربها حول حلف شمال الأطلسي (الناتو) بدا أيضًا أنه قد تقلص، ولا سيما بعدما أقنعت سنوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب -التي شككت في ملاءمة المادة الـ5 المتعلقة بالدفاع الجماعي- والآن الهجوم الروسي، بعض الدول بضرورة زيادة ميزانياتها الخاصة بالدفاع، وهو ما دفع بولندا لإعلان عزمها رفع ميزانيتها الدفاعية إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي“.
قمة فرساي تعكر مشهد التقارب
ونوهت صحيفة ”لوفيجارو“ إلى أنه في الوقت الذي تعيش فيه أوروبا هذا ”التقارب“، فإن قمة فرساي في فرنسا، التي عقدت مؤخرا، ”لم تف بكل وعودها“،
وأوضحت الصحيفة أن ”دول الاتحاد الأوروبي الـ27، ضاعفت المخصصات المالية لتسليح أوكرانيا، التي وصلت إلى مليار يورو، لكنها رفضت طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الانضمام الفوري إلى الاتحاد الأوروبي، مشيرة فقط إلى دعوة أوكرانيا للانضمام إلى الأسرة الأوروبية“.
وأضافت: ”كما أن زعماء تلك الدول استبعدوا فكرة فرض حظر على المحروقات الروسية، من شأنه أن يحرم الرئيس فلاديمير بوتين من العملات، التي يموّل بها حربه، والذي ستكون له عواقب اقتصادية لا تريد بعض الدول تحمّلها، أما هدف إنهاء الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي فقد تم تأجيله إلى عام 2027، وفقا للصحيفة“.
وتابع تقرير الصحيفة أنه أيضا: ”في حين طالبت الدول الشرقية الـ8، وتحديدا بولندا ودول البلطيق، بإجراء يسمح لكييف بالدخول بسرعة إلى الاتحاد الأوروبي، عارض ذلك العديد من الدول الغربية، ولا سيما هولندا ورئيس وزرائها مارك روته“.
وفي ذلك الشأن قال رئيس الوزراء السلوفيني يانيز جانسا في ”فرساي“ إن ”هناك فرقًا بين أولئك الذين يعتقدون أن الأوكرانيين يقاتلون من أجل حياتهم ويستحقون رسالة سياسية قوية، وأولئك الذين لا يزالون يناقشون ويجادلون حول الإجراءات“.
وأضافت الصحيفة أن ”الانقسامات ذاتها حدثت حول مسألة الحظر المفروض على الهيدروكربونات، إذ قاومت ألمانيا والمجر وإيطاليا، التي تعتمد بشدة على الغاز الروسي، فكرة تقليل التبعية اعتبارا من عام 2022، التي دافعت عنها دول البلطيق والبولنديون“.
الدفاع الأوروبي
وفي ما يتعلق بالدفاع الأوروبي، رأت الصحيفة أن ”الإعلانات الوطنية والوعود لا تزال بحاجة إلى تأكيدها بمرور الوقت، إذ لاحظ العضو الفرنسي في البرلمان الأوروبي، والمسؤول الدبلوماسي في وزارة الدفاع الفرنسية أرنو دانجيان، قلة النتائج مقارنة بتأثيرات الإعلان“.
ورأى دانجيان أن ”قمة فرساي لم تجلب الكثير من حيث الخيارات والقرارات التي من شأنها أن تُحدث تغييرا في نطاق الدفاع الأوروبي“.
وذكرت الصحيفة أن ”سياسة الحلول الوسط، التي يفكر فيها الأوروبيون ليست بالضرورة جامدة، فلا يزال بإمكانهم التطور تحت تأثير زعماء يعبرون عن قلقهم مثل الرئيس الروماني، أو أولئك الذي يعبرون عن مخاوفهم من التعرض لهجوم روسي، مثل قادة البلطيق“.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول ”يدرك الكثيرون الآن أن أوروبا إذا فشلت في وقف الحرب وكبح طموحات فلاديمير بوتين فلن يتوقف الأخير عند أوكرانيا“.