جرائم أسرية هزت بني سويف.. أستاذ اجتماع: ظواهر دخيلة على مجتمعنا.. وسببها غياب الدين والأخلاق والرقابة الأسرية
شهدت محافظة بني سويف، خلال الفترة الأخيرة، عددًا من «الجرائم الأسرية»، التي تتمثل في قتل الزوج لزوجته وأبنائه أو أو تخلص زوجه من زوجها، أو إقدام شاب على إنهاء حياة شقيقه أو ابن عمومته، دون مراعاة للرباط الأسري وعشرة العمر، أو حُرمة الدم بين أبناء الأسرة الواحدة.
فقد شهدت مراكز وقرى محافظة بني سويف، مؤخرًا، أكثر من 5 جرائم بين أبناء الأسرة الواحدة، تنوعت تفاصيل ودوافع تلك الجرائم، ما بين الخلافات الأسرية، ورغبة أحد أطرافها التخلص من الآخر، أو بسبب خلافات مالية، أو مشاجرات بين أبناء العائلة الواحدة، تنتهي بقطع الرباط الأسري لسنوات.
شاب يقتل شقيقه
البداية من قرية كوم النور التابعة لمركز سمسطا، غرب بني سويف، حيث أقدم شاب على قتل شقيقه في محاولة منه للدفاع عن والده بعد اعتداء المجني عليه بالضرب على والده خلال مشادة كلامية نشبت بينهما، الجمعة الماضية، الأمر الذي لم يقبله شقيقه فدخل معه في صدام انتهى بسقوط المجني عليه صريعًا بعد أن ضربه الأخير بآلة حادة على رأسه أفقدته الوعي، وجرى نقله إلى مستشفى سمسطا المركزي لمحاولة إسعافه ولكنه كان قد فارق الحياة قبل دقائق من وصوله.
وتبين من تحريات لأجهزة الأمنية ببني سويف، أن المتهم مقيم بمركز سمسطا جنوب غربي محافظة بني سويف تعدى على شقيقه «ن.إ.أ»، 33 عامًا، ما تسبب في وفاته، وعليه تم ضبط المتهم، وبمواجهته بما قد سلف ذكره، أقر بأنه قتل شقيقه عن طريق الخطأ في محاولة منه للدفاع عن والده، وتم تحرير محضر بالواقعة وأخطرت النيابة للتحقيق التي قررت حبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات.
يقتل ابن عمه
وفي قرية إفوة التابعة لمركز الواسطى، شمال بني سويف، لقي «أ.ع.ت» 25 عامًا، مصرعه متأثرًا بإصابته بطعنة سلاح أبيض «سنجة» بالصدر، في مشاجرة نشبت، الخميس الماضي، وتم نقله جثة هامدة إلى مستشفى الواسطى المركزي.
وتبين من تحريات الأجهزة الأمنية ببني سويف، أنه نشبت مشاجرة بين المجني عليه وابن عمومته ويدعى «س. س. ت.» 26 عامًا، تعدى خلالها الأخير عليه بسلاح أبيض «سنجة» بطعنة نافذة في الصدر، فلفظ أنفاسه الأخيرة في الحال.
يتخلص من زوجته وأبنائه
وفي مدينة الواسطى، شمال بني سويف، أقدم «أ. ط. س.» 58 سنة، على التخلص من زوجته وأولاده الثلاثة، بأن وضع لهم سم الفئران بوجبة العشاء «محشي» ورفض تناول الطعام معهم، وأدعى عثوره عليهم متوفين بمنزلهم بمركز الواسطى، مبررًا جريمته بمروره بضائقة مالية.
وأمام النيابة العامة، اعترف الزوج بقتل زوجته وأطفاله الثلاثة بمركز الواسطى، مبررًا ارتكابه الجريمة بأنه يمر بضائقة مالية، وفشل في الإنفاق على أسرته، خاصة بعد أن اتجه لتناول المواد المخدرة، لافتًأ إلى أنه راودته فكرة التخلص من أسرته، بعد فشله في الإنفاق عليهم، بدس سم الفئران لهم في الطعام، محاولًا تضليل جهات التحقيق، وإيهام الجميع أن الطعام فاسد، إلا أن الأجهزة الأمنية كشفت مخططه بعد تشريح جثث الضحايا.
حرق زوجته وابنتيه
وفي منطقة الجزيرة المرتفعة بمدينة بني سويف، أقدم أب على إشعال النيران فى زوجته و2 من أبنائه البنات، بعد قيامه بسكب مواد مشتعلة «بنزين» عليهن داخل منزلهم بالجزيرة المرتفعة بمدينة بنى سويف، قبل أن يلقوا مصرعهم جميعًا على أيام بعد الحادثة متأثرين بإصابتهم.
واعترف الأب «أ. م. ح.» 52 عامًا، بأنه قام بسكب مواد مشتعلة «بنزين» على زوجته وأبنائه البنات لخلافات زوجية، لرغبته فى بيع شقتهم والحصول على أموالها لإنفاقها، وهو ما رفضته الأسرة، ففاجأهم فجرا بسكب البنزين عليهم وإشعال النيران بهم، قبل أن تتمكن قوات الشرطة من ضبطه، وتقديمه للمحاكمة، حيث أحالت محكمة جنايات بني سويف، أوراقه المتهم إلى مفتي الجمهورية لأخذ الرأي تمهيدا للحكم عليه بالإعدام شنقا.
زوجة تتخلص من زوجها
وفي قرية أبوصير الملق بمركز الواسطى، شمال بني سويف، أقدمت «ن. ف. م.» 30 عامًا، على التخلص من زوجها «أ.ع.م« 35 عامًا، فران، بمساعدة عشيقها، وإلقاء جثته بمقابر العلالمة بمركز بني سويف، وأبلغت أهله والأجهزة الأمنية عن اختفائه، بعد مغادرته مسكنهم متوجهًا للعمل، ولم يعد مرة أخرى، واختفت من القرية.
وبتكثيف الأجهزة الأمنية ببني سويف، جهودها، تمكنت من ضبط الزوجة وعشيقها، والذي استعانت به للتخلص من زوجها، حيث أقدمت على تخدير الزوج ثم طلبت من عشيقها الحضور للشقة، والذي أقدم على ضرب المجني عليه على رأسه بحديدة، ثم نقلاه داخل جوال وألقياه في المقابر بقرية العلالمة، شرق النيل، بمركز بني سويف.
يتخلص من زوجته بـ27 طعنة
وفي مدينة إهناسيا، غرب بني سويف، أقدم أقدم «زوج» على التخلص من «زوجته» بعدة طعنات في أماكن متفرقة بالصدر والبطن، وحاول الانتحار بقطع شرايين يده، وجرى نقل جثة الزوجة إلى مشرحة مستشفى بنى سويف التخصصي، وضبطت قوات الشرطة على الزوج، ونقله للمستشفى، وسط حالة من الرعب والفزع بين أهالي المدينة.
وأمام النيابة العامة، اعترف الزوجة بارتكابه جريمته البشعة، بعد أن أشترى سلاح الجريمة «سكين» من أحد الباعة الجائلين، وتوجه لها إلى محل الملابس تقوم بإدارته بإحدى المناطق التجارية بالمدينة، وبعد نقاش بسيط بينها عن خلافاتهما الأسرية، قام بطعنتها في رقبتها وصدرها وبطنها، ولم يتركها إلا بعد أن تأكد من مفارقتها للحياة، مبررًا ذلك برفضها العودة لها واعتزامها تحريك دعوى خلع بمحكمة الأسرة للانفصال عنه، وجرى تقديمه للمحاكمة وقضت جنايات بني سويف عليه بالسجن المؤبد.
أستاذ علم الاجتماع
من جانبه، قال الدكتور جمال عبدالمطلب، أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب جامعة بني سويف، إنه في الآونة الأخيرة انتشرت وبصورة ملحوظة، ما يعرف بالجرائم الأسرية، حيث ظهرت أنواع شتى بين جنبات الأسرة الواحدة كقتل الأخ لأخيه أو الزوج لزوجته أو الزوجة لزوجها، وكانت تلك الجرائم لفترة قريبة قاصرة على جرائم الشرف، كقتل الأب أو الأخ لأخته أو الزوج لزوجته بدواعي الزود عن العرض والانتقام للشرف.
وأضاف: ظهرت تلك الجرائم لأسباب غير مألوفة كالغيرة أو النزاع على الإرث أو استحالة العشرة أو وجود طرف ثالث كالعشيق أو العشيقة، وهي جميعها أسباب دخيلة على مجتمعنا المصري، المعروف بتقاليده الصارمة وعاداته المتوارثة التي تزكي الإخاء والمحبة والتسامح وخفض الجناح، ولعل أهم أسباب انتشار تلك الجرائم بين جنبات الأسرة الواحدة غياب الدين وتردي الأخلاق وغياب التنشئة الأولية للأسرة وتركها لمؤسسات بديلة عن الأسرة كدور الحضانة، والتى غالبا ما تكون غير متخصصة في عملية التنشئة، وكثيرا ما تركز على الجانب التعليمي دون الجانب الديني والأخلاقي، ناهيك عن غياب الرقابة الأسرية.
التفكك الأسري
وواصل: ومن أسباب انتشار تلك الجرائم أيضًا، زيادة حالات التفكك الأسري بالنزاع أو الهجر أو الانفصال أو الطلاق مما يؤثر سلبا على الأبناء فينشئ منهم كيانات مريضة نفسيا تعاني من الإحباط والاكتئاب وعدم الثقة بالنفس مما ينعكس على سلوكهم فيجعلهم أكثر عدوانية تجاه الآخرين ولو كانوا من الأقارب من الدرجة الأولى أو من الأسرة ذاتها بل وتجاه أنفسهم مما ساهم في زيادة جرائم القتل أو الانتحار داخل الأسرة الواحدة.
وأشار أستاذ علم الاجتماع، إلى أن الإعلام الخاص وإنتاج الأفلام والمسلسلات التى تجسد صور العنف الأسري، تساعد على انتشار هذه الجرائم، فبعضها يشير إلى الجرائم الأسرية على أنها وسيلة لاسترداد حق أو الزود عن النفس تجاه المعتدي حتى لو كان الأب أو الأخ أو الزوج، بالإضافة إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وغياب الرقابة عليها؛ مما أثر سلبا في تردي الأخلاق وتيسير الانحراف بغرض الشهرة أو الحصول على المال أو إشباع الغرائز بصورة غير شرعية، ولعل برامج التيك توك لهي خير دليل على ذلك، وكذلك غياب التوعية الدينية الوسطية التى تحض على الفضيلة وحفظ النفس وصون العرض.
أستاذ علم الاجتماع
ولمواجهة هذه الظاهرة أو تلك الجرائم، قال د. جمال عبدالمطلب: لابد من العمل على نشر رسائل التوعية الدينية وخاصة للأطفال والشباب من خلال رجال دين وسطيين ومتخصصين، وكذلك وضع آليات للرقابة على المصنفات الفنية المعروضة في القنوات الرسمية والخاصة، وايضا الرقابة على وسائل التواصل الإجتماعي من حيث المحتوى والمضمون لضمان عدم تعارضه مع صحيح الدين والأخلاق السمحة، وعلى الأسرة أن تقوم بممارسة دورها في الرقابة الأسرية على الأبناء لضمان تربيتهم وتنشئتهم بصورة سليمة والسماح للأبناء بمزيد من المشاركة في الحوار والنقاش فيما يخص حياتهم الخاصة والأسرية لضمان سلامة صحتهم النفسية.