رئيس التحرير
عصام كامل

"صناعة الكذب".. أخبار "مفبركة" عن الحرب الروسية الأوكرانية.. وخبراء يحذرون من بضاعة " جوزيف ناي"

الجيش الروسى
الجيش الروسى

قبل عصور الإنترنت وثورة الاتصالات، كان نشر الأخبار الكاذبة جزء أساسي من تكتيك أي حرب، ويقوم بنشر تلك الأخبار أجهزة بعينة يكون مهمتها التشويش وإخفاء الحقائق، إما لإخافة العدو أو لخداع الشعوب.

لكن في القرن الواحد والعشرين بات الأمر لا يحتاج كثيرًا للأجهزة، ففي عصر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن "فبركة" الأخبار والصور وحتى الفيديوهات ونشر الاخبار من قِبل مواطنين عاديين بعضهم يفعل ذلك عن حسن نية وآخرون ممولين بحملات ممنهجة، والنتيجة زخم من الأخبار لا يُعرف مدى مصداقيتها ويتأثر بها ملايين المتابعين.

ولأننا نعيش أجواء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فسرعان ما ظهرت الأخبار الكاذبة وصناعتها وتورط في ذلك وسائل إعلام نشرت ما تردد دون أن تتأكد منه.

هذا التورط لم يقتصر على صحف صغيرة بل مؤسسات كُبرى، ما دفع البرلمان الروسي إلى فرض عقوبات صارمة على نشر معلومات كاذبة تخص الحرب تصل إلى الحبس لمدة تصل إلى خمسة عشر عاما. 

أمثلة الاخبار الكاذبة

ولعل أبرز القصص التي ثبت كذبها، ما تم تداوله عن "شبح كييف"، والمقصود القصة التي تتحدث عن مقاتل طيار أوكراني تمكّن من إسقاط ست طائرات روسية منذ بدء الغزو الروسي لبلاده، وانتشرت صور وفيديوهات تؤكد القصة التي انتشرت بسرعة هائلة.

لكن بعد التتبع تبين أن القصة جزء من لعبة فيديو تسمى "ديجتال كومبات" وأكدت الشركة المنتجة للعبة أن الفيديو المتداول للطيار جزء من اللعبة وليس حقيقة.

احتفالات وهمية

الأمر ذاته تكرر بعد انتشار مقطع فيديو لجنود رجال ونساء قيل أنهم من روسيا، يحتفلون ويرقصون قبل التوجه إلى أوكرانيا، وبعد التتبع من مؤسسات صحفية مثل "دويتشه فيله"، تبين أن الفيديو لجنود من أوزبكستان ويعود تاريخه إلى عام 2018.

مضادات عملاقة

في نفس السياق تداول الروس والأوكرانيين على حد سواء، مقطع فيديو قيل أنه لمضادات دفاعية روسية تتصدى لمقاتلات أوكرانية، وتورط في نشر ذلك مؤسسات صحفية إسبانية، وتبين لاحقًا أن المقطع لأحد ألعاب الفيديو التي تُسمى "ألارم ثري".

التحقق

شبكة الصحفيين الدوليين بدورها تدخّلت في تلك الأزمة، واضعة بعض النقاط التي يمكن من خلالها التأكد  من مدى دقة ما يُقدم، وهي نقاط للمؤسسات الصحفية والمواطن على حد سواء.

وجاءت أبرز أدوات التحقق استخدام ما يعرف بالبحث العكسي لجوجل، أو محركات البحث العادية بواسطة الصور التي توضح أين ومتى نشرت صورة بعينها. 

بالنسبة للفيديوهات فيمكن من خلال آداءة" يوتيوب داتا فيور"، اكتشاف جميع المواقع التي نُشر فيها الفيديو الذي يتم التحقق من مصداقية.

هناك بعض النصائح للمواطن العادي من دون استخدام أي أدوات، فقد عليه ملاحظة بعض العلامات مثل طبيعة الملابس " صيفية أم شتوي"، مدى اتساقها مع توقيت نشر الخبر، ملاحظة الطقس وعلامات الشوارع التي تظهر، وكلها عوامل توضح جيدًا مصداقية المادة أو كذبها. 

التأثير

وعن مدى تأثير الأخبار الكاذبة على المواطنين في أجواء الحروب، أوضح الخبير الإعلامي حسام السكري في تصريحات نقلتها "دويتشه فيله"، أن المشكلة تتمثل في الغرض من استخدام الأخبار المكذوبة، ففي أحيان كثيرة من يستخدم الأخبار الكاذبة تكون وبالًا عليه إذا تم كشف تزييفها لأنه يفقد أي مصداقية وهو ما يحدث مثل في قضايا مسلمي الروهينغا وميانمار.

 

"من يربح الحرب هو من تربح قصته في الإعلام"، بتلك الجملة علّق الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، مشيرًا إلى أن صناعة الكذب أوقات الحروب فقكرة تبناها "جوزيف ناي" أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد، وهو ما تم تحقيقه في أحداث مثل قصف الناتو لليبيا والغزو الأمريكي للعراق.

ويضيف "عبد العزيز" أن الحروب لا يُمكن كسبها في ميادين القتال فقط ويجب أن يكون هناك خطة اتصالية وإعلامية، لافتًا إلى أن روسيا لديها قوة عسكرية كبيرة لكنها لا تملك منصات إعلامية قادرة على المواكبة. 

الجريدة الرسمية