أثرياء الحرب.. ظاهرة عرفتها مصر في الحرب العالمية الثانية.. والأزمة الروسية الأوكرانية تعيدهم للمشهد
هي الحرب التي تُعمي الأبصار وتُميت الضمائر، ليس في موطنها فحسب بل في كل أرض، ووسط ركام البيوت المُهدمة وغبار الصواريخ في السماء، فإن هناك فئات لا تكترث ويكون كل همّها جمع الأموال مستغلين تعثر طرق التجارة العالمية وندرة السلع.
ورغم أن في مصر لم يحدث أي شيء من هذا، فلا ندرة سلع أو انخفاض للمخزون الاستراتيجي، لكن الأسعار شهدت ارتفاع في عدة سلع أبرزهم الخبز السياحي واللحوم، لتظهر من جديدة ظاهرة "أثرياء الحرب" الذين يصنعون ثرواتهم على حساب المواطن مستغلين الخراب.
الحرب العالمية الثانية
ولعل ظاهرة أثرياء الحرب ليس جديدة على مصر، ففي أثناء الحرب العالمية الثانية التي بدأت أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، شهدت مصر حالة مماثلة حين استغل التجارة شّح السلع فقاموا بتخزينها ورفعوا أسعارها بعد ذلك ليحيا المواطنين بين نارين "الرصاص والغلاء".
استفحال الظاهرة وقتها دفع السينما المصرية التي لم تكن تغادر القصور المخملية في أربعينيات القرن الماضي، إلى تناول الأمر من خلال أفلام مثل "السوق السوداء" للنجم الراحل عماد حمدي، والذي تناول فيه كيف يتم الاستغلال وتخزين البضائع وكيف كانت نهاية هؤلاء التجّار بثورة جياع قضت عليهم جميعًا.
فيلم "غني حرب" للنجم الراحل بشارة وكيم، كان هو الآخر أحد الأوجه التي تناولتها السينما لأثرياء الحرب، وكيف يضيعّون ثرواتهم في الملذات على حسب آلام الناس وجراحهم.
الرقابة غائبة
المثير إنه في أفلام الأربعينيات كان من الواضح أن السلطات الرقابية والتفتيشية على الباعة والتجّار عاجزة تمامًا، وهو ما دفع الأهالي إلى أخذ حقهم بأيديهم، وهو ما يبدوا مستمر حتى تلك اللحظة.
التاريخ يعيد نفسه
ولأن التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة كمأساة والثانية كمهزلة، فبمجرد إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية نهاية الشهر الماضي، بدا أن أثرياء الحرب على وشك العودة من جديد إلى صدارة المشهد، خاصة أن الدولتان المتصارعان يعدّان سلة غذاء العالم، ومنهما تستورد مصر نسبة لا بأس بها من القمح والزيوت، ناهيك أن إغلاق المجالات الجوية أدى إلى رفع أسعار النفط ما أثر بدوره على أسعار السلع.
ورقغم أن مخزون مصر الاستراتيجي يكفي لعدة أشهر مقبلة حسب تصريح وزير التموين، ما يعني أننا لم نستورد بعد، لكن عدد مت أثرياء الحرب الجدد، استغلوا الأزمة ورفعوا الأسعار وتسببوا في شكاوي الناس، وهو ما دفع جهاز حماية المستهلك إلى مناشدة المواطنين التواصل معه لردع أي محتكر للسلع.