د. هدى أبو رميلة: التضخم وانخفاض قوة الجنيه أحد أخطر تداعيات أحداث أوكرانيا على مصر | حوار
استمرار الأزمة فى أوكرانيا قد يتسبب في زيادة الاقتراض من جانب مصر
كشفت الدكتورة هدى أبو رميلة أستاذ الاقتصاد بجامعة الأهرام الكندية أن أي حرب لا بد أن يكون لها تداعيات وتأثيرات اقتصادية ليس على الطرفين المتحاربين وإنما على دول الجوار والدول المرتبطة معهم بعلاقات تجارية.
مؤكدة فى حوار لـ "فيتو" أن الحرب الروسية الأوكرانية لو استمرت طويلا فسوف يكون لها مردود اقتصادي سيئ بطبيعة الحال.
وأكدت مصر لديها مخزون استراتيجى كاف وموسم حصاد القمح اقترب، وبالتالى يجب عدم الخوف من إطالة الحرب الروسية الأوكرانية وإن كان محدودو الدخل هم الذين يتأثرون نتيجة رفع أسعارها.. وغيرها من الحقائق التى كشفتها فى سطور هذا الحوار:
**فى البداية نريد التعرف على التأثير الاقتصادى للحرب الروسية الأوكرانية على مصر؟
*بالتأكيد الحرب الروسية الأوكرانية سيكون لها تأثير اقتصادى على مصر، فنحن لدينا مخزون إستراتيجى كافٍ من القمح يكفى لمدة 6 أشهر، كونه سلعة غاية فى الإستراتيجية أولًا.
وثانيًا لأننا مررنا بأزمة مخزونات إستراتيجية من قبل ونعرف كيفية التعامل معها، وإذا استمرت الحرب لأكثر من ذلك فيوجد وقت كافٍ لإيجاد بدائل بدون الدخول فى أزمة نقص وإن كان اعتدال المناخ فى مصر هذا العام سيزيد من حجم محصول القمح، والذى سيبدأ موسم الحصاد خلال شهر ويستمر حتى منتصف العام، خاصة أن الحكومة تحوطت ضد أزمة القمح العالمية، ورفعت أسعار شرائه من المزارعين محليا بنسبة 15% لتشجيعهم على الزراعة.
بالإضافة إلى أن اعتدال المناخ لزراعة القمح زاد من حجم الإنتاج، مما يقلل احتياجات مصر من القمح المستورد، والتى تصل إلى 40% من الاحتياجات المحلية.
ويكفى المخزون الإستراتيجى المصرى من القمح فى الوقت الحالى 5 أشهر، واعتبارا من 15 أبريل المقبل سيتم ضم الإنتاج المحلى من القمح ليكون الإجمالى لمدة 9 أشهر.
* وما الفواتير الحتمية للصراع الجيوسياسى الروسى الأوكرانى؟
*من الطبيعى أن أي حرب يكون لها فواتير خاصة من الناحية الاقتصادية، خاصة أن الصراع جاء فى أعقاب الركود الحاد الذى عانى منه الاقتصاد العالمى والمحلى منذ بداية عام 2019 إلى أواخر 2021 اثر جائحة كوفيد وتبعاتها التى أثرت بشكل كبير على متوسطى ومحدودى الدخل فى جميع أنحاء العالم وليس مصر فقط.
وما لبث العالم يستشعر بوادر تعافى حتى فوجئ بتأجج التوترات الجيوسياسية بين الناتو وروسيا على طول الحدود الأوكرانية والتى تنذر بمخاطر اقتصادية ثقيلة العبء على ذات الطبقة بشكل أكبر.
*وماهى تداعيات هذه الحرب على الاقتصاد المصرى؟
هذه التداعيات الخطيرة تؤثر فى جوانب الاقتصاد المصرى وعلاقته بالاقتصاد الدولى وامتداد تأثيرها على السلام والاستقرار الاجتماعى الناتج من تأثيرها على طبقة متوسطى ومحدودى الدخل والفقراء بشكل خاص على أن أخطر هذه التداعيات هى ارتفاع معدلات التضخم العام وانخفاض القوى الشرائية للجنيه المصرى.
وطبقا لبيانات الجهاز المركزى المصرى للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع تضخم أسعار المستهلكين بالمدن إلى 7.3% فى ينايرمن 5.9% فى ديسمبر.
وترجع أسباب هذا الصعود إلى ارتفاع أسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 14.7%، ومجموعة الخضروات بنسبة 4.3%، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.5%، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 2.3%، ومجموعة الحبوب والخبز بنسبة 2%، ومجموعة الزيوت والدهون بنسبة 0.5%.
وكذلك مجموعة الإيجار المحتسب للمسكن فقد ارتفعت بنسبة 0.5%، ومجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة 0.2%، ومجموعة السلع والخدمات المستخدمة فى صيانة المنزل بنسبة 0.6%، ومجموعة خدمات مرضى العيادات الخارجية بنسبة 1.1%، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 0.5%، ومجموعة المنتجات والأجهزة والمعدات الطبية.
*وهل يمكن القول إن ارتفاع سعر رغيف الخبز السياحى يوم السبت الماضى أحد نتائج الحرب الروسية الأوكرانية ؟
أعتقد أن الأعباء على الموازنة العامة سوف تزيد لارتفاع سعر الحبوب، فقبل أزمة روسيا وأوكرانيا كان يبلغ دعم الخبز والتموين بالموازنة العامة للدولة للعام المالى الحالى 87 مليار جنيه فيما تبلغ اعتمادات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بالموازنة نحو 323 مليار جنيه.
ومن المتوقع أن ارتفاع دعم الخبز والتموين، مدفوعا بارتفاع تكلفة استيراد الحبوب والزيت مما يشكل عبئا إضافيا على مخصصات الإنفاق الحكومى، ونقص المواد الخام وارتفاع تكاليف ومدخلات الإنتاج الأساسية سيساهم فى اشتعال الموجة التضخمية، وقد ارتفعت بالفعل أسعار النفط والغاز والذهب والنيكل والصلب بالنسبة للنفط مستمر فى الارتفاع، حيث اخترق سعر الـ100 دولار للبرميل
**وما التداعيات التى يمكن أن تترتب على فوائد الدين الخارجى والداخلى نتيجة هذه الأزمة؟
*بالفعل هناك تداعيات مثل ارتفاع تكلفة فوائد الدين الخارجى والداخلى، خاصة أن الموازنة العامة تعانى من فجوة تمويلية تقدر بـ64 مليار دولار، ورغم نجاح الحكومة المصرية في الوفاء بما عليها من التزامات واستحقاقات فى مواعيدها إلا أن اشتعال التوترات الجيوسياسية سيؤدى إلى اللجوء إلى الاقتراض لسد العجز الناتج من ارتفاع مخصصات الإنفاق العام، والناتج من ارتفاع تكلفة الإنتاج اللازمة لاكتمال المشروعات القومية والبنية التحتية.
وكذلك ارتفاع مخصصات الدعم الناتج من ارتفاع فاتورة الغذاء المستورد من الحبوب وارتفاع الأسعار العالمية مما سيمثل تحديًا كبيرًا أمام الموازنة العامة للدولة.
خاصة أن معدلات الدين الخارجى تجاوزت 35% من الناتج المحلى الإجمالى فى السنتين الماليتين 2021 و2022، والتى تعود إلى جائحة كورونا التى جعلت الأسواق الناشئة كافة تتجه لزيادة الاستدانة.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"