ازدواجية الغرب في الحرب الروسية
جو بايدن الذي صوت قبل قرابة العشرين عامًا مؤيدًا الغزو الأمريكي للعراق ليشارك بذلك في قتل وتشريد وتجويع وتعذيب ملايين الأبرياء العرب ونهب ثرواتهم تحت مبرر تحرير الشعوب ونشر الديمقراطية الأمريكية المزعومة، لا يستطيع الآن، بعد أن أصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، أن يلوح بالتدخل عسكريًا في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، فشعارات الحرية وحقوق الإنسان وإرسال الجيوش للدفاع عنها يصدرها الأمريكان فحسب للشعوب الضعيفة والدول النامية أما الدول التي تمتلك جيوشًا يهابها الجميع فلا مجال لترديد هذه الشعارات في مواجهتها، وهو ما أكدته الحرب بإنه لا احترام في العالم للضعفاء.
الحرب الروسية الأوكرانية فرصة قد لا تتكرر لكشف تناقضات العالم الغربي المتحضر الذي يرفض ابتلاع روسيا لأوكرانيا لكنه يتسامح دائمًا مع ابتلاع أمريكا والغرب للدول العربية غزوًا تارة، ونهبًا لثرواتها وتفكيكًا لدولها الوطنية ودعمًا للنزاعات الأهلية بداخلها تارة أخرى.
حتى الرياضة لم تسلم من تلك التناقضات، ورغم إنني أرفض تمامًا الخلط بين الرياضة والسياسة، لكنني أيضًا ضد الكيل بمكيالين في الاتحادات الرياضية الدولية التى ثارت قبل سنوات ضد اللاعب المصري محمد أبو تريكة بعد إعلانه تضامنه مع غزة في أحد المباريات، مثلما عاقب الاتحاد الأسباني النجم المالي كانوتيه، مهاجم نادي إشبيلية، بعد كشفه عن قميص عليه كلمة "فلسطين"..
وهي عادة غربية تقضي بمعاقبة أي رياضي عربي أو دولي يعلن تضامنه مع فلسطين تأكيدًا لمبدأ الفصل بين السياسة والرياضة، ولكن بمجرد أن طالت الحرب أوروبا وجدنا الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ومعه الفيفا يتخذا قرارهما باستبعاد المنتخب الروسي وجميع الأندية الروسية من المشاركة في جميع المسابقات الأوروبية والعالمية (بما فيها كأس العالم) ولأجل غير مسمى وهي القرارات التي تؤكد كذب وازدواجية العالم المتحضر الذي يردد شعارات فصل الرياضة عن السياسة لكنه لا يطبقها إلا وفق أهوائه واعتباراته ومصالحه.