أدلة تكريم المرأة في الإسلام.. ذمتها مستقلة.. ولها أن تبرم العقود والمعاملات
لا تزال الدعوة التى أطلقها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف حول إحياء فتوى "الكد والسعاية" تلقى بظلالها على الرأى العام المصرى وبين المهتمين بقضايا المرأة والأوساط الدينية والمثقفين، بين مؤيد ومعارض لتلك الفتوى التى طالب "الطيب" بإحيائها من جديد واستعادتها من قلب التراث الإسلامى من أجل حفظ حقوق المرأة العاملة.
وفى إطار حديث شيخ الأزهر عن تلك الدعوة أكد الإمام الأكبر أن التراث الإسلامى غنى بمعالجات لقضايا شتى، إذا تأملناها سنقف على مدى غزارة وعمق هذا التراث، وحرص الشريعة الإسلامية على صون حقوق المرأة وكفالة كل ما من شأنه حفظ كرامتها.
"فيتو" بدورها انطلقت من حديث شيخ الأزهر عن موقف التراث الإسلامى من إنصاف المرأة ومعالجته لعدد من القضايا الهامة التى تنصف المرأة، وفتحت باب "الفتاوى المهجورة" التى تنصف المرأة والتى وردت فى التراث الإسلامى وربما لا يعلم عنها الكثيرين أي شيء.
تكريم المرأة
من جانبها.. أكدت الدكتورة فتحية الحنفى، أستاذ الفقه فى جامعة الأزهر الشريف، أن الإسلام كرم المرأة وسبق كل الحضارات فى ذلك، وجعل للمرأة حقوقًا نص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، وأن من الفتاوى المهجورة فى هذا الشأن هو أن الزوجة إذا كانت تعيش فى بيت أهلها فى حالة ميسورة وكان لديها خادمة فيجب على من يتزوج بها أن يوفر لها خادمة بعد الزواج؛ لأنها غير مطالبة بخدمة الزوج.
وإنما تقوم بذلك من باب التفضل والتكرم منها، ومن باب السكن والرحمة بينها وبين زوجها، كما أنها ليست مسئولة عن خدمة أهل زوجها ولا يصح للزوج أن يكلفها بهذا الأمر، وهذا الأمر منصوص عليه فى القرآن الكريم حيث قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، وأن العلماء استدلوا من ذلك أن ألفة والمودة والرحمة لا تكون إلا فى بيتها المنفصل وفى الوقت الراهن نرى العديد من الأزواج يفرض على زوجته أن تقوم بخدمة أهلة ويترتب على هذه المواقف فى كثير من الأحيان زيادة الخلافات الزوجية والأسرية وقد يؤدى ذلك إلى الطلاق.
جهاز العروسة
وأضافت "الحنفي" فى تصريحات خاصة لـ "فيتو": من الفتاوى المهجورة أيضًا وتنصف المرأة هو أنها ليست مطالبة فى الشرع بما يسمى بالـ"جهاز" الخاص بالعروسة عند زواجها، وأن المسئول عن النفقة عليها هو الزوج، كما أنه من الفتاوى المهجورة هو أن الرجل إذا طلق زوجته طلاقًا رجعيًّا فى الشريعة الإسلامية توجب على المرأة ألا تترك بيت زوجها كما يحدث فى هذه الأيام، لأن آثار الزوجية بينها وبين زوجها موجودة، وله أن يراجعها فى أي وقت، سواء صرح بذلك بالقول أو الفعل.
والحكمة الشرعية هنا أنه قد يحدث ألفة بينهم أو يراجع الطرفان أنفسهم فى عملية إنهاء العلاقة الزوجية، مشددة على أن المسائل السابقة تعد نماذج لمشكلات زوجية تؤدى إلى وقوع الطلاق وإنهاء الحياة الزوجية بين الزوجين بسبب عدم الإدراك لبعض القواعد والفتاوى الإسلامية المهجورة والتى ورد ذكرها فى التراث الإسلام.
من جانبه.. طالب الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن فى جامعة الأزهر بضرورة تسليط الضوء على واحدة من أهم القضايا المتعلقة بالمرأة، والتى أنصفها فيها التراث الإسلامى وفى نفس الوقت تتعرض للظلم فى الوقت الراهن وهى قضية "الأطفال المولودين خارج العلاقات الزوجية" الشرعية، مشيرًا إلى أنه يوجد الآلاف من الأطفال الذين يولدون خارج العلاقات الزوجية الشرعية وفى هذه الحالة يضطر والد تلك الفتاة التى تقع فى هذه الكارثة أن يسجل الطفل باسمه؛ تعاطفًا مع ابنته.
وهنا يكون الطفل فى السجلات الرسمية أخًا لأمه، أو أن تختار له اسما وهميا، وهذا واقع مؤسف منذ عقود طويلة وللأسف لم يتحرك أحد من أجل حل هذه الأزمة، مع أن حل هذه الأزمة قال به قدامى الصحابة والتابعين وموجود فى كتب التراث وهو منصف للمرأة، ومع الأسف الدول الغربية سبقتنا فى تطبيقه منذ أكثر من ثلاثين عام مثل فرنسا وإيطاليا، وهذا الحل هو أنه فى حال التوصل إلى آباء هؤلاء الأبناء المولودين خارج العلاقة الزوجية يتم إلزامهم بالإنفاق على هؤلاء الأطفال بالقوة كما لو كانوا أبناء شرعيين بالفعل، وأن الدول الغربية طبقت بالفعل هذا الحل وجعلت التحليل عن طريق الـDNA هو الطريقة للوصول ومعرفة آباء هؤلاء الأبناء.
التربية
وأضاف "الهلالي" فى تصريح خاص لـ"فيتو": هذا الرأى مع إنصافه للمرأة هنا وعدم تركها تتحمل مشقة تربية الولد المولد خارج العلاقة الزوجية وحدها إلا أنه غير معمول به فى فقهنا وواقعنا المعاصر وذلك بسبب أن القائمين على المؤسسات الدينية يرون أنه رأى ضعيف يجب عدم العمل به، وهذا من باب الوصاية الدينية الذى يمارس على الشعب، مؤكدًا أنه يجب على المؤسسات الدينية ورجال الدين عرض كافة الآراء العلمية فى كافة المسائل ويتم أخذ ما يتماشى منها مع مصلحة الناس.
مشيرا إلى أن الرأى الفقهى المعمول به فى الوقت الحاضر أن هذا الطفل يُنسب إلى أمه من الزنا ولا يُنسب إلى أبيه من الزنا، والمبرر الذى يقال هنا أننا نعرف أم الطفل ولا نعرف والده كما أنه لا يوجد فى الشريعة اعتراف بتحليل الـ "DNA" كدليل من أدلة النسب.
وفى سياق متصل أكد الدكتور محمد إبراهيم العشماوى، أستاذ الحديث فى جامعة الأزهر، أن الشريعة الإسلامية منحت المرأة من التشريعات مالم يعطها أي تشريعات أو قوانين أخرى طبقت فيما بعد سواء على المستوى المحلى أو الدولى، ومن الفتاوى المهجورة التى ذكرت فى تراثنا فى هذه الحالة أن المرأة لها ذمة مالية مستقلة، وأن مالها حق لها وحدها.
وفى النظام الحديث أن المرأة تساعد الرجل فى أمور الحياة وقواعد الشرع تقول إنها إن فعلت ذلك فهو من باب التبرع والتطوع لكن لو أردت أن تأخذ حقها فلها كذلك وهذا لا يحتاج إلى فتوى لأن النظام العام فى الإسلام أن كل من عمل شيء فله ثمرته حتى وأن لم تكن هناك فتوى عن سيدنا عمر أو رأى من فقيه وأن مسألة التشريعات والأحكام القضائية الملزمة هى من تجعل الناس تلتزم بإعطاء الحقوق للعباد.
وأضاف "العشماوي" فى تصريحات خاصة لـ"فيتو" أن فى عهد سيدنا عمر حدث العديد من المواقف والفتاوى المجهورة حاليًا، وذلك لأنه كان رائدًا فى السياسة الشرعية وهى الأمور التى يقوم بها الحاكم حين يتعذر عليه نص تشريعى من القرآن والسنة فيصدر حكم أو تشريعًا لمصلحة المسلمين وهو أمر موكول لولى الأمر بالتشاور مع أهل الحل والعقد فى كل مجال، فينظر ما يصلح للدين ويقوم به، وهو ما يتوافق مع قاعدة: "أينما وُجدت المصلحة فثمَّ شرع الله"، وعلى سبيل المثال فهو الذى سنَّ قرارًا قبل ذلك بعدم تحديد المهر الخاص بالزوجة.
وذلك حينما وقف يخطب على المنبر فنادى فى الناس بعدم المغالاة فى المهور، فجاءته امرأة، واعترضت عليه وقالت له: "أيعطينا الله وتمنعنا يا عمر؟"، وذكرت قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20] وبالفعل رضخ سيدنا عمر واقتنع برأى السيدة ورجع في رأيه فى مسألة المغالاة فى المهور ورأى أنها أمر خاص بحالة كل زوج.
ذمة المرأة
وأوضح أستاذ الحديث فى جامعة الأزهر أن من الفتاوى المهجورة فى هذا الأمر هو أن أي أموال تنفقها المرأة مع زوجها إذا لم يكن من باب الإحسان والتبرع والتطوع فلها أن تأخذها؛ لأنها حسب الشريعة الإسلامية لا يجب عليها الإنفاق على البيت، وفى نفس الوقت يجب عليها ألا تطالب الزوج بما هو فوق طاقته، لأن الإسلام كما لم يلزمها بالإنفاق على البيت، فإنه لم يلزم الزوج أيضًا بما هو فوق طاقته، كما أن من الفتاوى المهجورة عدم وجود أمر يلزم المرأة أن تجهز نفسها قبل زواجها كما يحدث الآن.
ولكن وبما أن هذا الأمر أصبح مستحدثًا، وأصبح عرفًا وتم الاتفاق عليه فهو أمر لا شيء فيه، لافتا إلى أن من الفتاوى المهجورة فى هذا الأمر أيضًا هو إنصاف المرأة فى عدم تطليقها بسبب "سوء" خلقها فالنبى -صلى الله عليه وسلم قال: "استمعوا بهن على عوج"، وهذا أمر طبيعة فطرها الله عليها وفطرة الله لا تعاب وهذا العوج مقتضى العاطفة.
واستطرد: من الفتاوى المهجورة فى هذا الأمر هو أن الشريعة الإسلامية لم تلزم الزوجة على وجه الإلزام بخدمة زوجها وهو من باب أن الشريعة الإسلامية تركت مثل هذه الأمور إلى الفطرة السليمة، والأمر هنا لا يحتاج إلى نص شرعى، كما أن من الفتاوى المهجورة هو أن المرأة يجوز أن تكون ولية فى عقود الزواج، والمعاملات واستدل على ذلك الأحناف من أن السيدة عائشة كانت تعقد الزواج لبعض بنات إخوتها الذكور.
كما أن المرأة يمكن لها أن تبيع وأن تشترى كما تشاء وأن تتولى الشئون الإدارية، وكل هذا يدل على أن نظرة الشريعة للمرأة أنه كائن محترم له خصوصيته واحترامه وذمته المالية المستقلة.
ومن جانبه أكد الدكتور بكر زكى عوض، عميد كلية أصول الدين السابق فى جامعة الأزهر، ومؤلف كتاب "التراث بين التقدير والتقديس" أن هناك حالة من غياب العلم بالعديد من نصوص القرآن الكريم التى ساوت بين الرجل والمرأة فى كثير من المواضع مثل قوله تعالى " أن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات" وكذلك الحال فى العلاقات الزوجية والتى وردت فى قوله تعالى "ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف" والمساواة فى قبول الأعمال الصالحة حيث قال تعالى: " فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى" بجانب الثناء على كثير من النساء فى النص القرآنى مثل ثناء القرآن على أم موسى وعلى السيدة مريم وعلى آسية.
فكل هذا يعد من ضروب إنصاف المرأة فى وقت لم يكن مثل ذلك متوفرًا فى الكتب الأخرى، بل إن ما ورد فى حق السيدة مريم القرآن لم يرد مثله فى التوراة أو الإنجيل وكذلك فى عدد من المواطن وجدنا أن السنة النبوية المطهرة تثنى على بعض النساء فى مواطن عدة سواء فيما يتعلق بالمشورة وإبداء الرأى مثل صلح الحديبية، أو فيما يتعلق بالمواقف المشهودة مثل حديث الرسول عن السيدة خديجة بعد وفاتها.
وأشار إلى أن من فتاوى المهجورة فى التراث الإسلامى هو التساوى فى الأجر مع توفر البدائل فى حال استعصاء الفرض الأول، وذلك حينما ورد النساء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم- وقالوا له نرى أن الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ وفى رواية أخرى سبقنا الرجال إلى الجهاد، ووجدنا أن القرآن الكريم والسنة النبوية تفتح أبوابا لتستوى المراة مع الرجل فى الأجر وأن قامت بأقل مما يقوم به الرجل فى الظاهر فنجد قوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}، ونجد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول إن طاعة الزوجة لزوجها أفضل أنواع الجهاد.
وهذا يأتى ضمن الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التى تؤكد أن الرجل والمرأة سواء فى نظر الشريعة الإسلامية، لافتا إلى أن بعض أجزاء الآيات التى تفصل عن السياق لا يجب أن نجعلها أحكام عامة، فنجد أن بعض الخطباء فى مواقف كثيرة يقول مثلا إن المولى عز وجل وجل حينما وصف كيد الشيطان قال فيه: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} لكنه وصف كيد النساء بقوله: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}، ونجدهم يدعون أن هذه قاعدة عامة وهذا أمر لا يجوز لكن هذا الوصف هو حكاية حال لقصة وقعت والذى قالها هو شاهد الحق فى قصة سيدنا يوسف والخطاب هنا لا يراد به جنس النساء وإنما يراد به التعظيم باعتبارها امرأة العزيز ولا يجب أن نجعل ذلك حكمًا عاما على كافة النساء، فهذا يعد من باب عدم إنصاف المرأة نتيجة فهم خاطئ للنص القرآنى الذى يكون هنا مقطوع من سياقه.
القوامة
وأوضح عميد كلية أصول الدين السابق، أن من الفهم الخاطئ لأحكام النساء فى القرآن أيضًا هو ما جاء فى قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا} فالعلماء قالوا إن المراد بقوامة الرجل على المرأة هو رعاية شئونها والاهتمام بشئونها وتدبير أموالها، وفى هذه الحالة وهو إذا تعرضت لمكروه وكان يزود عنها ويقاتل دونها ويُقتل دونها، فإذا اعتدى عليها أحد يجب على الرجل أن يدافع عنها فإن قتل فى هذه الحالة فهو شهيد.
وهذا يدل على سمو المرأة وعلوها إلى الحد الذى تبذل النفس من أجل صيانتها ورعايتها وعنايتها، مشيرًا إلى أن ما يؤخذ من الحديث أن النساء ناقصات عقل ودين فهذا الحديث من باب المدح وليس زم، لأن النبى - صلى الله عليه وسلم- قال للنساء: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل من إحداكن"، أي أن المرأة لها من القدرة العقلية والمؤثرات النفسية ما تستطيع به أن تغلب به أشد الرجال حكمة وسياسة، وأن ما يقال إن الإسلام جعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فى موضعى القصاص والدين وهذا مردود عليه أن ذلك جاء لسببين، أولهما: أن المرأة بحكم فطرتها وتكوينها لا تستطيع أن تثبت لتشهد الموقف الدموى مثل القتل أو إزهاق النفس الذى يحدث كاملًا.
ولأن أيضًا أن المرأة وقت نزول الآيات كانت بعيدة بنسبة كبيرة عن التعاملات المالية المباشرة وكانت تولى الرجال فى ذلك وكان علمها فى المعاملات المالية عن طريق السماع، ومن أوضح الأمثلة على ذلك أننا لم نسمع أن السيدة خديجة -رضى الله عنها- خرجت للتجارة بنفسها وكانت تستأجر الرجال لذلك قبل أن تتعامل مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وأكد "زكي" أن الأصل التشريعى المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة فيه إنصاف للمرأة وأن ما كتب حول هذين الأصلين فإنه يعرض على القرآن والسنة وما كان حسنًا أخذناه وكان دون ذلك رفضناه، ويجب أن نعلم أن ليس التراث كله مقدس أو أن كله مذموم، كما يجب الاعتراف أن بعض القدامى كتب فى حق المرأة ما لا يُقبل وهو فى هذا يكون متأثر بالبيئة التى ولد فيها أو بالثقافة التى أحاطت به أو بالوقائع المعنية التى شادها بعينة فكتب متأثرًا بهذا، وفي نفس الوقت يجب أن نعلم أن الأمة الإسلامية تفضل سائر الأمم بسعة تراثها واتساعه وهو ما لم يتوفر لأى أمة سابقة.
كما أن هذا التراث يعد تأصيلا للتاريخ الإسلامى منذ البعثة حتى يومنا هذا وعندما أقوم باستبعاده فإننى أقوم باستبعاد التاريخ الإسلامى ذاته، ويجب أن نتعامل معه مثل الرزق الذى يسوقه الله إلى الفلاحين من غلال وغيرها حيث كانوا قديمًا بعد جمع المحصول يقومون بفصل الحب الجيد عن الآخر غير الجيد من الحصى وغيره ونحن نحتاج إلى أن نتعامل مع التراث بنفس المنطق وننقيه من الشوائب، مطالبُا بألا يكتب مؤلف كتابًا يضمنه بأحد أساطير الإسرائيليات والخرافات إلا فى حالة واحد وهى التعليم داخل دور التدريس ولا يسمع أن نقل ذلك إلى المجتمع، كما أن نحتاج إلى إعادة النظر فى التراث من حيث التنقية ونعيد طبع تلك الكتب مع عمل تخريج لكافة الأدلة والأسانيد الموجودة به.
نقلًا عن العدد الورقي…،