الاحتفال باليوم العالمي للحماية المدنية.. والداخلية العرب: الكوارث تتسبب في نزوح 25 مليون شخص سنويا
تشارك الدول العربية في اليوم الأول من شهر مارس من كل عام، مختلف مكونات المجتمع الدولي الاحتفال باليوم العالمي للحماية المدنية (الدفاع المدني)، والذي يعد احتفاء بذكرى غالية وتجدد متواصل لعهد إنساني نبيل، ومناسبة للتنويه والإشادة بالخدمات والتضحيات الجليلة التي يقوم بها أفراد ومنتسبي أجهزة الحماية المدنية (الدفاع المدني)، ولنشر وتعميم مبادئ ومفاهيم الثقافة الوقائية لدى المواطنين.
ويتم الاحتفال باليوم العالمي للحماية المدنية (الدفاع المدني) هذا العام تحت شعار "الحماية المدنية وتدبير النزوح الناجم عن الكوارث والأزمات"، للتأكيد على أن مواجهة الكوارث والحد من تأثيراتها وتداعياتها، تستلزم تبني مقاربة تشاركية تضم جميع المتدخلين والفاعلين للتعامل مع هذه الحوادث، وضرورة التفكير بشكل جماعي في تدبير فعال وناجع لهذه الأخطار ضمن منظومة مؤسسات وهيئات وطنية، والتنويه أيضا بأن التكامل والتكافل في الخدمات التي تقدمها الحماية المدنية (الدفاع المدني) بالتعاون والتنسيق مع باقي الأجهزة، بات من الأولويات لضمان تدبير أفضل لعمليات مواجهة الكوارث والحد منها.
وقال الدكتور محمد بن علي كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بمناسبة اليوم العالمي للحماية المدنية (الدفاع المدني)، ويأتي هذا الاختيار تماشيا مع أهداف إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث، والذي يتضمن عددا من التدابير المتعلقة بالتنقل البشري والنزوح والإخلاء وإعادة التوطين، في سياق تعزيز إدارة مخاطر الكوارث والاستثمار في المرونة والاستعداد.
وتشير الإحصائيات إلى أن الكوارث في الوقت الحالي تؤدي إلى نزوح حوالي 25 مليون شخص كل عام، إذ يضطر الناس أو يجبرون على مغادرة منازلهم أو أماكن إقامتهم المعتادة، نتيجة لكارثة ما أو لتجنب أثر خطر طبيعي فوري وداهم.
ومن المتوقع أن تؤدي الأحداث المناخية القاسية والمتواترة (خاصة في الدول النامية) وعوامل الخطر الأخرى مثل النمو الحضري السريع وغير المخطط له والنمو السكاني والفقر والصراعات وعدم تطبيق مبادئ الحكم الرشيد والتدهور البيئي إلى تغذية ظاهرة النزوح الطوعي أو القسري وإلى زيادة حاجات المتضررين.
إن النزوح الناجم عن الكوارث يعطل الأسرة والمجتمع، ويدمر سبل العيش ويخلق البطالة ويقلل من الوصول إلى الخدمات الأساسية، فهو يقطع التعليم ويخلف آثارا إنسانية وخيمة وعواقب اجتماعية وصحية واقتصادية وثقافية وإدارية وقانونية، كما يمكن للنزوح أن يجعل نقاط الضعف الموجودة مسبقًا أسوأ، ويخلق مخاطر جديدة، مثل التدهور البيئي في المجتمعات المضيفة التي يلجأ إليها النازحون.
وتتطلب الاستجابة الشاملة لتعزيز قدرة الأشخاص النازحين بسبب الكوارث، ومساعدتهم على التوصل إلى حلول دائمة في مرحلة ما بعد الكارثة، والحد من مخاطر النزوح مستقبلا، التعاون بين مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة في مختلف المجالات، بما في ذلك أجهزة التخطيط الحضري والخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية وإدارة الهجرة وحقوق الإنسان وتغير المناخ وحماية البيئة.
وإزاء هذه الأخطار، كان لا بد من اتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة بتفادي وقوع تلك الحوادث - إن أمكن - والتي تؤدي إلى هذا النزوح والحراك البشري، والتخفيف من آثارها إلى أدنى حد في حالة حدوثها، وذلك بتفعيل وتنفيذ البرامج والخطط الشاملة المعدة من قبل الأجهزة المختصة، والتي تنبني على ثلاثة محاور رئيسية: الاستعداد والمعالجة وإزالة الآثار وإعادة البناء.
وقد لقي موضوع النزوح الناجم عن الكوارث وكذا أهمية التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات ذات العلاقة من أجهزة وهيئات وقطاع خاص ومتطوعين من أجل مواجهة الكوارث والحد من آثارها، اهتماما بالغا من قبل مجلس وزراء الداخلية العرب، انطلاقا من حرصه الدؤوب والمتواصل على توطيد مفهوم الشراكة المجتمعية وضمان مستلزمات الحماية الذاتية ومبادئ الثقافة الوقائية، سعيا وراء أمن وطمأنينة المواطن العربي.
وفي هذا الإطار، ما فتئت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تحث من خلال التوصيات والبيانات والقرارات الصادرة عن المؤتمرات والاجتماعات والملتقيات التي تعقد في نطاقها أو التي تشارك فيها، ومن خلال مضامين ومحاور الاستراتيجية العربية للحماية المدنية (الدفاع المدني) التي تم تحديثها عام 2016م وخططها المرحلية، والخطة العربية للحماية المدنية (الدفاع المدني)، والخطة النموذجية لمواجهة الكوارث التي تضمنت الإجراءات والتعليمات الواجب التقيد بها عند حدوث كارثة ما، والدراسات والبحوث وكذا المواد الإعلامية والمطويات والكتيبات التي تنجزها وتعدها بشكل دوري، مختلف المؤسسات والأجهزة ذات الصلة في الدول الأعضاء إلى مواجهة الكوارث بمشاركة الجميع، في إطار من التعاون والتنسيق وحسن التدبير، وبكل الإمكانيات والموارد المتاحة، والعمل على زيادة الوعي بمفهوم وتدابير الحماية المدنية وأهدافها لدى المواطنين، وترسيخ نظرية الحماية الذاتية لديهم وإشراكهم الفعلي في تحقيق هذه الغايات.
وعلى سبيل المثال، تم طرح ومناقشة "تصور عن دور أجهزة الحماية المدنية (الدفاع المدني) في تنفيذ إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث 2015 - 2030 م" خلال أعمال المؤتمر العربي الـ(17) للحماية المدنية (الدفاع المدني) الذي انعقد في مدينة مراكش خلال الفترة 11-12/9/2019م، وكذا عرض لتجارب الدول الأعضاء في إدارة وتسيير مخيمات اللاجئين في العالم العربي خلال انعقاد الملتقى الثالث لرؤساء أجهزة الحماية المدنية (الدفاع المدني) ورؤساء جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر في الدول العربية الذي انعقد بتونس في الفترة 11-12/10/2017م.
كما لا تألو الأمانة العامة للمجلس جهدا في حث الجهات المسؤولة في الدول العربية إلى ضرورة دعم أجهزة الحماية المدنية (الدفاع المدني) من خلال تزويدها بالعناصر الفنية والإدارية الكفؤة والمؤهلة، وتأمين كافة الوسائل والتقنيات الحديثة التي تساعدها على أداء مهامها على أكمل وجه.
ونغتنم هذه الفرصة، ونحن تحتفل باليوم العالمي للحماية المدنية (الدفاع المدني)، لدعوة وتشجيع الدول الأعضاء على الاحتفاء بهذه المناسبة، من خلال إقامة العديد من الأنشطة كإعداد وتوزيع الكتيبات الإرشادية وإجراء الندوات والحوارات الإذاعية والتلفزيونية ونشر المقالات الصحفية وتنظيم "أيام مفتوحة"، وعرض أفلام توعوية والقيام بمناورات وتمرينات وهمية لظروف وحالات وقوع الحوادث وعمليات التدخل للإنقاذ وتقديم الإسعافات، وزيارة المؤسسات التعليمية لتحسيس وتوعية الطلبة والتلاميذ وتعريفهم بطبيعة الأخطار وكيفية تفاديها والتعامل معها عند حدوثها.