هل تنجح روسيا في إسقاط النظام الدولي والقيم الغربية مع غزو أوكرانيا؟
لا يمكن إحصاء الخسائر التي ستتكبدها أوكرانيا ومن خلفها الغرب وأمريكا جراء الحرب التي أشعلتها روسيا رسميا عبر إعلان واضح قبل ساعات، ولا أحد يعرف متى ستنتهي، ولا إلى عواقب ستأخذ العالم، لكن ما سيخسره الغرب إن ظل على الحياد واكتفى بالعقوبات الاقتصادية التي تعرف روسيا كيف تتغلب عليها ـ معركة القيم الغربية ـ المتنازع عليها في إدارة النظام الدولي، منذ إنتهاء الحرب الباردة وتفكيك الاتحاد السوفيتي في تسعينات القرن الماضي.
تدمير قواعد النظام الدولي
من المعروف أن القيم الغربية هي التي تشكل النظام العالمي بشكل منفرد، وتحدد مبادئ القانون الدولي الذي يوجه ويدير العلاقات بين الدول في العالم منذ نهاية الحرب الباردة التي أقصت المعسكر السوفيتي، وتركت امريكا وحدها تتسيد العالم وتحكم بالقيم الغربية المنظومة الدولية.
ويعتبر الغزو الروسي تقويض واضح للنظام الدولي، والاستمرار في تنفيذ أهدافه للنهاية لن يمكن أوروبا والولايات المتحدة مرة آخرى من إلزام بقية العالم بالدفاع عن قواعد المنظومة الدولية الحاكمة للعلاقات بين بلدان العالم، فالتدخل العسكري بواسطة روسيا لإعادة ترسيم حدود دولة آخرى، والاستيلاء على أراضي بحجج تاريخية، يشكل تدميرا واضحا لأسس القانون الدولي.
انتهاك صريح لميثاق الأمم المتحدة
كما يعتبر الغزو الروسي انتهاكً صريح لميثاق الأمم المتحدة، فالثابت من سوابق القضايا التي حسمتها محكمة العدل الدولية، أن إعلانات الاستقلال أو الاستفتاء على الانفصال، لايُعترف بها إن كانت مرتبطة باستخدام غير قانوني أو تهديد باستخدام القوة.
وتشكل الحجج الروسية لاحتلال أوكرانيا حتى الآن نواة للمبادئ التي تريد موسكو البناء عليها، لإعادة توصيف البنود المتنازع عليها في القانون الدولي، ومنها حق الدفاع عن النفس، إذ تشرعن روسيا التدخل العسكري لحماية المتحدثين بالروسية في الشرق الأوكراني وحماية اختيارهم وهي ثغرة سيتم الاحتكام إليها لاحقا من المعسكر الموالي لروسيا في العالم، أو المعادي للقيم الغربية في حسم الكثير من نزاعاته الدولية بالقوة المسلحة بالمخالفة للقانون الدولي الذي يحدد قواعد مبدأ الدفاع عن النفس، ولا يمنحه للجماعات المسلحة التي تعمل بشكل غير قانوني ضد الحكومة الشرعية المنتخبة.
لكن نجاح روسيا في ضم شبه جزيرة القرم والآن اجتياح أوكرانيا بشكل كامل دون تحرك دولي، يعني انهيار منظومة القيم الغربية وتدمير الأسس التي قامت عليها، حتى إشعار آخر.
كانت القوات الروسية بدأت غزو أوكرانيا بشكل رسمي صباح اليوم، بسبب خلافهما على إقليمي دونيتسك ولوهانسك، من جهة ومحاولات كييف التوجه إلى الغرب والانضمام إلى حلف الناتو من جهة ثانية، حيث سمع دوي انفجارات في مناطق عديدة من أوكرانيا عقب وقت وجيز من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء عملية عسكرية شاملة واسعة النطاق في الأراضي الأوكرانية