حافظ إبراهيم.. 150 عامًا على ميلاد شاعر النيل
هو أشبه بالوعاء يتلقى الوحى من شعور الأمة وأحاسيسها ومؤثراتها فى نفسه، ليمتزج ذلك كله بشعوره وأحاسيسه فيأتى منه القول متدفقا بالشعور الذى يحس به كل مواطن أنه صدى لما فى نفسه، بهذه الكلمات وصف الشاعر جبران خليل جبران شخصية وهوية شاعر النيل حافظ إبراهيم الذى ولد فى مثل هذا اليوم عام 1872 ورحل عام 1932.
حافظ إبراهيم هو أحد مبدعي مصر العظماء لقب بشاعر النيل وشاعر الشعب، جعل مصر تتحدث عن نفسها وتباهى العالم وهى تقول (وقف الخلق ينظرون جميعا..كيف ابنى قواعد المجد وحدى،وبناة الاهرام فى سالف الدهر..كفونى الكلام عند التحدى، أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق..ودراته فرائد عقدى، إن مجدى فى الأوليات عريق..من له مثل أولياتى ومجدى، أنا إن قدر الإله مماتى.. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى، ما رمانى رام وراح سليما..من قديم عناية الله جندى ).
حفظ القران الكريم
ولد الشاعر حافظ إبراهيم بمدينة ديروط بأسيوط، بعد وفاة والده مهندس الرى ذهب مع أمه إلى بيت خاله فى طنطا مهندس الرى أيضا فتربى على النيل وتعلم فى الكتاب فحفظ اجزاء من القران الكريم وحفظ آلاف القصائد من الشعر القديم والحديث وقال عنه معاصروه أنه عندما كان يسمع قارئ القرآن فإنه يردد ما قاله المقرئ وبنفس الأداء والرواية التي سمعها بعد أن ينتهى القارئ لقدرته الفائقة على الحفظ عن ظهر قلب.
كان شعر حافظ إبراهيم أدبا رائعا وكلمات تحث النفوس على الخير والحب والأمل كلمات تدفع إلى النجاح والبناء، وشعره يترجم الواقع السياسى والاجتماعى والثقافى سواء كان مدحا أو نقدا..
كراهية الانجليز
عمل حافظ إبراهيم فى أكثر من وظيفة حكومية قبل أن يترأس القسم الأدبى بدار الكتب، وقيل إن أمير الشعراء حاول أن يجد له وظيفة كاتب بجريدة الأهرام لكنه فشل لميول صاحب الأهرام اللبنانى الجنسية الى الانجليز حتى أنه كان يخشى من شعر حافظ ابراهيم ضد الإنجليز متحاشيا سطوة المندوب الإنجليزي اللورد كرومر.
كتب حافظ إبراهيم ضد الإنجليز تعبيرا عن نهبهم البلاد يقول: يقتلنا بلا قيود.. ولا دية ولا رهب / ويمشى نحو رايته..فتحميه من العطب / فقل للفاخرين أما.. لهذا الفخر من سبب.
وكان مبذرا شديد الإسراف حتى إن العقاد قال عنه (مرتب سنة فى يد حافظ يساوى مرتب شهر) وقيل أنه كان يستأجر القطار كاملا ليوصله إلى حلوان حيث يسكن.
عاصر حافظ إبراهيم الشاعر أحمد شوقى وكان صديقا حميما له وكانا يتباريان الشعر وكان شوقى فيقول حافظ (ويقولون إن الشوق نار ولوعة.. فما بال شوقى اليوم أصبح باردا) فيرد عليه شوقى بقوله (استودعت إنسانا وكلبا أمانة.. فضيعها الإنسان والكلب حافظ ).
نوادر حافظ وشوقى
كما رثا أمير الشعراء صديقه شاعر النيل الذى رحل قبله بشهور قليلة بقوله (كنت أوثر أن تقول رثائى..يا منصف الموتى من الأحياء). ومن نوادر حافظ إبراهيم مع صديقه أمير الشعراء أحمد شوقى أن دعاه شوقى مع شاعر الأطلال إبراهيم ناجى على الغداء الذي كان عبارة عن القلقاس وتحدى الثلاثة بعض أن يكتبوا شعرا سريعا فى القلقاس، والاسرع هو الذى سيفتتح المائدة، وكان معروفا عن حافظ سرعة البديهة والفكاهة فارتجل سريعا (لو سألوك عن قلبى وما قاسى.. فقل قاسى وقل قاسى وقل قاسى).